نقابي

وفد من الاتحاد في ضيافة النقابات البلجيكية : الضمان الاجتماعي البلجيكي ودور النقابات في التصرف فيه

الشعب نيوز/ بروكسيل -إطلع وفد يمثل الاتحاد العام التونسي للشغل على التجربة البلجيكية في الضمان الاجتماعي وخاصة في مجال التأمين على البطالة بعد أن تلقى دعوة من الفيدرالية العامة للشغل في بلجيكا التي تضم مليونا ونصف المليون من المنخرطين والتي تربطها بالاتحاد علاقات وطيدة.

وتركب الوفد من الإخوة عثمان الجلولي الأمين العام المساعد المسؤول على قسم الحماية الاجتماعية والقطاع غير المنظم وحفيظ حفيظ الأمين العام المساعد المسؤول على قسم الشؤون القانونية وبدر السماوي الخبير في الحماية الاجتماعية.

وتندرج هذه الزيارة في إطار تفعيل الاتفاق المبرم سنة 2019 بين الاتحاد والمنظمة النقابية البلجيكية.

هيكلة الضمان الاجتماعي في بلجيكا 

يتميز نظام الضمان الاجتماعي في بلجيكا بـاعتماد " التصرف الكلّي" الذي أحدث لأول مرة سنة 1995 والذي يهدف إلى التصرف في موارد الضمان الاجتماعي بطريقة تضامنية.

ولا يتمثل التضامن فقط بين الناشطين من جهة والمتقاعدين والعاطلين والمرضى من جهة ثانية بل يتجسد أيضا بين أصحاب الأجور المرتفعة وأصحاب الأجور المنخفضة.

ويشرف على التصرف في أنظمة الضمان الاجتماعي الخاصة بالأجراء " الديوان الوطني للضمان الاجتماعي"  وهو مؤسسة عمومية عمرها 75 سنة.  

وتتمثل مهمة هذا الديوان في جمع الاشتراكات من المؤجرين والأجراء لكن ليس بصفة مباشرة بل عن طريق " مكاتب اجتماعية" وهي مؤسسات خاصة تتولى قبول تصاريح الأجراء والأجور واستخلاص المساهمات كل ثلاثة أشهر وذلك عن بعد. وتشير التقديرات إلى أن موارد الديوان ستكون خلال السنة الحالية في حدود 87 مليار أورو في حين ستبلغ النفقات حوالي 89 مليار أورو وتتعهد الدولة بتسديد الفارق.

وقد برزت في السنوات الأخيرة ظاهرة عدم مواكبة الاشتراكات لتطور حجم الأجور مما اثر على التوازنات المالية للديوان.

ومن بين الأسباب تخفيض نسب الأداءات الجبائية والاجتماعية الموظفة على المؤجرين من 34 % إلى 25 % وإعفاء بعض المنح ذات الصبغة الاجتماعية من الخضوع للمساهمة في الضمان الاجتماعي مثل تذاكر الأكل.

وتناضل الفدرالية العامة للعمل في بلجيكا ضد توجهات الحكومة التخفيض من المساهمات المحمولة على المؤجرين. 

منافع اجتماعية متنوعة 

يوفر نظام الضمان الاجتماعي البلجيكي الرعاية الطبية والبطالة والتقاعد والمنح الاجتماعية والتعويض عن الأخطار المهنية والعطل.

وليس المجال هنا لعرض كل المنافع بل للإشارة لبعضها سواء من باب الاستئناس أو للمقارنة.

ففي مجال التقاعد يحال الأجير على التقاعد عند بلوغ 65 سنة على شرط العمل لمدة لا تقل عن 45 سنة حتى يحصل على جراية كاملة.

وسيتم الترفيع في السن إلى 66 سنة بداية من 2025 وإلى 67 سنة بداية من 2030.

وحيث أن معدل مبالغ الجرايات يمثل أقل من نصف الأجر الذي كان يتقاضاه المتقاعد قبل تقاعده وقع إحداث نظام تكميلي لتحسين مبلغ الجراية لكنه لا يوفر سوى فتات وصفته الفدرالية العامة بأنه لا يختلف عن " الصدقة".

