نقابي

مرفق العدالة مهدد بالانهيار : فليرحل المتسببون الحقيقيون في ذلك

الشعب نيوز / تونس - أصدرت الجامعة العامة لأعوان العدلية مساء اليوم الإثنين 3 فيفري 2025 بيانا تحت عنوان " مرفق العدالة مهدد بالانهيار: فليرحل المتسببون الحقيقيون في ذلك ومن اجل إصلاح عام وشامل  "  جاء فيه ما يلي : 

" يعيش مرفق العدالة منذ مدة طويلة على وقع ارتباك غير مسبوق وفوضى عارمة طالت جميع أوجه نشاطه ونخرت في العمق دعائمه انتيجة اقحامه في تجاذبات سياسية وصراعات ضيقة غير مسؤولية عصفت في العمق بإحدى مبادئ وركائز النظام الجمهوري الحقيقي وضربت مبدأ الفصل بين السلط والتوازن بينها ، فعوض أن يكون مرفق العدالة مجلبة للطمانينة والعدل والانصاف والمحاسبة على قاعدة علوية القانون أصبح في ذهن قطاعات واسعة من الشعب وخاصة قواه الحية أداة للتخويف والترهيب والتصفية وتكميم الأفواه ، وهذا منذر بخراب العمران كما علمنا ذلك التاريخ. 
ولئن استبشر التونسيون بدعوات اصلاح المرفق القضائي ومحاربة الخور والفساد والمحسوبية والزبونية بعد انها كه وتوظيفة طيلة عقود، منتظرين مشروعا وطنيا جديدا ينبني على اعادة تشييد وبناء صرح العدالة على أسس وعقيدة جديدتين تضمن العدل وتكرس الحق وتعلي القانون وتصلحالأعطاب وتقضي على الأمراض ؛ إلا انه وللأسف الشديد فإن الواقع المعيش خيب كل الأمال وضرب كل الإنتظارات عرض الحائط افتحول المرفق من سلطة وركيزة من ركائز النظام الجمهوري إلى أداة تنفيذية تعمل وفق ميكانزمات غير مفهومة ومكلف بمهمات وظيفية يشوبها الغموض والضبابية والارتجالية. 
في ظل هذه الأوضاع اصبحت حقوق الناس مهددة وساد الشك وحل مكان الطمأنينة وتاهت العدالة في دوامة الارتجالية واللخبطة في التسيير والتناحر صلب الإدارة لهنا وراء المصالح الشخصية والولاءات في ضرب وفي تناقض صارخ مع المصلحة العليا للبلاد والعباد. 
ولئن نجح منحى إرباك العدالة في بلادنا في اسكات عديد الاصوات من داخل المرفق وخارجه بعد ما طالها من عقابات وترهيب عام فإن الجامعة العامة لأعوان وموظفى وزارة العدل وأملاك الدولة والملكية العقارية، قد اختارت كسر حاجز الصمت حول أوضاع المرفق وقررت الطريق الأكثر عناء وذلك بعد أن تحملت كل مسؤولياتها في دعوة سلط الإشراف إلى معالجة أوضاع المرفق، لا من زاوية العناية بدعامته الأساسية وضمان استمراريته، أي أعوان وموظفي العدلية فقط، بل من زاوية أهم وأعم واشمل الإعلاء مصلحة البلاد ككل في عدالة تضمن التمتع بالحقوق لكل الناس دون تشفي ولا تساهل. ولا يخفى على كل متابع لأوضاع مرفق العدالة ما كابده ويكابده أعوان وموظفو العدلية في أحلك الفترات التي مرت بها البلاد في سبيل ضمان سير عادي لمرفق العدالة بأعداد متناقصة يوما بعد يوم في مواجهة أعداد متزايدة ومتشعبة من الأعمال. 

