وثائقي

مرشد الشابي أحد أبرز علماء الاجتماع ومخططي المدن في تونس يغادرنا تاركا فراغا كبيرا في اختصاصه

 الشعب نيوز/ متابعات - غادرنا الى الابد، مرشد الشابي، دكتور علم الاجتماع واخصائي تخطيط المدن عن سن ناهزت الـ76 عاما. هو المناضل النقابي والسياسي والجمعياتي، ابن مناضل الاتحاد العام التونسي للشغل، المرحوم الاستاذ الامين الشابي، أول وزير للتربية في اولى حكومات الاستقلال (1956-1958).

كان مرشد الشابي سندا قويا للطلبة في السبعينات عندما كان يستعين بهم في مجموعة البحوث الاجتماعية التي كان يقوم بها لفائدة مؤسسة رائدة في زمانها ومجالها اسمها "اقليم تونس" (District de Tunis) عبرادارة التخطيط والدراسات في سعي للتعرف على حاجات ورغبات السكان قبل بناء الاحياء حول العاصمة. وكنا في الشعب اقترحنا على قرائنا مجموعة من أعماله في ركن " كتاب اليوم ".

ثلة من رفاقه واصدقائه وطلبته وممن عملوا معه، حضروا لتوديعه الاوداع الاخير في مقبرة الزلاج حيث تداول على تأبينه كل من عيسى البكوش من قدماء الاتحاد العام لطلبة تونس ومحمد الحبيب مرسيط عن منظمة برسبكتيف - العامل التونسي.

مندوب " الشعب نيوز" حضر الموكب وحصل على كلمة الرفيق محمد الحبيب مرسيط الخاصة بتأبين الراحل مرشد الشابي وقد جاء فيها:

[ ماذا عسايا أن أقول لك أو أن أكتب في توديعك يا مرشد يا صديقي ويا رفيقي ويا أخي...؟!

هل أخاطب الصديق.. في زمن عزت فيه الصداقة.. وندرت أواصر العشرة والوفاء والمحبة.. فكنت لي ولغيري من أصدقائك عنوان السلام والإرتواء من غيظ الأيام ونكدها.. كنت الأذن الصاغية.. واليد الممدودة أبدا إلى من يحتاجها.. وكنت المواساة الهادئة.. دون منّ أو حساب أو متاجرة... كنت الخيمة التي كنا نستظل فيها حين نحتاج إلى إستراحة المناضلين المرهقين المتعبين.. كنت ملجأنا عندما نحتاج لإستراد قوانا وإسترجاع أنفاسنا وما إشتكيت يوما من حمل أعباء أصدقائك وأعزائك من الأهل والأحبة والرفاق..

وزادت علاقة المصاهرة بيني وبينك لصداقتنا ورفاقيتنا وأخوتنا بعدا حميميا ومتانة أسرية لم أشهدها حتى مع إخوتي أبناء أمي وأبي فكنت نعم الأخ ونعم الصديق ونعم الرفيق.. وكنت أكثر من أب لإبنيّ فحضنت وربيت وأحسنت التربية وعوضتني عند الحاجة وما لمتني يوما عن تقصيري معك أو معهم.. فما أجملك يا صديقي وما أكرمك..

وكنت في نضالك يا مرشد.. رغم صغر سنك وحداثة عهدك بالعمل النقابي والسياسي مثالا للمناضل الصادق النزيه.. والقائد الطلابي المتبصر والحكيم.. فلا غلوّ ولا مزايدة ولا تخاذل أو إرتباك.. كنت تستمع إلى رفاقك على تعدّد مشاربهم ومواقفهم.. بكل إنتباه وديمقراطية.. وكنت تجادلهم بكل أريحية وصبر.. ولذلك وثقوا فيك وقبلوا قيادتك لهم عن طيب خاطر وخبروا حكمتك ورجاحة رأيك.. وكنت من بين أكبر مهندسي الحركة الطلابية خلال السبعينات.. وخاصة منها حركة فيفري 1972 التي مثلت منعرجا تاريخيا في حركة الشباب التونسي المثقف والمتطلع إلى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية..

ومن نكد هذا الزمن أنه غبنك ولم يعطك مكانتك التاريخية التي تستحق ولم يثنك نضالك النقابي والسياسي عن مسيرتك العلمية والأكاديمية فتحصلت على أعلى الشهائد والرتب في مجالي البحث والتدريس بالمدارج الجامعية سواء في تونس أو في الخارج.. وأصبحت من منارات علم الاجتماع والبحوث العمرانية في تونس ونشرت الكتب والدراسات القيمة والتي ستبقى ذخرا من آثار هذا البلد المعطاء فقاومت كل أشكال الفوضى العمرانية التي اجتاحت أحياءنا ومدننا وقاومت كل أشكال الفساد والقبح والحيف الاجتماعي والعمراني وكافحت ضد مطامع اللوبيات الجشعة التي تدمر عمراننا وتخرب بيوتنا ومؤسساتنا وكنت المعماري الحكيم والباحث الدؤوب والمهندس المدافع عن الأصالة الحضرية والجمال العمراني الذي يليق بوطننا العزيز الغالي..

ونحن كلنا أمل وإنتظارات موصولة في الأجيال التي سهرت في تكوينها وتربيتها حتى تواصل رسالتك ونضالك من أجل تونس أجمل.. ومن أجل مستقبل أفضل. ونحن على يقين بأن أملنا وإنتظاراتنا سوف لن تخيب.

اليوم ترجلت عن صهوة جوادك أيها الفارس النبيل.. وأسدلت الستار الختامي على آخر فصول سرديتك المليئة بالمناقب والصفحات البيضاء الناصعة بالعلم وبالرفعة والكفاءة وعزة النفس..

فسلام عليك يوم ولدت.. وسلام عليك يوم ذهبت في سفرك الأخير.. وليكن مرقدك سلاما ورحمة.. وبلغ تحياتنا إلى رفاقك ورفاقنا جميعا الصادق ورشيد ونورالدين وأحمد..

وكل من سبقوك إلى المثوى الخير والوداع.. الوداع.. الوداع.]

أما كلمة السيد عيسى البكوش فيمكن الاطلاع على فحواها من خلال الفيديو المرافق (20+) Facebook المنشور على صفحة السيد عبدالقادر الباوندي، احد رفاق الراحل العزيز ومدير "اقليم تونس " في ذلك "الزمن الجميل"