آخر ساعة

النساء البدينات في مصر مرفوضات وظيفيا والاختيارعلى أساس الرشاقة تحريض على التمييز والتنمر

القاهرة / العرب - تحرم السمنة الفتيات المصريات خريجات الجامعة من الحصول على وظيفة في القطاع العام، وتم مؤخرا رفض متقدمات إلى مهنة التدريس عقب اختبارات رياضية وصحية خضعن لها في الأكاديمية العسكرية، وقد حظين بالمساعدة من نواب بالبرلمان الذين أشاروا إلى أن استبعاد أصحاب الوزن الزائد من الوظيفة الحكومية أمر مخالف للدستور.

فقد جلب تحرك الحكومة المصرية لاستبعاد أصحاب الوزن الزائد من العمل في الوظائف الحكومية غضبا مجتمعيا وبرلمانيا بعد أن رُفض قبول توظيف فتيات خريجات وخريجين من الرجال يعانون من السمنة في وظائف مدنية بوزارتي التربية التعليم، والنقل، بذريعة شرط القوام والجسد المناسب ضمن إجراءات التعيين في العمل الحكومي.

وانتفض أعضاء في مجلس النواب (البرلمان) لمساندة المستبعدات والمستبعدين بسبب الوزن الزائد من التعيين بالحكومة إثر رفض عدد كبير من المتقدمين للعمل في مهنة التدريس عقب اختبارات رياضية وصحية خضعوا لها في الأكاديمية العسكرية التي باتت معنية بإجراء الفحوصات والاختبارات الخاصة بكثير من الموظفين الجدد.

وتقدم قرابة عشرة نواب بأسئلة برلمانية لرئيس الحكومة ووزير التربية والتعليم قبل أيام حول مصير الناجحين في مسابقة توظيف 30 ألف معلم وأسباب استبعاد أصحاب الوزن الزائد مع أن ذلك يخالف الدستور، لكن الحكومة لم تعلق على الأسئلة البرلمانية، وبدت متمسكة بموقفها.

وقال بعض النواب إن استبعاد البدناء من الوظائف الحكومية إهدار لآدميتهم وإخلال بمبدأ المساواة والعدالة، ويحمل تمييزا ضدهم، وطالبوا الحكومة بالتراجع عن موقفها، لأن إقصاء المصابات والمصابين بالسمنة من الوظيفة العمومية مقابل اختيار أصحاب القوام الجسدي الرشيق يخل بمعايير الكفاءة.

ويحظر قانون العمل المصري كل عمل أو سلوك أو إجراء من أفراد أو مؤسسات يحدث تفرقة بين العاملين في شروط وظروف العمل والحقوق بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو أي سبب يترتب عليه الإخلال بالمساواة وتكافؤ الفرص.

ارتبط الغضب المجتمعي ضد الحكومة بأنها فاجأت المتقدمين إلى الوظائف من الجنسين بشروط من بينها القوام الجسدي، ولم تعلن عن ذلك وقت طلب موظفين جدد بحيث يكون أمام كل متقدم إلى الوظيفة وقت كاف لعلاج السمنة أو التقليل من الوزن، في حين اختصرت الشروط للوظيفة على حسن السيرة والسمعة والتخصص الأكاديمي وتجاوز الاختبارات التربوية فقط.

ومنذ استبعادها من وظيفة معلم بسبب وزنها تعيش فريدة محمود حالة نفسية بالغة الصعوبة، بعد أن أصبحت تتعرض للتنمر والسخرية من الأقارب والأصدقاء، وتتعرض لعبارات جارحة، على الرغم من أنها حصلت على

  امتياز في كلية التربية، واستبعاد بسبب المظهر.

وأكدت لـ”العرب” أن الحكومة لم تمنحها فرصة ثانية كي تعالج وزنها الزائد لتعود إلى الاختبار مرة أخرى، وهذا تصرف بالغ القسوة وكان يفترض على المؤسسات العمومية أن تفصح عن نواياها مبكرا بدلا من اللجوء إلى سلاح الصدمة النفسية، وكأن هناك توجها لإجبار الناس على مسار حكومي، طالما لا يسمعون إلى النصيحة.

ولم تمانع فريدة من أن تكون هناك اختبارات صحية لأي وظيفة، لكن يفترض وجود عدالة في الاختيار وتوضيح إذا كان القوام الجسدي يؤثر على الأداء الوظيفي أم لا، لكن المشكلة أن الحكومة تريد موظفين بمواصفات مثالية مع استمرار البيروقراطية.

