مسلسل "وادي الباي" والتلفزة الوطنية ينصفان العمال ونقابتهم في مقاومة الاستغلال والنهب والاستعمار

الشعب نيوز/ متابعات - بثت القناة الأولى للتلفزة الوطنية طيلة النصف الثاني من رمضان مسلسل "وادي الباي" الذي أراد له أصحابه ان يكون تاريخيا راويا او عاكسا لجملة من مظاهر الحياة اليومية في حقبة معينة من الزمن.
تم تصوير مختلف احداث المسلسل بالأساس في مدينة قفصة ومدن أخرى من البلاد وكذلك في أحد مناجم الجهة ومحيطه الواسع وجبل عرباط الذي وصل للمشاهد حديث عنه دون ان يراه.
المسلسل من اخراج راوية مرموش وسيناريو حمزة السوداني ومحمد المنصوري وتمثيل نخبة موسعة من الممثلين التونسيين.
فصول من المقاومة
يدور ظاهر الاحداث حول ارث مقهى كائن في "حومة وادي الباي" الكائنة في قلب مدينة قفصة وقصص حب متناثرة من هنا وهناك ولكن عمقها ذهب الى سرد فصول من المقاومة التونسية للاستعمار البغيض الذي جثم على الصدور فحكم في المقاليد سياسيا وفرض طوق التدجين والاستلاب اجتماعيا والنهب والاستغلال اقتصاديا.
نهب الثروة المنجمية من جهة وإخضاع المجتمع الى نظام عبودي لا يدين بالولاء الا للمستعمر من جهة ثانية وممارسة أبشع ممارسات الاستغلال ضد طبقته العاملة المنتجة للخيرات في المقام الثالث.
ولأن من نام لم تنتظره الحياة على حد قول شاعرنا الخالد ابي القاسم الشابي، فقد وقف الشعب التونسي بفئاته المختلفة ضد الاستعمار والاستغلال والاستعباد.
وعلى رأي أصحاب المسلسل، فان ثالوثا " مقدسا " نهض متفرقا تارة، موحدا تارة أخرى، ولكنه في النهاية منسجما، ومتجانسا وراء هدف واحد وهو تحرير البلاد من الاستعمار.
السياسة بما فيها من يد ممدودة وصحافة محرّضة، المرأة باعتبارها نصف المجتمع من خلال أدوارها المختلفة في العمل والمقاومة وخاصة في حرصها على التعلم، وثالثا الطبقة العاملة وفي مقدمتها طليعتها النقابية والتي تحارب على أكثر من واجهة.
الدور الاهم
وليسمح لي أصحاب المسلسل بان اقف عند ما خصوا به الطبقة العاملة وطليعتها النقابية من تبجيل، فهم بذلك أعادوا لها جميلا غبطها فيه الجميع وأبرزوا دورها في العمل والإنتاج لكسب القوت من جهة وفي تأطير العمال وشد أزرهم وبناء أسس التضامن بينهم ثانية لا سيما من خلال الاهتمام بعائلات المفقودين، والدفاع عن مطالبهم المادية والمعنوية واقناعهم بالانتساب للنقابة ثالثة.
أما الدور الأهم فهو ذلك المتمثل في مشاركة العمال في معركة التحرير الوطني من خلال عدة مظاهر، منها إضافة الى ما ذكر، المظاهرات المنددة بالاستغلال وبالاحتلال والداعية الى الحرية والاستقلال ومنها المشاركة الفعلية في المقاومة المسلحة ونصب الكمائن ومقاومة المتسلطين من الاستعماريين وأذنابهم المحليين.
اعتقادي ان أصحاب المسلسل وفقوا في هذا الجانب بالذات خاصة عندما نستعرض معهم الشعارات التي رفعت اثناء المظاهرات العديدة التي انتظمت خلال تلك الحقبة من الزمن ومنها [ " لا بالة لا بيوش *** للداموس ما نخشّوش "] والذي تردد بعد حوادث الشغل القاتلة أو[ " ثور ثور يا خدام *** مع السانديكا على قدّام "] للدعوة الى الانتساب للنقابة. ولما تطورت الأمور، أصبحت الشعارات من نوع [ " ثوروا ثوروا يا عمال *** ضد الظلم والاحتلال "] وفي شعار آخر ضد الظلم والاستغلال.
ولما كانت جميع فئات الشعب تنصهر وراء هدف واحد فقد وقع ترديد شعار يقول [ ثوري ثوري حومة الواد *** ضد الظلم والاستبداد ]
اشادة وشكر
أصحاب المسلسل لم يغفلوا دور الصحافة ودورها في بث الوعي والاشادة بأعمال المقاومة من جهة وفضح ممارسات الاستعمار وتكبيله لحرية التعبير مما عرضها الى التعطيل. ومن ذلك انها وضعت عنوان " سلمت يداك " للتنويه بفتاة ضربت عون جندرمة على وجهه، وعنوان " عامل مناجم برتبة مقاوم " للتنويه بعامل منجمي ضرب مسؤولا استعماريا في " الكبانية " أراد اهانته.
لهذه الاعتبارات وغيرها، يستحق مسلسل "وادي الليل " كل التنويه والاشادة. كما تستحق التلفزة الوطنية كل الشكر على تشجيعها لإنتاج وبث مثل هذه الاعمال التي تعترف لأجيال عديدة من التونسيين بما قدموه من تضحيات من أجل الوطن.
حمدي البرجي