عثمان الحاج عمر : لأجل ضمان استقرار المرافق العامة واستمرارها
الشعب نيوز/ عثمان بالحاج عمر - على خلفية الزيارة المثيرة للجدل التي قام بها والي بن عروس إلى القباضة الجهوية ببن عروس ، كتب الأستاذ عثمان بالحاج عمر الرأي التالي:
"ليس من صفات رجل الدولة إهانة الموظفين تابع يوم أمس الكثير من التونسيين على مواقع التواصل الإجتماعي وعبر وسائل الإعلام المختلفة "لقطات فيديو" نشرها السيد والي بن عروس، توثق ل"زيارة فجئية" قام بها السيد الوالي لإحدى القباضات المالية بالولاية. وأريد أن أبدي بعض الملاحظات في الشكل وفي المضمون حول هذه الزيارة من حيث الشكل،
1 ) لماذا يصطحب السيد الوالي معه مصورا وفي نفس الوقت يقوم بتركيب الصور واللقطات وكأنه يروج لشيء ما غير ذلك المعلن والمنتظر من الزيارة نفسها، فينشر الوقفة الثابتة للسيد الوالي، والكلمة المختصرة والقوية ولا يظهر الإطار العام للمكان ولا بقية الفاعلين، فيبدوا وكانه بطل تلك اللقطة، أو كأنما هو هكذا دائما لا يمارس إلا دور البطولة !!!
2 ) كيف ينشر السيد الوالي لقطات الفيديو تلك ويظهر صور أشخاص آخرين دون إرادتهم ورغبتهم خاصة إذا كان يراد بذلك إهانتهم والتشهير بهم فيه، وهذا يشكل في حد ذاته انتهاكا للقانون وحماية المعطيات الشخصية ولقواعد وأخلاقيات المهنة الصحفية ! من حيث المضمون،
1 ) لماذا القباضة المالية؟ ألا يعلم السيد الوالي أن القانون عدد 52 لسنة 1974 المتعلق بضبط مشمولات الإطارات العليا للإدارة الجهوية لئن كان بنص في فصليه 13 و 14 على [ الفصل 13
– يفوض أعضاء الحكومة إلى الوالي في كل جهة بعض سلطاتهم ويضبط نوع وحدود كل تفويض بأمر. الفصل 14
– يفوض الوالي حق الإمضاء بالنيابة إلى المعتمد الأول والى الكاتب العام للولاية والى المعتمدين بالنسبة للشؤون التي تندرج ضمن مشمولات وزير الداخلية وكذلك إلى رؤساء المصالح الخارجية الراجعة بالنظر إلى الإدارات المدنية التابعة للدولة بالنسبة للشؤون التي هي من خصائصها.] نجده ينص في فصله 16 على [الفصل 16
– لا تنطبق أحكام الفصلين 13 و 14 السالف ذكرهما على: ( – المشمولات التي هي من خصائص وزارة العدل. – المشمولات التي هي من خصائص وزارة الدفاع الوطني. – المشمولات التي هي من خصائص وزارة المالية. – المشمولات التي هي من خصائص وزارة التربية القومية فيما يتعلق بالشؤون البيداغوجية).] أي أن السيد الوالي، ترك المصالح الخارجية لكل الوزارات الأخرى وخاصة المصالح التي تسدي خدمات ويتكدس فيها المواطنون على بعضهم البعض، وتتعطل فيها مصالحهم بداية من مصالح الولاية نفسها والمعتمديات والبلديات والمؤسسات الاستشفائية وذهب إلى حيث لا يجب أن يذهب.