ويشارك الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في الاختبارات التي تعقد للمتقدمين للالتحاق بالوظائف الحكومية، ودائما ما يشدد على حرص الحكومة على اتباع أعلى المعايير لانتقاء أفضل الكوادر المؤهلة علميا وفنيا وشخصيا وفقا لأحدث وسائل وبرامج التدريب والتأهيل الشخصي التي تتناسب مع طبيعة عملهم وتؤهلهم لأداء مهامهم وتحمل مسؤولياتهم بكفاءة.

وانتقد السيسي وجود أعداد كبيرة من المصريين الذين يعانون من زيادة مفرطة في الوزن، وخلال إحدى المناسبات الرسمية قال موجها حديثه للمواطنين “لماذا تفعلون هكذا في أنفسكم، أنا أرى أحيانا أشخاصا بدناء وأسأل نفسي لماذا لا يراعي الناس صحتهم ليستطيعوا التحرك والعمل بسهولة بدلا من الوصول إلى مرحلة البدانة، المفترض أن يكون القوام الرشيق ثقافة شعب”.

40 في المئة من المصريين البالغين يعانون من السمنة

أظهر المسح السكاني الذي أجرته الحملة الرئاسية المعروفة باسم “100 مليون صحة”، وصدر العام الماضي، أن قرابة 40 في المئة من المصريين البالغين يعانون من السمنة، وأنها أكثر انتشارا بين النساء بنسبة 49.5 في المئة مقابل 29.5 في المئة عند الرجال، لكن لم ينص أي قانون مصري مدني على أن يكون من شروط التعيين بأي وظيفة وجود وزن مثالي للشاب أو الفتاة.

ويبدو الإجراء الحكومي ظالما للنساء على وجه الخصوص لأنه وفق الأعراف المجتمعية والثقافات العائلية في المدينة والريف عندما تنتهي الفتاة من دراستها تدخل مرحلة البقاء في المنزل طوال الوقت، لا تستطيع الخروج أو التنزه والتحرك بأريحية بحجة الحفاظ على السمعة والخوف عليها من نظرات الناس، بالتالي من الطبيعي أن يزيد وزنها على وقع الثقافة المجتمعية.

وترفض الكثير من العائلات ممارسة النساء للرياضة بحكم أن ذلك من الأمور المعيبة، ما يؤثر على القوام الجسدي ويدفع غالبية الفتيات وهن في سن صغيرة إلى زيادة الوزن، أي أن المرأة في مجتمع شرقي مثل مصر مظلومة وضحية عادات بالية وتعقيدات حكومية صعبة، بين إجبارها على نمط حياة يدفعها إلى السمنة وبين إجراءات تمييزية تقصيها من الوظيفة بسبب الوزن الزائد.

ويتحمل الإعلام بعضا من أزمة المجتمع مع المرأة البدينة، لأنه يقدم الرشيقة على أنها صاحبة الجمال الاستثنائي أو يقدم السمينة في صورة ساخرة تثير ضحكات الجمهور لزيادة وزنها وخفة ظلها، وهناك منابر تتجاهل زرع ثقافة التحفيز والدعم النفسي كوسيلة لتحدي البدانة وتحقيق الرشاقة.

ولا تقتنع الحكومة بأنها أيضا جزء من أزمة البدانة التي ضربت قطاعات واسعة من المجتمع، لأن البسطاء، مثلا، يلجأون إلى إسكات المعدة بوجبات فقيرة غذائيا لمجرد إطعام الجسد من دون تغذيته، كونهم لا يمتلكون الوفرة المالية التي تساعدهم على اقتناء الأطعمة الصحية، وهي الظاهرة التي ترفض المؤسسات الرسمية تحمل مسؤوليتها وترى أن ثقافة المجتمع سبب البدانة.

وأمام التمييز الفج تجاه النساء البدينات، من الحكومة والمجتمع، يظل الرجل البدين خارج حسابات النقد والتجريح وبعيدا عن بنود مقاييس الجمال، إذ يعطيه البعض الحق في زيادة الوزن تحت مبررات ذكورية، مفادها أن الرجل ليس بالشكل أو المظهر، بل بقوة الشخصية وتحمل المسؤولية وهناك من يعتبر سمنة بطن الرجل من شيم الرجولة.