وثائقي

الهادي الغضباني يكتب عن "وجوه ومواقف نقابية في الذاكرة" (18): الشيخ الحسين بن قدور.

الشيخ او محمد الصالح زروقي او الحسين بن قدور كلها اسماء للنقابي والوطني معلم الاجيال وابن قفصة بلد الثوار منذ الأزل سي الحسين بن قدور.

في بداية سنة 1978 انعقد المجلس القومي(الوطني فيما بعد) للاتحاد العام التونسي للشغل بنزل اميلكار في ضاحية قرطاج تونس. كان أعضاء المجلس وهو السلطة النقابية الثانية بعد المؤتمر سيقرر الموقف اللازم للرد على السلطة فيما يتعلق بمطالب الاتحاد وعلى راسها الاستقلالية

والاستقلالية هي التفصي من وصاية النظام على المنظمة الشغيلة وهي بدعة في رأي الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة مؤسس الدولة التونسية وهي تمرد على قرارات احد مؤتمرات الحزب الدستوري الحاكم القاضي بوضع كل المنظمات الوطنية تحت مظلته، وهي الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والاتحاد الوطني للفلاحة والاتحاد التونسي للمرأة التونسية واتحاد منظمات الشباب وكل ما تفرع عن ذلك.

كان المرحوم عبد الرزاق غربال قد وزع بيانا قويا ضد ممارسات النظام ضد العمال والشعب وهو الكاتب العام لجهة صفاقس ذات الوزن النقابي الثقيل. وهو في الأصل معلم على صلة مهنية ونقابية مع الشيخ بن قدور

وكان لقاعة الاجتماع هيجان صاخب واخذ الأخ الحسين الكلمة وكان خطابه قويا في الجوهر ولكنه مرن مقنع سلس واقعي. كان لا يجرّح في اي طرف ويدعو إلى تحكيم العقل والتروي ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. كان يدعو الأطراف المعنية إلى عدم التفويت في فرص الحوار. كان يقول ان الشعب المهنية ضرة للنقابة وان بورقيبة منع تعدد الزوجات وبالتالي فالشعب المهنية بالضرورة مخالفة للنظام.

صفقت له القاعة ووشوش عليه الغلاة...ولما اعتقل سنة 1978 بالسجن المدني شارع 9 أفريل وحكم عليه والقيادة النقابية والزعيم الحبيب عاشور بأحكام قاسية، رغم انه كان البعض من قطاع الطرق السياسيين يحثون على إعدام النقابيين.

 روى لي بعض من اعتقل معه انه كان بساما بشوشا يقتسم " قفته" مع من معه في الحبس.

ولما أفرج عنه ورفاقه سنة 1980، اثر عملية قفصة وانطلاق نقاش حول مصالحة محتملة، لم يكن متصلبا ووافق، بعد مفاوضات مع السلطة، على انعقاد مؤتمر استثنائي للاتحاد في قفصة في غياب المرحوم الحبيب عاشور.  كان يقول "ما لا يدرك بالقوة يدرك باللين..وكان يقول "بورقيبة نال الاستقلال بالمراحل.. وسي الحبيب"عاشور"سيرجع إلى الاتحاد بالمراحل."..

كان الناس ومن بينهم كاتب هذه السطور يعتقد ان الحسين بن قدور هو المؤهل ليكون الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل بعد ذلك المؤتمر..وذهب الظن ان المرحوم عبد العزيز بوراوي هو من يليه ان رفض الأخ حسين...ولكن الشيخ بن قدور فاجأ باقتراح الأخ الطيب البكوش امينا عاما للاتحاد وهو ما حدث فعلا.

الحلقة القادمة: الأخ حسين بن قدور مرة أخرى