وطني

نسبة الاستيراد للحبوب ستكون 93٪ : أية انعكاسات لاجراءات التمويل على واقع صغار الفلاحين ؟

الشعب نيوز / ناجح مبارك -  

* البنك الفلاحي لا يخصص الا 6٪ من حجم قروضه للقطاع

اقرت وزارة الفلاحة تمويل موسم الزراعات الكبرى لموسم 2022/2023 عبر قروض موسمية تقدّر بـ 89 مليون دينار من قبل البنك الوطني الفلاحي والبنك التونسي للتضامن، ناهيك عن تكفل الدولة بـ 3 نقاط من نسبة الفائدة وفقا للفصل 15 من قانون المالية لسنة 2023 .

* احتياجات متزايدة وتمويل محدود

و عن هذا الاجراء المالي أكد الخبير في السياسات الزراعية فوزي الزياني للشعب نيوز انه حل ترقيعي تقليدي لم يثبت ولو مرة جدواه حتى وإن طبقت "لا تسمن ولا تغني من جوع" ذلك انه منذ أكثر من عشر سنوات تونس تستورد احتياجاتها من الحبوب بمعدل 65% ،هذا الموسم الكارثي وطنيا باعتبار الجفاف سوف نستورد حوالي 93% من احتياجاتنا.

وأوضح "باعتبار أن الوضع هذا الموسم كارثي فإن الإجراءات لم ترتق الى انتظارات الفلاحين وصعوبة المرحلة وقد كان حريا بالدولة أن تعتمد على إجراءات أكثر نجاعة وجرأة، خاصة وأنّ الفلاحين يتكبدون الخسائر دون أن يحظوا بمساندة من الوزارة منذ أكثر من سنوات.

* قبول الحبوب وفق التسعيرة العالمية

وعن المقترحات اوضح رئيس جمعية تونس الزيتونة انه ثمة جملة من الإجراءات يمكن أن تنهض بالقطاع الفلاحي عامة وقطاع الحبوب خاصة، وتتمثل هذه الإجراءات أساسا في :

- قبول الحبوب وفقا للتسعيرة العالمية وجعلها مرجعا دائما.

- تمويل ميسر للفلاحين وتمكينهم من تسهيلات في الانتفاع بالقروض إلى جانب تسهيلات في الدفع مع العلم وأنّ البنوك لا تموّل القطاع الفلاحي إلاّ بنسب ضئيلة حتى أنّ البنك الوطني الفلاحي لا يخصص إلاّ 6 بالمائة من قيمة تمويله لقطاع الفلاحة.

وتجدر الاشارة أنّ المنتفعين بهذه النسبة الضئيلة هم أساسا أفراد لديهم إمكانات مالية كبيرة، لكّن صغار الفلاحين تطبّق عليهم شروط وضمانات مجحفة تعوقهم من الحصول عليها.

وفي هذا الصدد إقترح انشاء صندوق ضمانات حكومي تكون مهمته ضمان قروض صغار الفلاحين مما سيدفع الاستثمار.

- تسهيل الولوج إلى البذور المحلية والاعتماد عليها، نقطة مهمة في إصلاح منظومة الحبوب عن طريق خصّها بإدارة عامة، أو تدعيم مهام بنك الجينات، باعتبار أنّ البذور المحلية أثبتت جدواها وصمودها أمام التغيرات المناخية والاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة.

وعن سياسة الوزارة قال فوزي الزياني أن سياسة وزارة الفلاحة غير واضحة بالنسبة للبذور المحلية وللبقوليات، رغم أنها تعدّ أفضل من البذور الأجنبية، بالقياس إلى مردوديتها المرتفعة وإلى صمودها في الفترات الصعبة.

لابد اذا من الاعتماد على كل البذور والشتلات والغراسات المحلية، من أجل تحقيق الأمن الغذائي، بالإضافة إلى التشجيع على البحث العلمي لأنّه لا يحظى بالدعم الكافي.

* ضمان التداول الزراعي

كما اقترح تطوير منظومة البقوليات، لأنها زراعات ضرورية في تونس، لضمان التداول الزراعي كما أنه من الضروري أن يخصص ديوان الحبوب قسما من أقسامه لقبول البقوليات، لأنّ بعض الفلاحين ممن يزرعون البقوليات يعجزون عن ترويجها أو بيعها، خاصة وأنّ إيلاء الاهتمام لهذه الأصناف من شأنه أن يطوّر المنظومة الزراعية في البلاد وبالتالي يمكن أن نضمن زيادة الانتاجية.

- الاعتماد في المستقبل على زراعة الحبوب في المناطق السقوية لأن ذلك يساهم في رفع الانتاجية، خاصة وأنّه يوجد عديد المناطق السقوية في البلاد خارج الاستعمال أو مستعملة جزئيا  وبالتالي، فإنّ العمل على زراعة الحبوب في المناطق السقوية ضروري جدا خاصة وأن الحبوب تندرج ضمن الزراعات الاستراتيجية ولابد من المراهنة عليها كبديل للزراعات الكمالية المستهلكة للماء والمعدة للتصدير.

مع الاشارة الى أنه يجب التأقلم مع التغيرات المناخية والتفكير في اجراءات لدعم قطاع الفلاحة ودعم الفلاّح كتقديم النصح والإرشاد، وتوجيهه في علاقة باعتماد زراعات لا تستنزف المائدة المائية، وذات انتاجية عالية تدر عليه وعلى البلاد الأرباح وتقينا من التبعية، وذلك لتجنّب مغادرة الفلاحين لأراضيهم والنزوح إلى المدينة بغاية البحث عن عمل.

وفي العزوف عن تعاطي الفلاحين للنشاط الفلاحي اشار الخبير فوزي الزياني الى ان في ذلك ارباك للمنظومة الفلاحية وللسلم الاجتماعي ولخلق الثروة، لذا لا بدّ من برنامج مدروس لحث الفلاحين على البقاء في أراضيهم بدعمهم ماديا وتسهيل ولوجهم إلى القروض الميسرة، بالإضافة إلى حثّهم على تغيير نمط فلاحتهم تحت توجيه وارشاد شامل ومكثف باعتبار أنّه حان الوقت لتغيير الخارطة الزراعية وتوضيفها في الزراعات الاستراتيجية.

* نحو استراتيجية مستدامة

منذ عشرات السنوات تنشد تونس تحقيق أمنها الغذائي لكن دون اعتماد استراتيجية مستدامة وواضحة، في بلد يوصف بالأخضر ولا يعدّ سوى حوالي 12 مليون نسمة. 

خلاصة القول لابد من قرارات سياسية ناجعة، حاسمة وجريئة تقطع مع السياسات الفلاحية السابقة "حتى وان وجدت" تعمل على المراهنة على الزراعات الاستراتيجية كالحبوب والخضروات عوض عن الزراعات المستنزفة للثروة المائية.