دولي

الحرب تتواصل في غزة رغم قرار مجلس الأمن الدولي الداعي لوقف إطلاق النار

غزة / وكالات - تَواصل القتال في قطاع غزة  اليوم الثلاثاء 26 مارس 2024  غداة صدور أول قرار عن مجلس الأمن الدولي يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار" بين حركة حماس و الكيان الصهيوني  الذي سارع لإبداء امتعاضه من حليفه الأميركي لعدم تصويته ضدّ القرار كما فعل مراراً منذ اندلعت الحرب قبل أكثر من خمسة أشهر. 

وفجر الثلاثاء، أفاد شهود عيان وكالة " فرانس برس" الإخبارية  بأنّ غارات جوية عدّة استهدفت أماكن قريبة من رفح، المدينة الواقعة في أقصى جنوب القطاع على الحدود المغلقة مع مصر والتي تضاعف عدد سكّانها خمس مرات منذ اندلعت الحرب.

كما أفاد شهود عيان بأنّ اشتباكات عنيفة دارت في حي الرمال ومخيم الشاطئ وتل الهوى بمدينة غزة ووسط خان يونس وغربها. 

وبحسب مكتب الإعلام الحكومي التابع لحماس فقد شنّ الجيش الصهيوني  ليل الإثنين عشرات الغارات الجوية في غزة ورفح ودير البلح وخان يونس والمغازي وبيت لاهيا، بالتوازي مع قصف مدفعي مكثف استهدف مناطق مختلفة في القطاع. 

ورفح التي لجأ إليها أكثر من مليون نازح بسبب الحرب مهدّدة اليوم بعملية برية واسعة النطاق يعدّ لها الكيان الصهيوني ويخشى المجتمع الدولي من مخاطرها على المدنيين الفلسطينيين المكدّسين فيها. 

وفجر الثلاثاء دوّت صافرات الإنذار في بلدات صهيونية  قريبة من قطاع غزة، وكذلك أيضاً في شمال الدولة العبرية، بحسب ما أعلن الجيش الصهيوني. 

والإثنين، حذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وزير الدفاع الصهيوني يؤاف غالانت خلال اجتماع في واشنطن من مخاطر اجتياح رفح، مجدّداً التأكيد على رفض الولايات المتّحدة الأمريكية لمثل هكذا عملية عسكرية واسعة النطاق. 

وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في بيان إنّ بلينكن "كرّر دعم الولايات المتّحدة الأمريكية  لضمان هزيمة حماس، بما في ذلك في رفح، لكنّه كرّر معارضته لعملية برية واشعة النطاق في رفح".

وأضاف أنّ الوزير الأميركي "شدّد على وجود حلول أخرى غير غزو برّي واسع النطاق، وهي حلول من شأنها أن تضمن بشكل أفضل أمن الكيان الصهيوني وتحمي المدنيين الفلسطينيين". 

من جهته، قال غالانت إنّه "لا يحقّ لنا من الناحية الأخلاقية وقف الحرب طالما أنّ هناك رهائن في غزة". 

وشدّد الوزير الصهيوني  على أنّ "نتيجة هذه الحرب ستحدّد شكل المنطقة لسنوات مقبلة"، مؤكّداً أنّه من أجل ضمان أمن الدولة العبرية لا بد من "هزيمة" حماس. 

وعُقد الاجتماع بين بلينكن وغالانت في مقرّ وزارة الخارجية في واشنطن بعيد ساعات من إلغاء الكيان الصهيوني  زيارة كان مقرراً أن يقوم بها وفد رفيع المستوى إلى العاصمة الأميركية. 

وألغت الدولة العبرية الزيارة احتجاجاً على عدم استخدام واشنطن حقّ الفيتو في مجلس الأمن الدولي لمنع صدور القرار الداعي لوقف لإطلاق النار.