2 ) لماذا القباضة في هذا الظرف؟ وهو ظرف العفو الجبائي، والآجال الدقيقة، والدولة تبحث عن تجميع مواردها المالية في ظروف وطنية محلية ودولية صعبة، ويقوم بتأنيب وتقريع موظفين في مركز عملهم، موظفون تبين لمصالح وزارتهم، ولكل المتعاملين مع قباضتهم من المؤسسات والمواطنين بأنهم لم يخطؤوا !!! ألا يشكل ذلك تعديا عليهم وانتهاكا لحقوقهم، ومحاولة دفعهم ودفع كامل قطاع المالية للاحتجاج وحتى للإضراب ؟؟؟ فماذا يريد تحديدا السيد الوالي؟
3 ) هل هناك تشكيات من المتعاملين مع هذه القباضة وهل أعوانها مقصرون ومخلون بالواجب؟
- المعلومات تفيد أن ما تجمعه هذه القباضة سنويا من أداءات مختلفة يتجاوز ال 80 مليون دينار وهو ملغ يفوق بأكثر من 30% التقديرات التي وضعتها وزارة المالية
- يشتغل بهذه القباضة اربعة أعوان بمن فيهم السيد القابض، وأن بعض الموظفين الذين تقاعدوا لم يقع تعويضهم إلى حد زيارة السيد الوالي، ورغم ذلك لم نشاهد في اللقطات المنشورة لا اكتظاظ مواطنين ولا صفوف ولا غير ذلك من مظاهر عدم الإهتمام العديدة بالمواطنين التي نراها ونعيشها في مختلف الإدارات التونسية.
- السيد الوالي انبرى مدافعا عن المواطنين (غير الموجودين في واقعة الحال)، بتكلف ظاهر، وتحدث عن "جريمة الكراسي" ، وصورة للواقعة انه كان هناك مجموعة من الكراسي المشدودة لبعضها البعض موضوعة بطريقة العرض داخل القباضة في ما يشبه كراسي انتظار عندما يكون هناك مواطنون كثيرون بصدد قضاء معاملاتهم في القباضة، وأنه في إطار إجراءات الوقاية من الكورونا عافانا وعافاكم الله سحبت تلم المقاعد ووضعت بطريقة الطول وبطريقة تجعلهم غير قابلي للإستعمال في ظروف حتمها "التباعد"... وهذه الإجراءات ليست من مشمولات السيد القابض ولا أعوانه... وإنما هي من مشمولات الإدارة العامة وقع تنظيمها بقرار ولا يقع رفعها إلا بقرار مشابه... ولو وقع رفعها من طرف السيد القابض وأعوانه... فقد يبدو ذلك منطقيا ومعقولا للسيد الوالي ولكنه من حيث الإجراءات الإدارية فإن ذلك خاطئ... وعلى العموم لا اعتقد ان السيد الوالي وهو يصطحب معه ذلك المصور سيعود دون ان يسجل خطا ودون أن يقرع القابض وأعوان القباضة ويقلل من احترامهم بتلك الطريقة
الخلاصة :
1 ) الموظف والعامل هو أيضا مواطن، وهناك قوانين وتراتيب تنظم حقوقه وواجباته، وهناك هياك تقوم بمراقبته والتصرف في حياته المهنية... وليس من هذه التراتيب تأنيبه بتلك الطريقة الشخصية والحط من كرامته وتبخيس جهده وعمله وتصوير ذلك وعرصه دون إرادة منه على العموم...
2 ) إن السيد الوالي بهذه الطريقة أهدر كرامة هؤلاء الأعوان وكرامة السيد القابض، وعرض مصالحهم واموالهم وسلامتهم الجسدية وحياتهم للخطر... ووضعهم في علاقة صعبة مع عموم المواطنين خاصة بعد أن اظهرت لقطات الفيديو صورهم وبالخصوص مع المتعاملين مع تلك القباضة... وما تعليقات بعض متابعي التواصل الإجتماعي عن تلك اللقطات إلا دليل على ما أقول. المفروض ان يتحمل السيد الوالي مسؤوليتهم وان يعتذر للسيد القابض ولأعوانه الذين لم يخطئوا، بل ولقطاع المالية عموما. وأن يمتنع سيادته، وأمثاله من المسؤولين عن شخصنة أدوارهم ومسؤولياتهم في الدولة حتى أنهم يعتبرون موظفي الدولة واعوانها وكأنهم خدم الأزمنة الخوالي ... فإهانة الموظفين وتصويرهم والتشهير بهم لا يؤسس لحكم القانون وإصلاح الإدارة ولا يعد انتصارا لخدمة المواطنين، وانما يوتر العلاقات داخل الإدارة ويشيع الشكوك والريبة في النوايا الحقيقية للمسؤولين، ومن جهة أخرى يزيد من احتقار الناس للإدارة رغم ما تقدمه كل يوم من تضحيات كبيرة.