وطني

سامي بن سلامة : بإمكان الاتحاد فعل الكثير لخلق مناخ ديمقراطي سليم يمكّن من استعادة الحقوق والحريات

الشعب نيوز / صبري الزغيدي - أكد سامي بن سلامة العضو المجمّد في هيئة الانتخابات أن من أهم مهام الاتحاد العام التونسي للشغل أن يقف سدا منيعا أمام كل ما يسعى إلى جعل فكرة التداول القانوني السلمي والدوري على السلطة حلما بعيد المنال عن التونسيين، وبإمكانه فعل الكثير لخلق مناخ ديمقراطي سليم يمكّن من استعادة الحقوق والحريات.

وبيّن في حديث له مع الشعب نيوز ان الاتحاد يمكنه فعل الكثير عن طريق تجميع كل القوى الحية الديمقراطية بالبلاد، وربما  يمكن ان  يفكر في تجسيد مواقفه المدافعة عن الحريات من خلال ارسال مراقبين لكل محاكمات الرأي والمحاكمات السياسية الجائرة التي تقام على طول الوطن وعرضه وتجميع جميع من يؤمن بالديمقراطية والحريات خلف هدف إسقاط المرسوم عدد 54 القمعي ومنع الحكم من مزيد التمادي في خرق القوانين وتفسيرها. 

واضاف سامي بن سلامة ان الاتحاد يمكنه الضغط لفرض انشاء المحكمة الدستورية والمجالس القضائية الجديدة وحل هيئة الانتخابات التي باتت ذراعا جديدا لمن يحكم وعدوّا معلنا لباقي الفاعلين السياسيين وتكوين الهيئة المنصوص عليها ضمن فصول الدستور الجديد، وخاصة العمل على فرض توفير شروط المنافسة العادلة في الانتخابات الرئاسية المقبلة قبل عقدها في موعدها أو في غير موعدها.

ولفت بن سلامة  في حديثه الى أن الاتحاد باعتباره قوة التوازن الرئيسية وربما الوحيدة اليوم في تونس أن يتجاوز مشاكله الداخلية بسرعة عن طريق مراجعة بعض الخيارات وإجراء مصالحة شاملة لكي يسترجع دوره الاجتماعي والسياسي، بما أنه  يحضى باحترام كبير رغم الانتقادات الموجهة له والتي لا يدخل بعضها  في باب التجني، مبرزا ان المنظمة الشغيلة في هذه المرحلة الحرجة في تاريخ البلاد أن تحزم أمرها وأن تكف عن التردد وتنهي معضلة الأمل في إصلاح علاقتها بالحكم وأن تواجه دون مواربة كل ما يمنع تونس من خلق مناخ ديمقراطي سليم يمكّن من استعادة الحقوق والحريات، حسب قوله.

سيطرة على الدولة والمجتمع

وفي معرض تحليله للمشهد السياسي في البلاد، يعتقد سامي بن سلامة أن ما تعيشه تونس منذ أكثر من سنتين هو تطبيق ممنهج لاستراتيجية واضحة المعالم تهدف للإحتواء العام والشامل لكل "ما ومن" يمكن أن يمثل إزعاجا أو يشكل عائقا أمام مخططات السلطة الحالية في السيطرة التامة على الدولة والمجتمع بهدف مواصلة بناء حكم فردي تسلطي يستمر لعدة سنوات وربما لعقود.

ووصف بن سلامة نظام الحكم بأنه يلعب ويتلاعب بالمشاعر وايهام جزء من الرأي العام بأن مشاكله الحالية وأزماته المتواصلة ليست نتيجة إضاعة الوقت وانعدام الكفاءة أو عجز السلطة  من ناحية التصور والتخطيط والانجاز عن ايجاد حلول عقلانية ناجعة بل هو نتيجة للعوائق والمؤامرات الداخلية والخارجية الخبيثة التي تمنع تطبيق الحلول السحرية التي تكفل بتغيير وضعه من حال إلى حال.

