وطني

رأي الاتحاد في قانون المالية الجديد (4): لا اجابات فيه ولا حلول ومضمونه متناقض مع متطلبات المرحلة

الشعب نيوز/ متابعات - خصص قسم الدراسات والتوثيق بالاتحاد العام التونسي للشغل حيزا مهما من اعماله للنظرفي مشروع قانون المالية لسنة 2024. وتتويجا لسلسلة الاعمال والنقاشات التي خصصها للموضوع، اصدر القسم مذكرة تعرّض فيها الى مختلف الجوانب المحيطة بالقانون المذكور وقدم جملة من الاقتراحات والحلول.

وفي مطلع المذكرة التي نشرنا فصولا واسعة منها، شرح قسم الدراسات والتوثيق الظروف المحيطة بالقانون حيث كتب أنه " يتنزّل في ظرف اقتصادي ومالي صعب حيث تشير أهم الأرقام والمؤشرات إلى دخول البلاد في أزمة عميقة زادتها حدة تداعيات الحرب في أوكرانيا التي جاءت في وقت مازال الاقتصاد الوطني يعاني من مخلفات الجائحة الصحية خاصة علي مستوى تراجع الإنتاج و ارتفاع نسبة التضخم. 

رأي الاتحاد في قانون المالية الجديد (4):  

ولئن سجل الاقتصاد الوطني نموا ايجابيا خلال سنتي 2021 و 2022 تباعا بنسبتي 4.3% و 2.4%، فإن مستوى الإنتاج لم يصل بعد إلى مستواه المسجل في 2019، وهو ما يجعل تونس من ضمن البلدان القليلة في العالم التي - إلى حدود نهاية سنة 2023 لم تسترجع مستويات نشاطها لما قبل اندلاع الجانحة الصحية.

وبالتزامن مع تراجع النمو، تشهد البلاد ارتفاعا تاريخيا في نسب التضخم الذي تجاوز 10% في أوائل 2023 وهي نسبة غير مسبوقة منذ سنة 1983. وبالرغم من تراجع التضخم إلى حدود 8.6% في أكتوبر 2023 فإن الوضع الحالي يؤكد دخول البلاد في دوامة الركود التضخمي" الذي يمثل ظاهرة اقتصادية بالغة الدقة حيث يتقلص فيها هامش التحرك للبنك المركزي وسياسته النقدية من خلال اللجوء المكره إلى الترفيع الدوري في نسب الفائدة لاحتواء التضخم بما تسببه هذه السياسة من ضغط سلبي على الاستثمار وعلى نسق الاستهلاك.

ولعل الهيكلة الحالية للتضخم حسب طبيعة المواد الاستهلاكية تجعل الوضع اكثر احراجا حيث قفزت أسعار المواد الغذائية بـ53 بالمائة ما بين 2015 و 2022 وبـ42 بالمائة بالنسبة لنفقات السكن خلال نفس الفترة وهو ما يجعل من التضخم الحالي اشد تأثيرا على الطبقات الفقيرة والمتوسطة. 

من جهة أخرى، يشهد الوضع المالي ازمة مماثلة اذ تجاوزت خدمة الدين الى اكثر من 20 مليار دينار في 2023 باعتبار نفقات التمويل (الفوائد) أي ما يعادل تقريبا 28 بالمائة من ميزانية الدولة وهو ما تسبب في تزايد الضغوطات المسلطة على مخزون البك المركزي من العملة الصعبة في ظل صعوبة النفاذ الى التمويلات الخارجية وتعطل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وتسبب هذا الانخفاض في عدم قدرة الدولة على توفير المواد الموردة الأساسية بالكميات الكافية وهو ما يفسر إلى حد كبير النقص الحاد في المواد الغذائية والمحروقات والأدوية وغيرها.

في هذا السياق المتأزم يفترض أن يقدم مشروع قانون المالية لسنة 2024 إجابات وحلولا للخروج من الوضعية الحالية الا ان في مضمونه متناقض مع متطلبات المرحلة."

رأي الاتحاد في قانون المالية الجديد (3): ميزانية للتقشف المقنّع وغياب الاستثمارات الهادفة

الشعب نيوز/ متابعات – اعتبرت المذكرة التي أعدها قسم الدراسات والتوثيق بالاتحاد العام التونسي للشغل بمناسبة النظر في قانون المالية لسنة 2024 ان ميزانية الدولة للسنة الجديدة هي في الواقع ميزانية للتقشف المقنّع خلافا لما يتردد في الخطاب الرسمي.