وتؤكد الاحصائيات الرسمية حول نقص الإطار الإداري وتراكم الأعمال واستحالة انجازها ما ذهبنا إليه من التأثير السلبي لعدم النهوض بأوضاع الأعوان والموظفين على استحقاقات المتقاضين وحاجتهم إلى ضمان حقوقهم. 
وفي الوقت الذي يجابه فيه ما تبقى من أعوان وموظفين كما هائلا من أعمال تخصهم وتخص غيرهم خلال وخارج التوقيت الإداري، انهالت عليهم سلط الإشراف وعلى المرفق ككل بسيل من النقل التعسفية ومجالس التأديب التصفوية والمحاكمات الكيدية أنهكتهم وأنهكت المرفق وزادته لخبطة وحكمت على أدائه بعدم الاستقرار. وحتى المكسب الاجتماعي اليتيم الذي انتظر الأعوان تأسيسه ليخفف عليهم أعباء ضعف سلم تأجيرهم ونعني بذلك التعاونية فإنها تحولت إلى عبء إضافي على أجورهم المنهكة أصلاً، ناهيك عن غياب الشفافية عن أعمالها والتكتم بخصوص التقرير الأدبي والمالي لها والتهرب من نشرهما طبق القانون. 
وقد أطلقت هياكلنا مرة تلو الأخرى صيحات وصرخات فزع حول ما آل إليه المرفق ودعت سلط الإشراف وغيرها بما في ذلك رئاسة الحكومة إلى ضرورة الإنصات لصوت الأعوان والموظفين العالمين بأدق تفاصيل سير المرفق على اعتبار تداخل مهامهم مع عموم مكونات المرفق القضائي وقربهم أكثر للمتقاضين وحاجياتهم، إلا أن صرخاتنا كانت أشبه بصرخة في واد مهجور. 
ومع غياب الحجج والرغبة في الإصلاح عمدت سلط الإشراف إلى سياسة فاشلة عبر محاولة فرض صمت القبور على الهياكل النقابية، بعد حملة النقل الواسعة ضد الأعوان والموظفين لصرفهم عن الاهتمام بمصالح المرفق ككل، وتوجيه اهتمامهم نحو مكابدة الاعباء الاجتماعية والمهنية لتغيير محيطهم المهني. فتتالت النقل التعسفية ضد المسؤولين النقابيين مثلهم مثل زملائهم، واستهدافهم ب كمائن مهنية لإبعاد شبهات استهدافهم نقابيا ومحاولات تجويعهم بهدف ترضخيهم، حتى تجد أجندات العبث بالحقوق الطريق سالكة أمامها لتفعل بالعدالة اشياء غير مسبوقة وصادمة وغريبة. 
وعليه، فإن الجامعة العامة، وانطلاقا من دورها في الدفاع عن المرفق الذي قضى فيه أكثر من زميل وزميلة نحبه وهم يؤدون واجبهم المهني والوطني خلال وباء كورونا وقبله وبعده وسقطوا أمام أعين زملائهم والذين أنهكتهم الأمراض العضوية والنفسية والذين يحالون على شرف المهنة فلا يرافقهم غير انكار جهودهم تعلن :

- اطلاقها صرخة الفزع الأخيرة لكي تتوحد كل الجهود الوطنية، وتمد يدها من أجل وضع حد لهذا النزيف الذي يهدد بلادا بأكملها ويجرنا نحو مآلات خطيرة ومجهولة النتائج وذلك من أجل فتح حوار وطني حقيقي حول وضع العدالة في تونس وضرورة الإصلاح في ظل توجه يحمي تونس من كل مخاطر الانهيار والعودة الى الوراء. 

- كما لا يفوتها أن تعبر عن اكبارها للسيدات والسادة المحامين ذوات وهيئات الذين أعلنوا استعدادهم للتطوع في الدفاع يوم 11 فيفري 2025 ضد مجالس التأديب المفبركة والجائرة من قبل سلط الإشراف تجاه منظورينا.

- وانحيازهم المبدئي لتوجه اصلاح المرفق القضائي واعادة تشييده على الاسس التي تضمن الاستقلالية وتحمي الحقوق وتدافع عن العدالة وعلوية القانون. 

سياسة تكميم الأفواه عبر مجالس التأديب والقضايا الجزائية المفبركة التي تعتمدها سلطة الإشراف في تركيبتها الحالية ، سياسة فاشلة ومضرة بمرفق العدالة. 

- كما تعتبر مجالس التأديب ضد النقابيين يوم 11 فيفري 2025 مجالس غير شرعية وغير مؤهلة لتأدية المهمة التي احدثت من أجلها. وأن الغير وليس الأعوان والموظفون هم من يجب رحيلهم ومحاسبتهم. 

وعليه فإنها تدعو : 

- السلط إلى تعديل أسلوب تسيير مرفق العدالة ذواتا وتوجهات وتؤكد التزام الهياكل النقابية بدورها في الدفع نحو حوار ايجابي ومسؤول . 

- عموم النقابيين والنقابيات إلى المشاركة بفعالية في صد الهجوم على مرفق العدالة والذود عن دولة القانون والمؤسسات بكل الأشكال النضالية الشرعية والمشروعة. 

- الزملاء أعضاء اللجان الإدارية المتناصفة إلى ألا يكونوا شهود زور ضمن مجالس تأديب تصفوية وغير شرعية وأن يقاطعوا أشغالها إذا اقتضى الأمر. 
- وامام السياسة التي تنتهجها سلطة الاشراف في التنكيل والترهيب المسلط على الاعوان والاطارات الراجعة لها بالنظر مما تسبب في خلق مناخ عمل غير آمن ومحبط للعزائم يؤثر سلبا على السير الطبيعي للمرفق العمومي وعلى حقوق المتقاضين فان الجامعة العامة تحمل سلطة الاشراف نتائج سياستها المنتهجة سالفة الذكر وتدعو كافة الهياكل النقابية للاستعداد التام للدفاع عن منظوريها بكافة الاشكال النضالية الشرعية والمشروعة. "