وثائقي

الهادي الغضباني يكتب عن وجوه ومواقف نقابية في الذاكرة (21): الكاتب العام السابق للاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت.

* الراحل الاخ محسن الدريدي في صدر الصورة واقفا أعلى من أغلب الحاضرين بصدد تقديم بيانات الى ضيوفه ومن بينهم الامين العام آنذاك اسماعيل السحباني وعدد من نقابيي جهتي بنزرت وباجة

هو محسن الدريدي، رجل ظريف، طريف، مرح، حتى ان أصحابه المقربين يدعونه   totus منحدر من قطاع الصحة وابن منزل بورقيبة وجهة بنزرت ارض الجلاء.

عرفته عضوا في المكتب التنفيذي الموسع والهيئة الادارية للاتحاد العام التونسي للشغل لما كنت كاتبا عاما للاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين قبيل الازمة النقابية عام1985.

كان يعرف عنه قربه للحزب الدستوري الحاكم وقد ظل عضوا في مجلس النواب لدورات متتالية. ولكنه كان يرجح كفة انتمائه النقابي على كفة انتمائه الحزبي فعندما اغتصب من يطلق عليهم "الشرفاء" دور الاتحاد 1985 راودوه ان ينضم إليهم فأبى وتمسك بشرعية الهياكل النقابية المقصاة

لقاء معه بثكنة بوشوشة.

ظل النقابيون الشرعيون، ايام الازمة النقابية المشار اليها، على تواصل سري.  وجهت الينا دعوة للقاء بتونس. وكان مكان اللقاء مقهى نادي تونس(tunis club)  الذي صار اليوم مقرا لفرع بنك الإسكان بين شارعي بورقيبة وباريس، حيث تولى أحدهم تحديد مكان الاجتماع.

أشار الي نقابي فالتحقت به وامتطيت معه سيارته فأوصلني بيت صالح برور رحمه الله بحي الرمانة واختفى عن الانظار. دخلت . وما هي إلا برهة حتى حاصرتنا فرقة أمنية واخذتنا الى مركز أمن ظللنا به قابعين به منهكين كامل النهار ونصيبا من الليل. ثم أخذنا إلى ثكنة بوشوشة بباردو وانطلق البحث بأخذ الإرشادات عن كل واحد منا..

اذكر ان المقبوض عليهم هم كاتب هذه الاسطر وصالح برور والطيب البكوش وعلي بن رمضان ومحسن الدريدي ومحسن الزواوي" بن هنده" الكاتب العام للاتحاد الجهوي بجندوبة ومعه سائقه ومحمد شعبان الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس ومعه اثنان من قطاع النقل احسب ان أحدهما عضو اليوم بالمكتب التنفيذي الوطني للاتحاد، وعبد المجيد القصيبي من المهدية وعمرالجهيناوي من المهن المختلفة وعبد المجيد الصحراوي ان صدقت ذاكرتي.

" نفخها واشرب ماءها"

اذكر ان عون الأمن كان يسترشد محسن الدريدي رحمه الله، لما أراه بطاقة عضويته بمجلس النواب قال له " نفخها واشرب ماءها"   فردّ عليه محسن الدريدي "كان خرجت نرجعها لمولاها" فقاسه العون بعينيه من راسه إلى اخمص قدميه وتركه إلى غيره.

وبعد يوم او يومين تحسنت ظروف اقامتنا ومعاملتنا. بدا ان السلطة تأكدت اننا نقابيين ولسنا من "الخوانجية" كما زعم لها. وافرج عنا. قد يكون مدير الامن الوطني آنذاك زين العابدين بن علي رحمه الله.

تعرفت أكثر على محسن الدريدي عندما انتخبت في مؤتمر الاتحاد بسوسة عام 1989. وصرت عضوا بالمكتب التنفيذي الوطني. كان قد لعب دورا هاما في الانتصار لقائمة إسماعيل السحباني.

 كان عنصرا فاعلا في اخذ القرارات الكبرى في الاتحاد وكرمه "شعب" بنزرت بأن ظل ينتخبه عضوا في البرلمان. وظل العمال منهم ينتخبونه على رأس الاتحاد الجهوي ببنزرت.

كان آخر عهدي به ان زرته في المستشفى العسكري وان مشيت في جنازته بعد ذلك حين رحل إلى الرفيق الأعلى.

الحلقة القادمة: محمد المنصف الزاهي