وبهذا الصدد، توقفت المذكرة عند بعض التناقضات وعلى رأسها ان "الحكومة تواصل في سياسات التقشف في وقت يؤكد فيه الخطاب السياسي رفضه لإملاءات صندوق النقد الدولي. فبالرغم من ارتفاع ميزانية 2024 بحوالي 9 بالمائة لتبلغ 77.8 مليون دينار، ومحاولة إضفاء مظهر إعادة الاعتبار للدور الاقتصادي والاجتماعي للدولة فان ملامح قانون المالية لسنة 2024 جاءت متناقضة تماما مع الغاية من وراء هذا الدور حيث اتسم المشروع بخيارات تقشفية تظهر جليا من خلال عنصرين جديرين بالاهتمام:

  • مواصلة سياسة تجميد الانتدابات وعدم سد الشغورات في الوظيفة العمومية تحت عنوان التحكم في كتلة الأجور وذلك في تجاهل للاحتجاجات المتأكدة من الموارد البشرية في العديد من القطاعات وخاصة في قطاعي الصحة والتعليم اللذين تشكيا من نقص فادح في الإطار الطبي وطاقم التدريس بما اثر سلبا على نوعية الخدمات المسداة.
  • خفض ميزانية دعم المواد الأساسية بـ5.6 بالمائة لتبلغ 3391 مليون دينار سنة 2024، وذلك بالرغم من الارتفاع الملحوظ للميزانية الجملية للدعم ابتداء من 2021 ليبلغ مستوى قياسيا في 2022 يقدر بأكثر من 7 بالمائة من الناتج المحلي الخام كما يبينه الرسم الموالي:

وأكدت المذكرة " أن الارتفاع المسجل في ميزانية الدعم كان مركزا حصريا في دعم المحروقات، حيث ان دعم المواد الأساسية ما فتئ ينخفض تدريجيا منذ سنتين بعد ان كان في حدود 3771 مليون دينار في 2022. وفي ظل تواصل الحرب في أوكرانيا عدم وجود مؤشرات موضوعية بانخفاض أسعار المواد الأساسية في الأسواق العالمية، فان التحكم في دعم المواد الأساسية سيتم حتما عن طريق مزيد الضغط على الكميات المستوردة وهو ما ينذر بمواصلة فقدان العديد من المواد الأساسية في 2024.

  • انخفاض نفقات الاستثمار العمومي الى 6.7 بالمائة من ميزانية الدولة (5.2 مليار دينار) وهو ادنى مستوى تشهده الميزانية التونسية منذ عقود حيث عادة ما تتراوح المستويات التاريخية لنفقات الاستثمار العمومي ما بين 15 و20 بالمائة. ويفترض المنطق الاقتصادي الموضوعي ان ترفع الدولة من استثماراتها في فترات الازمات التي يشهد فيها الاستثمار الخاص تراجعا، الا ان الواقع يثبت عكس هذا التوجه. كما يتبين من خلال تقديم لاهم البرامج الاستثمارية غياب للمشاريع التنموية المهيكلة والمهمة بما جعل ميزانية الاستثمار مشتتة بين عدد كبير جدا من المشاريع الغيرة والمتوسطة التي تفتقد الى الأثر التنموي والقيمة المضافة العالية.

في المقابل، غابت الاستثمارات الهادفة لحل مشاكل قطاعي النقل والمياه أمام تداعيات التغيرات المناخية وما سببته من جفاف وشح في الموارد المائية، من جهة أخرى، لم تول الميزانية الأهمية المنتظرة لمعالجة اهتراء البنية التحتية في المدارس والمعاهد والجامعات ومراكز التكوين المهني والنقص في المعدات والتجهيزات.

رأي الاتحاد في قانون المالية الجديد (2): ميزانية محكومة بإكراهات الاقتراض وخدمة الدين دون خطة واضحة

الشعب نيوز/ متابعات – تعرضت المذكرة التي أعدها قسم الدراسات والتوثيق بالاتحاد العام التونسي للشغل بمناسبة النظر في قانون المالية لسنة 2024 الى ميزانية الدولة للسنة الجديدة. وبهذا الصدد، نقرا في النقطة الخامسة من المذكرة "ان المضي قدما في سياسات التقشف مرده الأساسي الضغوط المسلطة على الميزانية من ناحية خدمة الدين العمومي والذي ينتظر ان يصل في سنة 2024 الى مستوى قياسي يناهز 24700 مليون دينار أي ما يعادل تقريبا ثلث الميزانية وأكثر من 14 بالمائة من الناتج المحلي الخام في وقت افتقدت فيه الحكومة التونسية الى استراتيجية ناجعة وواضحة المعالم للتداين الخارجي تكون بديلة عن عقد اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

ان انعدام الرؤية كان له انعكاسات سلبية على تعبئة الموارد الخارجية في 2023 حيث لم تتجاوز موارد الاقتراض الخارجي المحصلة الى نهاية سبتمبر الماضي 3075 مليون دينار مقابل احتياجات بأكثر من 10000 مليون دينار علما وان الى حدود نهاية نوفمبر 2023 تفتقد الحكومة الى مبلغ يناهز 2000 مليون دينار بعنوان الاقتراض الخارجي وهو ما يثير تساؤلات حول خطة الحكومة لتعبئة هذا المبلغ في اقل من شهر."

