دولي

اسرائيل " تمثل أمام محكمة العدل بتهمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين لأول مرة "

لاهاي / وكالات - في حدث تاريخي، يمثُل يوم غد الخميس 11 جانفي 2024  الكيان الصهيوني  القوة القائمة بالاحتلال، لأول مرة، أمام محكمة العدل الدولية في مدينة لاهاي الهولندية، في الدعوى التي قدمتها ضدها دولة جنوب افريقيا، والتي تتهمها بارتكاب جريمة "إبادة جماعية" ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وبموجب الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا في التاسع والعشرين من ديسمبر 2023 الماضي على خلفية تورط  الكيان المحتل  في "أعمال إبادة جماعية" ضد الشعب الفلسطيني  في قطاع غزة، حددت المحكمة يومي 11 و12 جانفي 2024  الجاري لعقد جلسات الاستماع.

وتقدم جنوب افريقيا مرافعة من 84 صفحة باللغة الإنقليزية، تعرض خلالها دلائل على انتهاك  الكيان الصهيوني  القوة القائمة بالاحتلال لالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وتورطها بارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وطلبت جنوب إفريقيا في الدعوى لمحكمة العدل الدولية "الإشارة إلى تدابير مؤقتة من أجل الحماية من الضرر الإضافي الجسيم وغير القابل للإصلاح لحقوق الشعب الفلسطيني بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية ولضمان امتثال  الكيان المحتل  لالتزاماتها بموجب الاتفاقية بعدم المشاركة في الإبادة الجماعية، ومنعها، والمعاقبة عليها".

وقال مساعد وزير الخارجية للأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة عمر عوض الله، إن خطوة جنوب افريقيا الشجاعة تتسق مع المسار القانوني الذي اعتمدته دولة فلسطين لمساءلة ومحاسبة  الصهاينة على جرائمهم المستمرة بحق  الشعب الفلسطيني على مدار 75 عاما.

وأضاف:" توجه جنوب إفريقيا الصديقة التي تزخر بتاريخ نضالي حافل، ليس غريبا، فهي التي قال رئيسها الراحل، القائد الأممي نيلسون مانديلا "حريتنا منقوصة من دون حرية الفلسطينيين".

وأشار إلى أن هذه الدعوى ستسهم في تحقيق العدالة الدولية وترفض الابرتهايد وتنهي المخالفات الجسيمة والجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني  بحق شعب فلسطين .

وأوضح أن جنوب افريقيا الدولة العضو في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والتي وقعت عليها 153 دولة من ضمنها  الكيان الصهيوني ، قدمت قضية خلافية لمحكمة العدل الدولية لاتخاذ التدابير المؤقتة اللازمة والعاجلة لوقف العدوان على شعبنا، والكف عن فرض ظروف معيشية متعمدة تهدف إلى تصفيتهم جسديًا كمجموعة، ولمنع ومعاقبة ارتكاب، والتآمر، والتواطؤ، والتحريض المباشر والعلني على الإبادة الجماعية، وإلغاء السياسات والممارسات ذات الصلة، بما في ذلك ما يتعلق بتقييد دخول المساعدات ومخططات التهجير القسري.

واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، اعتمدت من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9  ديسمبر 1948، وبدأ سريانها في 12 جانفي 1951.

وأكد مساعد وزير الخارجية للأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة، أن قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة لجميع الدول ليس فقط بعدم ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، بل بمنعها والمعاقبة عليها.

وبين أن حيثيات الدعوى تناقش أيضا نية المسؤولين الصهاينة  ارتكاب والاستمرار في ارتكاب أعمال إبادة جماعية من خلال تصريحاتهم، التي حاولت شيطنة الفلسطينيين ونزع الصفة الإنسانية عنهم لتنفيذ مخططات الإبادة الجماعية بحقهم.

وعن جلسة المحكمة يومي الحادي عشر والثاني عشر من الشهر الجاري، قال عوض الله: إن المحكمة ستستمع بهيئتها المكونة من 15 قاضيا في اليوم الأول، لدولة جنوب افريقيا وفريقها القانوني على مدار ساعتين، وترفع الجلسة للتداول، وفي اليوم الثاني ستستمع لدولة الاحتلال ثم ترفع الجلسة للنظر في الاجراءات والتدابير العاجلة.

