في الحلول الممكنة لاقتصاد متعثر(4): من اجل سياسات جديدة وإجماع وطني
الشعب نيوز/ طارق السعيدي - خلال نقاشي مع صديقي الدكتور "عبد الرحمان اللاحقة" حول مضمون المقال الحالي الباحث في الحلول الممكنة لاقتصاد متعثر، أعلمني بتحفّظه الكامل على أي نوع من أنواع السياسات التوسّعية. ويعتبر" عبد الرحمان اللاحقة " ان هناك سياسات خاصة بالدول الغنية التي يمكنها اعتماد عملتها المحلية في التبادل العالمي وسياسات أخرى خاصة بالدول التي لا تستطيع صرف عملتها المحلية في السوق العالمية.
الحوار والثقة
فالسياسية التوسعية في البلدان الغنية ممكنة لأنها ستنعكس اقتصاديا من خلال قدرة الاقتصاد على توفير المواد الضرورية لتطوير الإنتاج (طاقة تقنية وغيرها).
وفي حال البلدان الفقيرة، فان طباعة النقد لا تؤدي الى انعكاسات مادية مباشرة وبالتالي فان النقد الإضافي سيشكل ضغوطا تضخمية إضافية دون مقابل مادي اقتصادي على ارض الواقع.
ان الوضع الاقتصادي الحالي في حالة عطالة ويستوجب تفعيل كل المحرّكات معا - أي العرض والطلب - وهذا الامر لا يتمّ الا من خلال تفاهمات كبرى جديدة تنبع من حوار وطني شامل بين مختلف الأطراف الاقتصادية الفاعلة.
وقد تم تطبيق السياسة التوسعية بالفعل عندما قامت الحكومة بضخ 7.4 مليار دينار من السيولة خلال 2024 وهي تستعد وفق قانون المالية الجديد الى ضخ 8.5 مليار دينار من السيولة وبالتالي فإننا نتحدث عن نحو 16 مليار دينار خلال سنتين. ورغم كمية النقد المذكورة فانّ السياسة الحكومية لم تنجح في إعطاء الدفع اللازم للاقتصاد. لذلك فإن السياسة التوسعية لا تجدي نفعا الا في ظل تفاعل إيجابي من الفاعلين الاقتصادين وهذا الامر يشترط ضرورة وجود مناخ سياسي واقتصادي عام مشجع على الاستثمار والاستهلاك في ان واحد.
في منهجية الحلول
ما العمل؟ بماذا سنبدأ ومن اين سننطلق؟ في اعتقادي ان المسالة لا يجب ان تتناول في الدائرة الاقتصادية التقنية الصرف، بل يجب ان تطرح في دائرة الاقتصاد السياسي حيث ستترتّب عن كل فعل سياسي نتائج اقتصادية وعن كلّ فعل اقتصادي نتائج سياسية.
نحن الان في ازمة وهناك ثلاثة محرّكات نمو معطّلة وفاعلين اقتصاديين لا يتحركون بتناغم، وبالتالي فان اول ما يجب القيام به هو السعي الى إيجاد تناغم الحركة. ان التناغم بين البرجوازية او الاوليغارشية او الكمبرادور كما يشاء بعض الرفاق من ناحية وبين العمال والمهمّشين والحرفيين من ناحية أخرى قد لا يكون سهلا. فما الحلّ إذن؟
الحلّ في الدولة القوية العادلة. في منهجية الإصلاح، سيكون على الدولة صياغة تفاهمات وتوافقات كبرى تُنظّم من خلاله حركة الفاعلين الاقتصاديين في اتجاه التناغم حول مشروع وطني ويمكن للدولة استعمال قوتها الشرعية في تفعيل الخيارات الوطنية الواجبة.
قبل ذلك، لا بد من امر مهمّ هو ان تحوز الدولة على ثقة الفاعلين لضمان النجاعة والنجاح في مهمّة الحكم بين المصالح المتناقضة. ان حيازة الثقة لن تكون بالشعارات وخطابات التخوين بل من خلال الجلوس بكل تواضع وصدق الى طاولة الحوار الوطني الشامل الذي يُعلي مصلحة بلاد تعيش، في عالم جامع، باقتصاد مُتعثّر.
------
ملاحظة هامة: نشر المقال كاملا في عدد جريدة الشعب الورقية بتاريخ 21 نوفمبر2024
------
اقرأ أيضا:
Echaabnews-في الحلول الممكنة لاقتصاد متعثر (3): بين استقلالية البنك المركزي ونقود تمطر بها السماء