وثائقي

الهادي الغضباني يكتب عن "وجوه ومواقف نقابية في الذاكرة" (16): الاستاذ حسن جمام.

هو، رحمه الله، الأمين العام الاسبق للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب. رجل فارع القامة مغاربي الملامح معتد بنفسه دون غرور ...يحب قسنطينة مسقط راسه او بلد ازدياده كما كان يقول. ويحب الجزائر وجبهة التحرير الوطني ويتقن اللغتين العربية والفرنسية.

عرفته في دمشق الفيحاء عروس الشام عندما كنت مكلفا بالعلاقات الدولية في الاتحاد العام التونسي للشغل. حيث يقيم ويمارس مهمته النقابية امينا عاما للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب. كما عرفته في مختلف الاجتماعات والانشطة التي كانت تجري في مختلف الاقطار العربية. في الواقع، متن العلاقة بيني وبينه المرحوم عبد السلام جراد عندما كان مكلقا بالنظام الداخلي في عهد الأخ السحباني ثم في عهده عندما اصبح امينا عاما. كان الأخ الراحل عبد السلام ماسكا بملف العلاقات العربية يكاد يحتكره وكانت تربطه علاقات حميمية وثيقة بالقادة النقابيين العرب شرقا وغربا. يكنون له الاحترام وللاتحاد العام ويستشيرونه في اهم القضايا. وكان يغدق على بعضهم الهدايا ويدعوهم الي زيارة تونس والاتحاد لإنجاز مهام نقابية او للراحة والاستجمام...

استحضر فيمن استحضر السيد راشد رئيس اتحاد عمال مصر وفاضل غريب رئيس اتحاد عمال العراق وعبد المجيد سيدي السعيد الأمين العام لاتحاد العمال الجزائريين ومحجوب بن الصديق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل...

وقاد حسن جمام الاتحاد الدولي في ظروف يسيرة ولكنها تعقدت فيما بعد بتقلب الأوضاع السياسية واستفحال النزاعات في بعض الاقطار العربية وخاصة في الشرق الاوسط : غزو الكويت.. احتلال أمريكا للعراق.. القضية الفلسطينية..النزاع العربي الاسرائيلي..واستطاع بجديته الجزائرية وحنكته الدبلوماسية النقابية والمرونة التي اكتسبها من اهل الشام ان يتجاوز مخاطر التشتت والتفرقة التي حدقت بالاتحاد الدولي" بيت العمال العرب  ".

* حسن جمام في صورة جماعية أمام مقر الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب في دمشق سنة 2003 مع عدد من النقابيين العرب من بينهم على يمينه في الصف الامامي الاخوان عبيد البريكي والراحل الاخ صالح برور ممثل الاتحاد في الاتحاد الدولي  والاخوين محمد العروسي بن صالح  ومحمد شندول الاول والثاني على يمين الصورة عن قسم الاعلام بالاتحاد .

وإذ كانت النقابات العربية وخاصة في بعض بلدان المشرق منسجمة مع انظمتها وبوق دعاية لها أحيانا ولها علاقات نقابية دولية مع الاتحاد العالمي للنقابات (fsm)..بإستثناء الأردن ولبنان وإذ كانت نقابات المغرب العربي مستقلة عن انظمتها او تكاد، عضوة في اتحاد النقابات الحرة(cisl) انذاك. فانه كان يحدث تلاسن ومشادات بين الأخوة الفرقاء كان سي حسن يفصلها بلباقة، قائلا جملته الشهيرة "يا اخواني كل بلاد عندها خصوصياتها وظروفها وصوابع اليد موش كيف كيف.."

كانت السلط السورية تحترم الرجل وتعضد جهوده ولا تتدخل في شؤونه ..شيد الرئيس الراحل حافظ الأسد وفيما بعده ابنه الرئيس بشار مقرا فخما للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب في أطراف دمشق يحتوي قاعات للتدريب النقابي واستضافة الأنشطة المتنوعة للاتحاد وبيوت اقامة ومطعما

وكان رحمه الله يولي الاتحاد العام التونسي للشغل مكانة رفيعة..وقد ذلل الصعوبات، ان وجدت، لممثلي الاتحاد العام في الاتحاد الدولي بدمشق كما كان ازرا له ووجهين ناصعين لتونس وهما الصادق بسباس وصالح برور رحمهما الله. كما كانت تربطه علاقات أخوة وود بالبعثة الدبلوماسية التونسية بدمشق، وكان من بين أصدقائه محمد صالح الهرماسي العضو القيادي البارز في حزب البعث السوري..

المت بسي حسن وعكات صحية متتالية اودت بحياته ... وجاء الربيع العربي فأتى على الأخضر واليابس.

الحلقة القادمة: بيل جوردان وعملنا الدولي.