وتستحوذ الجرايات على ما يناهز 40 % من النفقات ينتفع بها مليون و800 ألفا متقاعد علما أن عدد السكان في بلجيكا نفس عدد سكان الجمهورية التونسية.

وقد اكتشف الوفد النقابي خلال اطلاعه على التجربة البلجيكية مفهوما جديدا وهو " معدل أمل الحياة في صحة جيدة" الذي بلغ 65 سنة بينما بلغ معدل أمل الحياة عند الولادة 84 لدى النساء و80 لدى الرجال.

وقد استعملت النقابات هذه المعطيات للتمسك بالإبقاء على سن التقاعد في حدود 65 سنة. 

كما تطالب الفدرالية العامة بالترفيع في النسبة القصوى للجراية الى 75 بالمائة عوض 60 في المائة وبإقرار جراية دنيا لا تقل عن 1500 أورو.

وتبلغ منحة المرض 80 في المائة من الأجر اليومي الخام مع تحديد سقف بما يؤدي أن لا تتجاوز المنحة اليومية مبلغ 86 أورو.

وتستحوذ النفقات الصحية النقدية والعينية بنسبة 32 في المائة من النفقات.

التأمين على البطالة  

يُعدّ التأمين على البطالة من أهم المنافع التي يسديها الضمان الاجتماعي البلجيكي علما أنها لا يقتصر على التعويض لمن فقدوا شغلهم بل يشمل أيضا الباحثين عن شغل لأول مرة.

ولعل أهم ما يميز هذه التجربة تكليف النقابات و منش بينها الفدرالية العامة بالتصرف في منظومة إسناد منح البطالة.

ويشرف على مراقبة النقابات في طريقة صرف منحة البطالة الديوان الوطني للتشغيل الذي يتثبت في مدى توفر الشروط في العاطل عن العمل ومدى تطابق تصريحاته مع أجوره المصرح بها ومدى حرصه على البحث عن شغل.

وقد أفاد أحد المسؤولين النقابيين البلجيكيين أن تعهد النقابات بالتصرف في منحة البطالة ساهم  ويساهم في تدعيم الانتساب النقابي.

ويتضمن التشريع البلجيكي أيضا إسناد منحة " العطل السنوية" التي تخول للأجير بعد استنفاذ الحق في عطلته السنوية أو عند اضطراره للانقطاع عن العمل لأسباب عائلية قاهرة أن يطلب الانتفاع براحة إضافية يتلقى خلالها تعويضا من " ديوان العطل".

تضامن والتقاء   

كانت الزيارة مناسبة أشاد فيها وفد الاتحاد بالمواقف التضامنية التي عبرت عنها الفدرالية العامة للشغل في بلجيكا ومنظمات نقابية أخرى إثر المضايقات التي تعرض لها المسؤولون النقابيون ضيوف الاتحاد وكذلك إثر الاعتقالات والمحاكمات التي استهدفت مناضلي الاتحاد العام التونسي للشغل في الفترة الأخيرة.

كما وقع نقاش ثري وصريح حول الوضع في غزة حيث أثنى ممثلو الاتحاد على موقف النقابات البلجيكية وبقية مكونات المجتمع المدني التي أدانت العدوان على غزة وطالبت بإيقاف الحرب ونظمت في هذا الصدد مظاهرة أولى يوم 22 أكتوبر2023 ومظاهرة ثانية يوم 11 نوفمبر 2023.

وكانت للمظاهرة الثانية رمزية كبرى لدى البلجيكيين لتزامنها مع إحياء ذكرى نهاية الحرب العالمية الأولى حيث تعرضت وقتها بلجيكا إلى الاحتلال بنسبة مائة بالمائة من قبل الجيوش الألمانية.

ومن ناحية أخرى كان للوفد لقاء مع النائب في البرلمان الفيدرالي البلجيكي عن الحزب الاشتراكي البلجيكي  مليك بن عاشور وهو من أصل تونسي الذي قام بعدة مبادرات في إطار البرلمان للتعريف بالحق الفلسطيني والمطالبة بإيقاف العدوان على غزة.