وثائقي

الهادي الغضباني يكتب عن "وجوه ومواقف نقابية في الذاكرة" (4): الإعلان عن الإضراب العام أقام الدنيا ولم يقعدها

اسرد هذه الاحداث كما عشتها وعايشتها يومئذ، فقد يغلب عليها الانطباع الشخصي والذاتي، لذلك، قد أسقط في السهو فيضيع الخيط الرابط بين الوقائع.

 عدت والوفد النقابي إلى القصرين. وعقدت هيئة إدارية جهوية تم خلالها الإعلام عن مقررات المجلس الوطني والهيئة الإدارية الوطنية.

وتوزعت الأدوار على المسؤولين النقابيين للتعبئة والتحميس وتجسيم الوحدة النقابية وعقد المكتب التنفيذي الجهوي اجتماعات عامة بالقواعد العمالية وكنت ممن تنقل إلى الاتحادات المحلية للاتصال بالأساتذة خصوصا والعمال عموما.  كانت دار الاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين جارة للجنة التنسيق الحزبي وكان تبادل المعلومات يسيرا بين الأخوة الاعداء والعمل النقابي في الجهة له خصوصيات طريفة وغريبة في ذلك الوقت.

فقد يكون في العائلة الواحدة وفي الحومة الواحدة وبالتالي في العرش الواحد أفراد في النقابة وأفراد في الحزب. والكاتب العام للاتحاد الجهوي المرحوم محمد الكافي العامري منحدر من الحزب وتحمل المسؤولية النقابية بتزكية من الحزب. فلمّا أعلن سي الحبيب عاشور استقالته من الديوان السياسي بُهت الذي كفر...! ولما أعلن الكافي العامري عن انسلاخه من الحزب بهت الذي كفر وبهت الذي لم يكفر. وتراني وبعض النقابيين نهتز طربا وترى بعضهم ممن تربوا على ان الحزب الواحد ولا أحد وكأن على رؤوسهم الطير ...

وباختصار مفيد، بدأت عمليات الترهيب والترغيب تستهدف النقابيين حيثما كانوا وحيثما حلوا. ولاحظت تأهب العمال للنضال النقابي ولكني لاحظت أيضا من بين أعضاء المجلس بالجهة من القوا خطبا نارية كالدعوة إلى العصيان المدني واحتلال مواقع العمل الخ...فتبدلت لغتهم إلى اعتبار الإضراب العام جريمة وسعى بعضهم إلى افشاله بحماس يفوق حماس الدساترة أنفسهم. ولله في خلقه شؤون...!

وسلطت على الكاتب العام للاتحاد الجهوي ضغوط كبيرة ليلة الاضراب واتصل به أعيان القوم من قدماء الدساترة ومن شيوخ عرشه لإثنائه عن الدعوة للإضراب بل واستقالته من الاتحاد فأبى و"شد صحيح "كما يقال في اللسان الدارج.

الحلقة القادمة: يوم الاضراب العام الجهوي في القصرين