الثقافة تتغير في العالم تصرفا وإدارة ..فهلا غيرنا من نظرتنا إليها ؟!
بقلم: رياض البوسليمي / كاتب وناشط ثقافي/ تونس
بات من الضروري اليوم في تونس العمل على تطوير طرق إدارة والتصرف في الأحداث والتظاهرات الثقافية والفنية نسجا على الاتجاهات الجديدة والمناهج المبتكرة في هذا الإطار وذلك حتى ترتقي إلى المستوى المطلوب وتحقق المرغوب لاسيما في الجهات الداخلية التي تفتقر إلى فعل ثقافي متطور ودائم وفي متناول كل المواطنين..
وقد كشفت طرق إعداد وتسيير المهرجانات الصيفية في ولاية جندوبة طيلة عقود ومنذ ثورة 2011، عن غياب رؤية لتطوير هذه التظاهرات الموسميّة بغض النظر عن الصعوبات التي تعاني منها والمتمثلة أساسا في نقص التمويل وشح الموارد المالية..وهي صعوبات تشترك فيها مع بقية جهات البلاد لاسيما الداخلية ولم تفلح نظريات اللامركزية الثقافية في الحد منها أو تجاوزها...
ففي كل مرة وقبل توقف المهرجانات جراء الجائحة العالمية، لا تعتمد اللجنة المنظمة على أسلوب جديد في الإدارة ولا في توزيع المهام بناء على التخصصات التي يحتاجها المهرجان ويتوقف عليها نجاحه من عدمه.. كالوساطة والاتصال والادارة الفنية أو الفريق الفني وغيرها من التخصصات التي لا غنى عنها اليوم من أجل كسب رهان الإشعاع والتميز والديمومة..علاوة على ضعف الرؤية والصياغة الإبداعية في مقابل تواصل "الكليشيات" والتقليد لما سبق من الدورات..كما تواصل البحث عما ينقذ المهرجان في "الوقت الإضافي" واللحظات الأخيرة..! علاوة على الإرتجال في البرمجة والتعويل على أناس من خارج القطاع والتصرف بطرق محافظة في الإتصال والإعلام وضعف المداخيل من بيع التذاكر..ومن الإستشهار..خلافا لما تنص عليه كراس شروط المهرجانات التي أعدتها وزارة الشؤون الثقافية.
ضف إلى ما سبق الإنغلاق والتعامل المحدود مع الفاعلين الثقافيين وتركز الرؤية وتمحورها حول المدير وتعنت في عدم تغيير أسلوب التسيير وربط المهرجان برؤية ذاتية مما يتناقض مع الأهداف الخصوصية والرؤية الموضوعية وهي ربط المهرجانات بالإستحقاقات الجهوية وميولات الجماهير وذاكرة المهرجان ..
عدم توجيه المهرجانات في سياق الإتجاهات الجديدة في آعتبار الثقافة أساسا للترابط والتلاحم الإجتماعي وتملك المكاسب الثقافية والترابط بين الأجيال من أجل تقوية الإنتماء والمشاركة في البناء الإجتماعي والتبادل الثقافي ..تواصل غياب تبني مشروع ثقافي واضح المعالم يبني للديمقراطية والحقوق الثقافية والتنوع والإختلاف والإنفتاح على أنماط ثقافية وفنية جديدة والتي من شأنها جعل المهرجان ملتقى للتبادل الثقافي وفضاء للتحرر من إكراهات الواقع ومن ضغوطات اليومي ونقطة إشعاع ضوئي من خلالها ترسل الجهة وبقية الجهات التونسية رسالة للعالم عن وجهها الحضاري العريق وتراثها الثقافي الإنساني مما يسهم في دفع الإستثمار وتحريك موضوع التنمية فيها.