وثائقي

"دماء على أيدي رواد حانة" Le Charentais": إغتيال فرحات حشاد... الجريمة والإفلات من العقاب."

بقلم فوزي الشيباني

"فرحات حشاد وبورقيبة هما المتهمان الرئيسيان، ويجب الضرب بقوة. فإذا فكر رجل في قتلك، فبادر بإصابته في الرأس، وهذا ما يجب القيام به اليوم، و طالما لم تنجزوا بعد هذا العمل الرجولي و هذا الفعل المحرر، فانتم لم تنجزوا واجبكم أمام الله الذي يراقبكم و ستلحقكم لعنة دماء الابرياء"

هكذا صرّح" كامي إيمار"(Camille Aymard" ) ، مدير تحرير الأسبوعية الفرنسية "باريس" الصادرة بالدار البيضاء يوم 28 نوفمبر 1952، أي قبل أسبوع من اغتيال الزعيم النقابي والوطني فرحات حشاد.

في الذكرى الـ72 لاغتيال حشاد، نتساءل: ما الذي يجعلنا اليوم نسترجع هذه الذكرى الأليمة بكل قوة؟

هل هو تاريخه المشرف الذي ارتبط بمعركة التحرر الوطني والنضال من أجل حقوق العمال وكرامتهم في تونس وخارجها؟

أم هو وحشية العالم الذي ما زال يغرق في الإرهاب والإبادة الجماعية في بقاع عديدة من وطننا العربي؟ ولعل ما تشهده غزة ولبنان هذه الأيام يختزل حجم الدمار الدموي الذي نعيشه.

لكن ربما يكون السبب الأهم لاستعادة هذه الذكرى هو أن جريمة اغتيال حشاد بقيت بلا عقاب، رغم تكشف العديد من الحقائق حول من خطط لها، ومن نفذها، ومن تورط فيها. وهنا يبرز السؤال المحوري: لماذا لم تتابع عائلة الشهيد بشكل أعمق ملف الاغتيال وملاحقة المجرمين، أحياءً كانوا أم أمواتًا؟ خصوصًا أن لديها شهادات موثقة من جهات رسمية تدين الجناة، وأبرزها شهادة الرئيس الفرنسي الأسبق "فانسان أوريول" (Vincent Auriol) ، الذي صرّح خلال المجلس الوزاري يوم 6 ماي 1953المنعقد بخصوص الوضع بتونس : "أعترف بأنني سأصدم البعض منكم، لكنني سأقوم بواجبي لإراحة ضميري... إن اغتيال فرحات حشاد ظل بلا عقاب، لكننا لا نجهل من قام به."

(من كتاب "فرحات حشاد: المؤسس الشاهد، القائد الشهيد" للدكتور عبد الواحد المكني، ص 105).

السؤال الثاني الذي يطرح نفسه:

لماذا لم يواصل الاتحاد العام التونسي للشغل – الذي كان حشاد أحد مؤسسيه وقادته التاريخيين – السعي إلى القضاء الدولي بعد فشل المحاولة الأولى في نوفمبر 2002؟

والسؤال الأهم:

لماذا لم تبذل الدولة التونسية منذ الاستقلال إلى اليوم – رغم تخليدها لاسم حشاد في شوارع مدنها و معالمها ومؤسساتها و تحيي كل سنة ذكرى إغتياله في مواكب شبه بروتوكولية – جهودًا دبلوماسية حقيقية على الصعيد العربي والإقليمي والدولي لملاحقة الجناة؟

لماذا لم تطالب فرنسا بالاعتذار عن هذه الجريمة، وجعل ذلك مدخلًا للاعتذار عن بقية الجرائم الاستعمارية بحق شهداء الوطن؟

هذه الأسئلة والهواجس سنحاول الإجابة عنها في بحث قيد الإنجاز، سيتم نشره قريبًا في كتاب بعنوان:

"دماء على أيدي رواد حانة" Le Charentais": إغتيال فرحات حشاد... الجريمة والإفلات من العقاب."