وطني

مهندسون وأعوان بلا أجور ومستقبل مركز الدراسات الفلاحية غامض في ظل قرار التصفية

الشعب نيوز / نصر الدين ساسي - يعيش المهندسون والإطارات وأعوان المركز الوطني للدراسات الفلاحية في الأشهر الأخيرة أوضاعا مهنية وإجتماعية صعبة وسط تزايد المخاوف وضبابية الرؤى بشأن مستقبلهم المهني والعائلي ومستقبل المركز خصوصا بعد إعلامهم مؤخرا بضرورة إخلاء المقر لفائدة الديوان الوطني للأعلاف المحدث مؤخرا والالتحاق بالطابق الأرضي للإدارة العامة للإنتاج الفلاحي.

ورغم أن هذا القرار لن يبدل الكثير في وضعية العمل اليومي بالمركز من جهة إفتقار الإدارة لجل مقومات العمل،فان هذه الأوضاع المهنية المتردية زادت من حدة معاناة أبناء المركز وبناته سيما وأنهم وإلى حد الساعة لم يحصلوا على أجرة شهر جانفي 2024 وكذلك الأقساط الأربعة لمنحة الإنتاج بعنوان سنة 2023  ومنحة الشهر الثالث عشر أيضا إضافة إلى منح التنقل لسنوات 2022 و 2023.

وتحتدم عذابات المهندسين والإطارات والأعوان بالمركز لافتقارهم لرغيف الخبز في وزارة الخبز والقمح والشعير لغياب واحد من أعمدة العمل اللائق وهو الأجور والمنح كما تتعمق مخاوفهم جراء ضبابية المشهد الراهن والمستقبلي للمركز بالنظر لغياب المعلومة الدقيقة ولكيفية التصفية التي وافقت عليها وزارة الإشراف دون أن تكون هناك معطيات أو تطمينات حول الخيارات المتاحة للتصفية بين التسريح أو الإلحاق وضمان كرامة أبناء وبنات ىالمركز من خلال صيانة مكتسباتهم من أجور ومسارات مهنية وخطط وظيفية ومكان العمل.

للعلم، فان أعوان المركز وإطاراته قد قاموا بعديد المحاولات للقاء الكاتبة العامة للوزارة ورئيس الديوان وكاتب الدولة للمياه وسبق أن راسلوا الوزير بخصوص عدم حصولهم على أجورهم لكنهم لم يحصلوا على إجابات أو تطمينات تقدر معاناتهم وتحل أزمة حرمانهم من أجورهم التي لا تتطلب في الواقع مراسلات وتوسلات.

مكسب في طريقه للاندثار  

غريب قرار التخلي عن هذا المكسب المهم والحيوي والإسترتيجي الذي كان يشكل ذراعا قويا لوزارة الفلاحة وللاقتصاد الوطني والسيادة الوطنية في قطاع أصبح اليوم مفتوحا للمنافسة ونعرف جميعا الكلفة الباهضة للدراسات والفواتير الخيالية للمكاتب الخاصة للدراسات.

 قلت غريب هذا القرار والخيار لان المركز الوطني للدراسات الفلاحية ومنذ إنشائه وقع تكليفه بإنجاز مهام الدراسات بمختلف أنواعها وتكوين إطارات وزارة الفلاحة وإنجاز دورات تكوينية وقد قام المركز فعلا بعديد الدراسات المهمة والإسترتيجية للوطن نذكر منها دراسة مشروع رجيم معتوق ودراسات أخرى حول المناطق السقوية / حوض مجردة / الفلاحة المندمجة بمختلف ولايات الجمهورية وتقييم  مدى نجاحها / هيكلة الأراضي الدولية / تهيئة الواحات بالجنوب / إحداث المناطق السقوية /  تهيئة الغابات اضافة الى إنجاز عديد  الدراسات في الخارج وحديثا دراسة في الغابون.

السؤال ههنا هل تجاوزنا بالفعل كل التحديات المطروحة على القطاع الفلاحي ولم نعد بالتالي في حاجة للدراسات أم أننا نملك الموارد المالية الإضافية لتكليف مكاتب دراسات خاصة قد تثقل كاهل ميزانية الدولة بأعباء إضافية لينطبق علينا المثل القائل "ولدها فوق ظهرها وهي إتلوج عليه".

الحلول موجودة لكن ..

 تم إحداث هذا المركز في إطار مشروع تعاون مع المنظمة العالمية للأغذية والزراعة منذ عام 1974 وكان يتمتع بدعم منها إلى حدود عام 1984 وإستطاع أن يحقق أرباحا من منطلق عمله  كمكتب دراسات حيث لم تكن هناك مكاتب دراسات خاصة. لكن وبعد فتح المجال للمكاتب الخاصة بدأ المركز يشهد صعوبات على المستوى المالي في الحصول على دراسات وتزايدت الضغوط من خلال إستقطاب الخبرات الموجودة بالمركز وتراجعت بالتالي قدرته الهندسية نظرا للفوارق في مستويات التأجير بين المركز والقطاع الخاص وقد تمت وقتها المطالبة بالرفع في مستويات التأجير بالمركز لكن لم تتم الاستجابة لهذا المطلب بل على العكس تماما تم إستثناء المركز من عديد الزيادات التي أقرت للمهندسين في الوظيفة العمومية الشيء الذي جعل أجر المهندس العام المكلف بوظيفة مدير لا تتجاوز 65 بالمائة من أجرة زميله في الوظيفة العمومية.

تراجع بذلك عدد المهندسين بالمركز من خمسين في بدايته الى 7 مهندسين حاليا وقد إنجر عن تراجع عدد المهندسين فقدان عديد الإختصاصات بالمركز  وتراجع معه حجم الدراسات الموكلة للمركز وهو ما أدى اليا إلى تفاقم العجز المالي للمركز. 

يتضح إذن ضعف الجهد الإستباقي في المحافظة على المركز منذ بداية الإشكاليات وعدم تطوير أنشطته تدريجا وكذلك ضعف مستويات الحوار الإجتماعي والتفاعل مع المقترحات المقدمة من قبل المركز وهي ثلاثة:

أولا. تكليف المركز بمهمة مكتب إستشاري لوزارة الفلاحة من أجل إعداد الدراسات الاستراتيجية وإعداد التوجهات العامة للوزارة وتقييم المشاريع الكبرى وإعداد الخطوط المرجعية للمشاريع الكبرى

- ثانيا. إدماج المركز مع بعض الإدارات العامة لوزارة الفلاحة

- ثالثا تصفية المركز والخروج به من إطار المنافسة مع مكاتب الدراسات الخاصة لأنه مقيد بقوانين الوظيفة العمومية.

لكن للأسف لم يتم التعاطي مع هذه المقترحات مقابل الإبلاغ بقرار التصفية دون معطيات أو توضيحات ونقول في هذا الصدد بأنه قد حكم على المركز بالموت السريري القسري خصوصا وأن الأوضاع التي يعيشها حاليا تعني ضمنيا عدم المشاركة في المناقصات الجديدة التي ستطرح خلال سنة 2024 وبالتالي إندثار هذا المكسب.