بن سلامة أشار الى ان  الحكم الحالي يلعب على سلطة الغرائز البدائية لدى جزء من الشعب بإثارتها وإثارة الرغبة في الانتقام والتشفي لدى طائفة من التونسيين ممن يعتقدون أنهم سبب بلائهم، وهو يستغل جيدا وطأة حالة اليأس وروح الاستسلام التي تفشت في المجتمع نتيجة غياب المنجز الاقتصادي والاجتماعي طيلة السنوات الفارطة مما ترك له هامشا واسعا لنسج خيوط شبكته ومن ضمنها شبكة مصالح سياسية واقتصادية واجتماعية جديدة مهيمنة والسعي للتخلص من عبء من ينتبه أو ينبه لخطورة ذلك، باعتماد الشيطنة والتشويه مما يمهد لقمع وملاحقة ومحاكمة وتهديد والتضييق على كل الجهات القادرة على الاعتراض على مخططاته اليوم أو مستقبلا. 

محدثنا فسّر ان الاستهداف المباشر للاتحاد العام التونسي للشغل  وغيره من التنظيمات المهيكلة يدخل في هذا الإطار، ولا يتعلق الأمر بفرض بعض التضييقات على الحق النقابي، بل بالخنق التدريجي والشامل لكل محاولة لإبداء الرأي أو الاعتراض، مبيّنا ان  ذلك يتم بعدة طرق ومن أطرفها قلب الأدوار بطريقة تكاد تكون سريالية، عندما يكون هناك رئيس يحكم تونس من قصره منذ 3 سنوات تقريبا ولكنه يتقمص ببراعة دور من يتزعم في الٱن نفسه جبهة المعارضة لحكمه.

واضاف ان الرئيس لا يحاول إصلاح أي شيء يقدر على إصلاحه بجرّة قلم بل يثير اشكاليات بعضها حقيقي وبعضها مفتعل لإشغال الرأي العام، ولكنه لا يتخذ في شأنها قرارات ولا يتابعها كما يفعل كل حكام العالم بل يقتصر على محاولة تحميل  غيره مسؤولية تواصل تردي الأوضاع مع عجزه التام عن مجرد اقتراح حلول ولو كانت بسيطة وناجعة.

سامي ين سلامة أكد في تحليله أن الحكم الحالي لا يهمه بصفة عامة إن كان الاتحاد وغيره قد ارتكبوا أخطاء في سياساتهم على المستوى التنظيمي الداخلي أو على المستوى الوطني أو لم يرتكبوا، بقدر ما يهمه هو لأي جهة ينتمون وفي أي جانب يقفون ومن سيساندون في النهاية في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة وأهمها الاستحقاق الرئاسي، وإن تم إضعافهم لدرجة لم يعودوا فيها قادرين على مساندة أي كان يواجه مرشحه.

وحسب محدثنا، فقد تبين ذلك جليا للتونسيين في عديد المسائل والاشكاليات التي أثيرت وتثار كل يوم تقريبا، فالمواطن الجيد والنقابي الطيب والوطني الغيور هو ذلك الذي يرتمي في حضن الحكم ولا يهم حينها إن كان متهما بارتكاب نفس الأفعال التي يحاكم من أجلها المواطن السيء والنقابي الشرير والعميل القذر، قائلا : " في النهاية نحن جميعا مستهدفون من طرف من يحكم، مهما كانت خلفياتنا أو أهدافنا طالما كانت تتعارض مع أهدافه ومن يقف خلفها سواء كنا أفرادا أم أحزابا أم نقابات، هذا لا يعني أننا لم نرتكب أخطاء كبيرة في التقدير وإن كانت عن حسن نية ونتيجة لرغبة في الإصلاح والتغيير ومن بينها مساندة ما سمي بمسار 25 جويلية ولو كان ذلك بصفة مشروطة بدون ضمانات مكتوبة تكفل العودة إلى مسار الديمقراطية والحفاظ على الحريات".

وختم سامي بن سلامة حديثه بالقول: "لكن هذه الأخطاء سواء كانت ارتكبت من طرف أفراد أو أحزاب أو منظمات لا تمثل مبررا لمعاقبة بلد كامل وإخضاعه لسلطة فرد واحد يفعل فيه ما يشاء ويدمر فيه بطريقة ممنهجة كل ما بني وشُيّد قبل 2011 وبعدها".