وثائقي

الهادي الغضباني يكتب عن "وجوه ومواقف نقابية في الذاكرة" (10): تصفيق على المترجم وليس على الوثيقة.

العقد الاجتماعي بين الحكومة والاتحاد أعطى نتائج اهمها في اعتقادي التحسينات التي طالت تشريع العمل في تونس والهدوء النسبي الذي اخذ يستتب في البلاد ولكن حكومة مزالي رحمه الله التي راهنت على الانشقاق النقابي من ناحية وعلى تمرير برنامج الإصلاح الهيكلي الاقتصادي دون زعازع

وقد يكون في تخطيط الوزير الاول أضعاف جانب عاشور الذي قد يعوقه في خلافة الرئيس بورقيبة طاب ذكره...

فقد دعينا، نحن الهياكل النقابية سنة ،1984 إلى المجلس الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل المنعقد بنزل اميلكار بتونس. وكان موضوع الدعوة الإعلام عن مسار المفاوضات بين الاتحاد والحكومة حول تحسين أوضاع الشغالين.

قدم رئيس المجلس، وهو سي الحبيب، الموضوع واطنب في ذكر مماطلة الحكومة إذ انها طلعت ببدعة أسمتها ربط الأجور بالإنتاج والانتاجية.

قرا الوثيقة الموجهة من الحكومة وهي مكتوبة بالفرنسية وتوجه إلى الأخ الطيب البكوش بجانبه على المنصة لترجمة الوثيقة إلى العربية فأشار الي وانا في جوف القاعة فناداني وسلمني الوثيقة لأترجمها فورا واقراها على الحضور. فلما فعلت وقراتها، صفق نواب المجلس فقال سي الحبيب طيب الله ثراه "التصفيق على المترجم وليس على الوثيقة. أليس كذلك؟ فأجيب بنعم.

ودعاني سي الحبيب، مساء، لأحضر، صحبتهن تصريحا له لمندوب جريدة "لو موند" الفرنسية الشهيرة كما دعاني ان ارافقه يوم الأحد في جولة بحرية على متن زورقه الرابض على مرفأ سيدي بوسعيد. ولم انس تغامز بعضهم ووشوشاتهم علي، فكيف لشاب من القصرين ان تكون له الحظوة لدى الزعيم النقابي الكبير !! واذكر فيما اذكر أثناء الجولة انه حدثني عن خيانات بعض النقابيين أثناء الازمات النقابية.. ولفتني قوله ان الناس يحيطونه بهالة من البطولة والتعظيم في حين انه انسان عادي واع بحدود كفاءاته. وربما قلت او قال اشياء أخرى ولكني نسيت..

ورفض المجلس الوطني للاتحاد اقتراح الحكومة.

وبعد مدة، وجهت الاتهامات المزعومة إلى الزعيم واخذ إلى الاعتقال. ورجعت حليمة إلى عادتها القديمة فما ان حلت سنة 1985 حتى افتكت دور الاتحاد عنوة وعنفا واسنادا من السلطة.

الحلقة القادمة: الميزوني المحمدي.