ويطالب القرار الذي تمّ تبنّيه بغالبية 14 صوتاً مؤيّداً وامتناع عضو واحد عن التصويت هو الولايات المتحدة، بـ"وقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان" الذي بدأ قبل أسبوعين، على أنّ "يؤدي إلى وقف إطلاق نار دائم". كما يدعو القرار إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن".

ورحّب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بصدور القرار، مشدّداً على أهمية تنفيذه. وقال في منشور على منصة إكس "ينبغي تنفيذ هذا القرار. إن الفشل سيكون أمراً لا يغتفر".

أما الرئيس السابق دونالد ترامب الذي غالباً ما اعتُبر أكثر الرؤساء الأميركيين تأييداً للكيان المحتل  فقال لصحيفة "إسرائيل هايوم" إنّه يتعيّن على الدولة العبرية أن "تنهي" الحرب في القطاع الفلسطيني لأنّها تخسر "الكثير من التأييد" حول العالم.

من جهتها، رحّبت حماس بقرار مجلس الأمن واتّهمت الكيان الصهيوني  بـ"إفشال" الجهود الرامية للتوصّل إلى اتّفاق يرسي هدنة موقتة ويتيح إطلاق سراح رهائن صهاينة  وأسرى فلسطينيين. 

وفي قطاع غزة، رحّب سكّان التقت بهم وكالة فرانس برس بقرار مجلس الأمن لكنّهم طالبوا واشنطن باستخدام نفوذها على الكيان الصهيوني  لتنفيذه.

واندلعت الحرب إثر هجوم شنّته حماس على جنوب تل أبيب  في 7 أكتوبر 2023  وأوقع وفق الأرقام العبرية  1160 قتيلًا معظمهم مدنيون. كما خُطف حينها نحو 250 شخصا ما زال 130 منهم رهائن في غزة، ويُعتقد أن 33 منهم لقوا مصرعهم.

وردّاً على هذا الهجوم غير المسبوق، تعهد الصهاينة  "القضاء" على حماس التي يعتبرها على غرار ما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية  والاتحاد الأوروبي  منظمة إرهابية، وشنّ ضدّها عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة. 

وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس الإثنين ارتفاع حصيلة الحرب في القطاع إلى 32333 شهيدا  و74694 جريحًا معظمهم من الأطفال والنساء. 

ميدانياً، لا ينفكّ الوضع في غزّة يزداد سوءاً بالنسبة لسكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة والذين يخضعون لحصار كامل والمهددين بمجاعة، وفقاً للأمم المتحدة ومنظمات دولية. 

وبعد أسبوع على بدء الجيش الصهيوني  عملية عسكرية واسعة النطاق ضدّ مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، المستشفى الأكبر في قطاع غزة، فرض الجيش حصاراً على مستشفيي ناصر والأمل في خان يونس، بشبهة وجود قواعد عسكرية لحماس داخلهما. 

وليل الإثنين أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني أنّه أجلى 27 من موظفيه إلى مستشفى الأمل بعدما أجلى الأحد النازحين الذين كانوا قد لجأوا إليه. 

وشمالي القطاع، اصطفّ في جباليا سكّان كثر منهم من النساء والأطفال، لملء أواني مياه جرّوها على عربات أو حملوها على أكتافهم. 

ويفرض الكيان الصهيوني  حصاراً مطبقاً على قطاع غزة منذ بداية الحرب.

وتقول وكالات الإغاثة إنّ شاحنات المساعدات المحدودة التي تسمح الدولة العبرية بدخولها لا تلبّي على الإطلاق الاحتياجات الهائلة لنحو 2,4 مليون نسمة معظمهم نازحون مهددون بالمجاعة. 

وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أنّ  الكيان المحتل  منعها نهائياً من توصيل مساعدات إلى شمال قطاع غزة حيث تقدر وجود 300 ألف شخص بلا ماء ولا طعام. 

لكنّ الدولة العبرية قالت الإثنين إنها تعمل "مع منظمات الإغاثة ووكالات الأمم المتحدة الأخرى لتسهيل تقديم كميات كبيرة من المساعدات إلى الشمال".