ودعا إلى أهمية الربط بين ما يقوم به الكيان المحتل  من ابادة جماعية في قطاع غزة، تعتبر أم الجرائم وأبشعها، والجرائم التي يرتكبها في الضفة بما فيها القدس، والتي ترتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، باعتبارها ممنهجة وتأتي استكمالا لمشروعه في ابادة الشعب الفلســـطيني أو تهجيـره قسرا.

وأعرب عوض الله عن أمله بصدور قرار وحكم سريع من محكمة العدل الدولية، لأن الوقت في غزة من دم، وألم، وأن يتم وقف العدوان الصهيوني على شعب  فلسطين الباسل هناك، وأن تسهم التدابير العاجلة للمحكمة في حماية  الشعب الفلسطيني .

و يخشى الكيان الصهيوني ، أن تنسب محكمة العدل الدولية له تهم الإبادة الجماعية جراء عدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني الذي دخل شهره الرابع، وشنت هجوما على جمهورية جنوب إفريقيا بعد رفعها دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية تتهمها بارتكاب "جرائم إبادة جماعية".

رئيس دولة الاحتلال يتسحاق هرتسوغ، هاجم لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس الثلاثاء، جنوب إفريقيا، وادعى أنه "لا يوجد ما هو أكثر وحشية" لا من الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا وتتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في حربها على قطاع غزة.

ووصف رئيس مجلس الأمن القومي الصهيوني  تساحي هنغبي، اتهام جنوب إفريقيا للكيان الصهيوني  بارتكاب إبادة جماعية في غزة بأنه "افتراء"، وقال: "سوف ننضم إلى (القضية) وندحض الاتهام السخيف الذي يصل إلى حد فرية الدم".

الخارجية الصهيونية ، بدورها، أعلنت رفضها رفع جنوب افريقيا الدعوى، وادعت أنها "مؤامرة، وأن حجة جنوب إفريقيا تفتقر إلى أساس واقعي وقانوني وتشكل استغلالاً رخيصاً لمحكمة العدل الدولية".

وأعلنت في وقت لاحق، أنها ستحضر جلسات الاستماع التي ستعقد في المحكمة يومي 11 و12 جانفي  الجاري.

وعلى الصعيد ذاته، نقلت هيئة البث الصهيونية  عن سفير دولة الاحتلال لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان، زعمه أن رفع جنوب إفريقيا دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية "مؤامرة دموية وتعاون مع منظمة إرهابية".

وعمد الكيان الصهيوني  لاختيار القاضي المتقاعد أهارون باراك، الرئيس السابق للمحكمة العليا الصهيونية، لتمثيلها في فريق قضاة محكمة العدل الدولية، في إطار الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا.

علما أنه كان قد تعرض لهجمات من وزراء وأعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي، بسبب انتقاده خطة التعديلات القضائية، التي طرحها نتنياهو مؤخرا.

و شهدت العلاقات بين جنوب افريقيا وفلسطين تطورا ملحوظا منذ عام 1994، إبان فترة حكم القائد الأممي الراحل نيلسون مانديلا، بعد انتهاء نظام الفصل العنصري، حيث أصبح الموقف المؤيد والمناصر للقضية الفلسطينية اكثر وضوحاً.

وتوطدت العلاقات بين البلدين مع اتساع هامش الاهتمام الذي أولاه قادة جنوب إفريقيا بالقضية الفلسطينية، وتبادلت القيادة السياسية لجمهورية جنوب إفريقيا الزيارات واللقاءات مع القيادة السياسية الفلسطينية منذ زيارة الرئيس الراحل ياسر عرفات لجمهورية جنوب إفريقيا عام 1994، وحتى زيارته الرسمية الثانية عام 1998، تلتها زيارات على فترات متباعدة كان أبرزها زيارة الرئيس الراحل عرفات في  أفريل 1999، و أوت عام 2000، ثم زيارته الشهيرة في ماي من العام 2001، في إطار الاجتماع الوزاري لدول عدم الانحياز بشأن القضية الفلسطينية.

وتتمسك جنوب افريقيا بمواقفها تجاه القضية الفلسطينية، وتدعو لتحقيق العدالة وتقرير المصير للشعب الفلسطيني، وهو ما أكده زعماء جنوب أفريقيا بداية من نيلسون مانديلا وما بعده من رؤساء ووزراء داعمين للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية حتى الآن.

ووصفت جنوب افريقيا توجه الرئيس محمود عباس لطلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة بالحدث التاريخي، وأن إقامة دولة فلسطينية يمثل أهمية لكل دول العالم.