وتشرح المذكرة "انه امام القصور في إيجاد التمويلات وما سببه من شح في السيولة لجات الحكومة خلال سنة 2023 الى الترفيع المفرط في قروض رقاع الخزينة قصيرة المدى – أي التي يقع تسديدها في اقل من سنة – وهي الية مكلفة جدا مقارنة بالقروض الأخرى. وبلغ مستوى هذه القروض 8440 مليون دينار ومن المنتظر ان يتجاوز 10000 مليون دينار في 2024."

يضاف الى ذلك، ان مشروع قانون المالية 2024 " لم يفصح عن خطة واضحة لتعبئة قروض دعم الميزانية حيث يبقى مبلغ 10300 مليون دينار رهين المجهول من ناحية مصدر الاقتراض."

رأي الاتحاد في قانون المالية الجديد (1): اقتراحات عاجلة منها جدولة بعض القروض واكتتاب وطني للتونسيين بالخارج

الشعب نيوز/ متابعات – يواصل مجلس نواب اليوم السبت 9 ديسمبر النظر في مشروع قانون المالية لسنة 2024 والمصادقة عليه فصلا فصلا. وقد أثار هذا المشروع اهتمام العديد من المختصين بالنظر الى ما جاء فيه من إصلاحات محدودة وما احتواه من إجراءات ضريبية جديدة.

سبق لعدد من هياكل الاتحاد تخصيص جلسات موجهة للنظر فيه وخاصة لما سينعكس منه على الشغالين وعموم الفئات الضعيفة. ولا جدال في ان قسم الدراسات والتوثيق بالمركزية هو الإطار المؤهل أكثر من غيره الذي عكف على المشروع بالدرس وأصدر في الغرض مذكرة نأتي عليها تباعا.

لكن قبل الغوص في التفاصيل، دعونا نمر مباشرة الى جملة الاقتراحات العاجلة التي حوتها المذكرة ومنها " إعادة جدولة القرض الداخلي بالعملة الصعبة المستوجب لدى البنوك التونسية (752 مليون دينار مستحقة في 2024) وتأجيل سداد القسط من التسبقة الاستثنائية للبنك المركزي (500 مليون دينار) وفتح اكتتاب وطني بالعملة الصعبة لفائدة التونسيين بالخارج يستخلص لاحقا بالدينار التونسي وادماج الأقساط المستحقة لدى صندوق النقد الدولي في 2024 (1900 مليون دينار)ضمن برنامج جديد يقع التفاوض بشأنه في كنف الندية والشفافية وفي اطار احترام القرار الوطني."

على صعيد آخر، جدد الاتحاد عبر قسم الدراسات والتوثيق دعوته للحوار الاجتماعي حول المسائل الجبائية والمالية والاقتصادية المستعجلة ومنها:

  • رفع الحيف الجبائي وتحقيق عدالة جبائية من خلال إعادة النظر في الضريبة على الشركات ومراجعة سلم الخصم بعنوان الضريبة على الدخل في اتجاه تدعيم التصاعدية وعدم الاكتفاء ب5 شرائح بل توسيعها،
  • إعادة تفعيل اعمال اللجنة الثلاثية المشتركة لتدارس سبل اصلاح منظومة الدعم وتوجيهه نحو مستحقيه،
  • اصلاح المؤسسات العمومية وتعبئة الموارد المالية من اجل انعاشها وتجديد معداتها ومعالجة مديونيتها ضمن برنامج انقاذ وفاقي وبعد التدارس المشترك لواقع المؤسسات حالة بحالة،
  • تحسين القدرة الشرائية للمواطنين ومعالجة معضلة ارتفاع الأسعار وخاصة منها أسعار المواد الغذائية والعمل على ضبط استراتيجية للتحكم في مسار تشكل الأسعار وإرساء اليات جديدة لتعديل السوق،
  • اعادة النظر في تمويل السياسات الاجتماعية الحالية المتعلقة بالمنح العائلية المدمجة في الاجر وببرامج العائلات المعوزة ومقاومة الفقر في اتجاه الرفع من اعتماداتها،
  • المراجعة الشاملة لمردودية الإعفاءات والامتيازات الضريبية وكافة إجراءات الانفاق الجبائي في اتجاه ربطها بمستويات التشغيل وتحقيق القيمة المضافة،
  • القضاء على التشغيل الهش خاصة في قطاع التربية،
  • الحد الأدنى في الجرايات (المتقاعدين) والاجر الأدنى،
  • النهوض بالتشغيل والتكوين المستمر واسناد الشركات الناشئة،
  • دفع الاستثمار العمومي والخاص والقطاعات غير المستغلة بالكامل،
  • اصلاح الإدارة ورقمنتها وتعصير الخدمات الإدارية ومكافحة الفساد،
  • دعم المشاريع والسياسات التنموية المهيكلة،
  • مكافحة تدهور البيئة والتغير المناخي وتحسين إدارة ازمة الماء،
  • الانتقال من الاقتصاد غير المنظم الى الاقتصاد المنظم.