عرض "صرخة في الظلام" هو شهادات موثقة لإنتصار المجتمع البرازيلي على الظلام وإنتخاب "لولا "رئيسآ
الشعب نيوز/ حسني عبد الرحيم - خلال أيام قرطاچ المسرحية هذا العام 2024 لم تكن مفاجأة وجود عرض عن التعذيب البدني والنفسي في سجون الديكتاتورية العسكرية في ثمانينات البرازيل!فألشعار المرفوع للدورة "المسرح مقاومة".
"البرازيل"هى كما نعرف دولة عانت من صعود " الجونتا" العسكرية في الثمانينات لكى تطيح بحكومة منتخبة وتؤسس ديكتاتورية عسكرية(1964-1985) لم يكن لها وسيلة للحكم في ظل إنهيار إقتصادي ومطالب إجتماعية متشعبة سوى القمع المُعمم للفاعلين السياسيين والنقابيين تحت دعاوي منع الفوضى وإقرار النظام !لكن هذه الإستراتيچية كان هدفها الوحيد هو تقويض الحركة الجماهيرية العمالية والفلاحية بالذات لضمان الإنصياع الإجتماعي وخلال عقدين من حكم الچنرالات بألحديد والنار سيق عشرات الألوف من البرازيليين إلى مسالخ الإعتقال والتعذيب من بينهم نقابيين ومثقفين ومواطنين عاديين!
عرض "صرخة في الظلام" هو شهادات موثقة جرت بعد إنتصار المجتمع البرازيلي بكافة مكوناته على الظلام وإنتخاب النقابي وماسح الاحذية السابق "دي سيلڤيا لولا "رئيسآ لأكبر قوة إقتصادية في أمريكا الجنوبية وكان من الطبيعي كشف أضابير الإنتهاكات المفزعة للتعذيب في ظل تجميع للشكايات وفتح الأرشيف وعودة القضاء المستقل والصحافة لممارسة دورهم الطبيعي .
تجلس الممثلة الوحيدة فى الجانب الأيسر من الرُكح لكي تستعرض الشهادات التى أدلى بها الضحايا وتُعرض في ذات الوقت على شاشة خلفية بينما في الجانب الأيسر كُدست صناديق الوثائق !على الشاشة تظهر كل وسائل وعمليات التعذيب المفزعة وبدقة وتفاصيل جسدية وعائلية حين كانوا يصطحبون الصغار لمشاهدة عمليات التعذيب التى تجرى على أمهاتهم وآبائهم وليتركوا جروح غائرة عبر الأجيال وليورثوا الأبناء الرعب والألم.
الشهادة التى تحمل جانبآ من الأمل هي لمناضلة حملت السلاح ضد الديكتاتورية واعتقلت وعذبت على يد عقيد معروف بألأسم وصمدت لتخرج وتصبح نائبة ل"لولا" ثم رئيسة البرازيل "دليما روسيف" وهي حاليآ الإقتصادية المرموقة وتدير مؤسسة مالية كبرى متخصصة في تنمية إقتصاد البلاد لكي تصير البرازيل أحدى القوى الصاعدة في الإقتصاد العالمي .لكنها-ديلما-مازالت تعاني من توابع الأذى.
التعذيب لايرحل بمجرد تحرير السجناء ومحاكمة الجلادين ..فهو جريمة لاتتقادم مع الزمن ويبقى ضحاياها يعانون من آثاره النفسية وتخبرنا الممثلة والدموع تغمر وجهها عن السجينة السابقة التى لم تحتمل الألم النفسي وانتحرت بعد سنوات من تحررها تحت عجلات قطار في "برلين "الغربية.. وهي ليست حالة إستثنائية.
تأخذ الممثلة وسط الرُكح لكى تخاطب الحاضرين وتؤدي مرافعة عن كل الضحايا الذين مروا بالتجربة المريرة ومازالوا يقاومون آلامهم بصبر بشجاعة لكنها آلام لا تمحيها لا المحاكمات ولا العودة للحياة الطبيعية ولا الإستنكار الشعبي والدولي ولا إختفاء العقداء الجلادين في أقاصي الأرض ،فالجريمة قد حدثت وتبقى في الذاكرة المُعذبة لضحاياها وجلاديهم ولا ينبغي تكرارها في أى مكان . ربما!
ينتهى العرض وصور آلاف الضحايا تظهر على الشاشة الخلفية للركُح بينما تقف الممثلة الوحيدة في حالة بكاء حقيقي ويبكى الجمهور معها على جرائم لايمكن نسيانها. العرض تم على رُكح التياترو مساءالخميس 29 نوفمبر وبحضور رئيس وأعضاء من الهيئة المديرة للمهرجان والعديد من العاملين بالمسرح وكان كامل العدد وهو من تصور وإخراج"لينوسون بولو نيتي"والذي وقف على الرُكح مع الممثلة الوحيدة و التى لم تُمثل بل عبرت بمصداقية كاملة..ليوجه بعد العرض كلمة مؤثرة للحاضرين والغائبين وربما للاجيال القادمة.