وكانت جنوب افريقيا من أولى الدول التي أعلنت عن استدعاء جميع دبلوماسييها في الكيان الصهيوني  للتشاور، على خلفية العدوان المدمر على قطاع غزة، وفق ما أعلنت الوزيرة المكلفة الشؤون الرئاسية خومبودزو نتشافيني.

وفي 6  نوفمبر 2023  الماضي، استدعت جنوب إفريقيا سفير الكيان الصهيوني  لديها، للتشاور بشأن الهجمات على القطاع، وفي 21 من الشهر ذاته، صوت أعضاء البرلمان في جنوب أفريقيا لصالح إغلاق السفارة الصهيونية  في بريتوريا وتعليق جميع العلاقات الدبلوماسية حتى يتم الاتفاق على وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.

وانتقد رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا وكبار مسؤولي وزارة الخارجية في تصريحات، المسؤولين الصهاينة  بسبب الحرب الدامية على قطاع غزة المكتظ بالسكان، ودعوا المحكمة الجنائية الدولية إلى التحقيق معهم بشأن جرائم حرب محتملة.

وكان لجمهورية جنوب افريقيا، عدد من القرارات التي ساهمت في تعزيز العلاقات الثنائية مع فلسطين، ومنها اعفاء المواطنين الفلسطينيين في سبتمبر 2023 الماضي، الذين يحملون جوازات سفر فلسطينية من تأشيرات الدخول إلى كافة المطارات والموانئ والمعابر الحدودية لجنوب إفريقيا لمدة 90 يوما، دون الحاجة لإصدار تأشيرات من سفاراتها.

وكانت الاردن أولى الدول التي أعلنت عن دعمها للدعوى التي تقدمت بها جنوب افريقيا إلى محكمة العدل الدولية، واكد رئيس الوزراء الاردني بشر الخصاونة، اليوم الأربعاء 10 جانفي 2024 ، أن بلاده ستقدم المطالعات القانونية والمرافعات اللازمة حالما تنظر العدل الدولية بدعوى الإبادة الجماعية في غزة المقدمة من جنوب افريقيا.

وأعلنت بوليفيا كأول دولة في أميركا اللاتينية، تأييدها للدعوى، مشيدة بالخطوة التي اتخذتها جنوب إفريقيا بهذا الصدد، واعتبرتها خطوة تاريخية في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، مؤكدة ضرورة دعم هذه المبادرة من المجتمع الدولي.

كما أعلن السفير الليبي لدى هولندا زياد دغيم، انضامام بلاده إلى المرافعات القانونية التي ستجرى أمام محكمة العدل الدولية، للنظر في الدعوى ضد  الكيان الصهيوني  بتهم خرق معاهدة الإبادة الجماعية خلال حربها على قطاع غزة.

وقال دغيم، عبر الصفحة الرسمية للسفارة على منصة "اكس"، أن السفارة الليبية تواصل التشاور ودعم جنوب إفريقيا بشأن القضية المرفوعة التي ستجرى جلساتها خلال هذا الأسبوع ضد الاحتلال الصهيوني  لدى محكمة العدل الدولية بالتنسيق مع المجموعة العربية في لاهاي الهولندية.

محكمة العدل الدولية هي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، وتتولى الفصل طبقا لأحكام القانون الدولي في النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول، وتقديم آراء استشارية بشأن المسائل القانونية التي قد تحيلها إليها أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة.

وأصدرت محكمة العدل الدولية في التاسع من تموز عام 2004، قرارا أكدت فيه أن جدار الفصل العنصري "مخالف للقانون الدولي".

وطالبت المحكمة في قرارها، الذي أصبح يعرف فيما بعد بـ"فتوى لاهاي"، وأيده أربعة عشر صوتا مقابل صوت واحد معارض، إسرائيل بوقف بناء الجدار وهدم ما تم بناؤه، ودفع تعويضات لكل المتضررين بمن فيهم القاطنون في القدس الشرقية وما حولها.

ومنذ السابع من أكتوبر 2023  الماضي، يشن الاحتلال عدوانا مدمرا على قطاع غزة، خلّف في حصيلة غير نهائية، 23084 شهيدا، واصابة 58926 آخرين، أكثر من 70% منهم نساء وأطفال، وأكثر من 7 آلاف شخص في عداد المفقودين تحت الأنقاض، إضافة إلى ما خلفه العدوان من دمار هائل في البنية التحتية وكارثة صحية وإنسانية غير مسبوقة.