وثائقي

الهادي الغضباني يكتب عن "وجوه ومواقف نقابية في الذاكرة" (13): المنصف اليعقوبي.

رحم الله الأخ المنصف اليعقوبي. لم أعرف من النقابيين من كان حب النقابة يجري في عروقه وذكر الاتحاد يجري على لسانه يلهج به حيثما حل مثل المنصف اليعقوبي..

هو من الجيل النقابي الجديد الذي ظهر على الساحة النقابية بعد ان اخذ الاتحاد منعرجا تاريخيا بعد 1978 إذ كان الزعيم النقابي الكبير الحبيب عاشور أعلن انفصاله عن الحزب الحاكم وهبت نسائم الحرية والديمقراطية والاستقلالية في الاوساط النقابية فحذف الفصل 14 من قانون المنظمة والذي كان يخول للأمين العام صلاحيات واسعة، وأصبح أعضاء المكتب التنفيذي الوطني أمناء عامين مساعدين للاتحاد، وفتحت أبواب الاتحاد أمام التيارات المعارضة للنظام تتزاحم لتأخذ موقعا تحت مظلة الاتحاد، وكانت حركة اليسار النقابي تدفع إلى دحر "البيرقراطية النقابية" وايحاد البدائل الراديكالية ..

في ضوء ذلك، ظهر جيل جديد من البريديين أعلنوا "تمردهم"على الجامعة الوطنية للبريد وقيادتها ودخلوا في موجة من الاحتجاجات في أغلب الجهات رغم أنف القيادة..

كان ،في ذلك الزمن،الأخ المنصف كاتبا عاما لنقابة البريد بالكاف ..كان يتقد حماسا ونضالية من أجل "شعب"البريد والدفع إلى قلب جامعة البريد "العاشورية البيرقراطية" وعمت الحركة اغلب الجهات وادى ذلك، فيما أدى اليه، الى حل الجامعة وعقد مؤتمر نقابي للبريديين نتج عنه جامعة فتية جديدة قطعت مع الاسلوب النقابي السائد وكان الأخ المنصف كاتبا عاما لها يساعده رفاق شبان متحفزون للنضال ويعتصم بحزام نقابي متين.

عرفته عن كثب لما انتقلت الى تونس بعد مؤتمر سوسة الاستثنائي 1989 بصفتي عضوا للمكتب التنفيذي الوطني مكلفا بالوظيفة العمومية وكان قطاع البريد يتبع الوظيفة العمومية.

اذكر انه كان محل مضايقة وتتبع من وزارة الداخلية وتهديد بايداعه السجن في عهد حكم الرئيس بن على رحمه الله وذلك على خلفية خطبه النارية لفائدة البريديين. وقد تدخل الأمين العام للاتحاد الأخ اسماعيل

السحباني لدى الرئيس لإيقاف الإجراءات الأمنية ضده وقد لقي تضامنا كبيرا من النقابيين وذاع صيته وضاء نجمه.

 الحلقة القادمة: رجوعا الى المنصف اليعقوبي.