نقابي

كلمة الأخ نورالدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل في التجمّع العمّالي الوطني اليوم الخميس

الشعب نيوز / تونس - ألقى الأخ نور الدين الطبوبي الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل كلمة بمناسبة التجمع العمالي الوطني و المسيرة التي دعت إليها الهيئة الإدارية الوطنية المنعقدة يوم الإثنين 11 أوت 2025 و التي تم تنفيذها اليوم الخميس 21 أوت 2025 بحضور واسع لبنات و أبناء الإتحاد من كافة جهات البلاد .

و جاء في كلمة الأمين العام ما يلي : 

"  أيّتها التونسيات والتونسيون،

 عاملات تونس وعمّالها،

أيّتها الأخوات والأخوة أبناء الاتحاد،

 صديقاتنا، أصدقاءنا من المنظّمات والجمعيات، أبناءنا الطلبة،

مرحبا بكم في ساحة النّضال ساحة محمّد علي الحامي. شكرا لكم على تلبيتكم نداء الواجب نصرة لاتّحاد حشّاد، منظّمتكم التي أخترتم الانتماء إليها طوعا، وأحببتموها ودافعتم عنها في كلّ المحن، أمام ما تتعرّض له من هجومات وتشويه وحملات تشكيك وشيطنة صادرة من أعلى هرم سلطة في البلاد.

إنّ حضوركم اليوم، وفي هذ اليوم القائظ، وما تكبّدتموه من جهد وعناء وتضييقات، لدليل ساطع على عمق الانتماء، ومتانة الثقة وعلى حسّكم المدني العالي، وعلى استشعاركم الخطر الداهم على الحرّيات والحقوق وتيقّظكم بقوّة تجاه كلّ الانتهاكات والدوس على الحقّ في التنظّم والتعبير والتظاهر والاحتجاج وسائر الحقوق التي تشهد هذه السنوات اعتداءات متكرّرة ومتصاعدة.

لقد تعرّضت هذه الدّار الشامخة يوم 7 أوت 2025 إلى اعتداء همجي خطير رُفعت خلاله شعاراتٌ معادية تنادي بحلّ الاتحاد والزجّ بالنقابيين في السجون وهو اعتداء لقي تبرير السلطة الحاكمة بل والتسويغ الذي وصل حدّ اتهام النقابيات والنقابيين دون استثناء بالفساد في سابقة خطيرة تمثّل ضوءا أخضر لتكراره وتعميمه.

إنّنا غاضبون..

كلّ النقابيين غاضبون..

وكلّ أصدقاء الاتحاد غاضبون..

 وكلّ تونسي غيور على استقرار هذا البلد وأمنه وسلمه الاجتماعي ورافض الاحترابَ فيه، هو غاضب بلا شكّ، ومن لا يغضب لشرفه ولعرضه ولكرامته ولاتحاده ولوطنه لا يستحقّ أن يكون لا تونسيا ولا نقابيا.

من حقّنا أن نغضب ونرفضَ ونحتجَّ ضدّ كلّ من يستهدف الاتحاد العام التونسي للشّغل، ويعتدي على المنظّمات والجمعيات المدنية السلمية ويصرّ على التفرّد بالرأي واحتكار الشأن العام ونفي الآخر.

من حقّنا أن نسمّي الأشياء بمسمّياتها ونقول بلا تردّد:

إنّ 07 أوت هو 04 ديسمبر آخر ولن يُمحى التاريخان من الذاكرة النقابية ، كما لم يمح جانفي 1978 ولا أيّام وأشهر 1985.

وسنبقى نطالب بإنفاذ القانون على المعتدين وإنصاف الاتحاد حتّى لا تتكرّر الاعتداءات ولا تتحوّل بلادُنا إلى غابة تحكُمها الغوغاء ويغيب فيها القانون.  

أيتها الأخوات أيّها  الأخوة، أصدقاءنا الأوفياء

تمرّ بلادنا اليوم بمرحلة دقيقة، انهارت فيها كلّ أسس الحياة السياسية والمدنية، وتسمّمت مناخاتها بل تصحّرت وزاد ذلك تعفّنا التضليل الإعلامي والأخبار الزّائفة والتحريض الممنهج والشحن اليومي المشبوه وبثّ خطاب الكراهية وضرب الحرّيات وانتهاك حقوق التقاضي والمحاكمة العادلة، حتّى أنّ الوضع بات قاب قوسين من الانفجار.

 كما تدهورت مناخات العمل ودخل اقتصاد البلاد في حالة ركود وتدهورت الحالة الاجتماعية بشكل غير مسبوق في ظلّ الغلاَء والاحتكار وتزايد الضرائب فكان العمّال وعموم الشعب المفقّر والمهمّش أوّل المتضرّرين أمام رفض السلطة الحاكمة أيّ إمكانية للحوار وفي ظلّ غياب الاستراتيجيات والبرامج واستمرار تكريس سياسات التداين والارتجال والحلول الترقيعية.

إنّ الهروب من تقديم البدائل ومن الإجابة عن انتظارات التونسيات والتونسيين واستمرار العجز عن تلبية حاجاتهم في تعليم جيّد وصحّة لائقة ونقل يتوفّر فيه الحدّ الأدنى من الرفاه والانتظام وتقديم خدمات اجتماعية أساسية وفي مواطن عمل قارة وأجرة عادلة ومجزية، وتسيير رشيد لمؤسّسات الدولة ولسائر المؤسّسات العمومية. كلّ ذلك لا يمكن أن يواجه إلاّ بمراجعة السياسات ودعم المقاربة التشاركية وإنّ السعي المحموم لتحميل الاتحاد المسؤولية ومحاولة تعليق هذا الفشل عليه وتأليب الرأي العامّ ضدّه لن يجدي البلاد نفعا بل سيزيد الأوضاع اختناقا واحتقانا وتوتّرا.

وما عاد يمكن السكوت على ذلك ولا انتظار حلول فوقية ولا يمكن قبول استمرار ترديد الشعارات الجوفاء ولا صناعة الأعداء الوهميين، على الرغم من وجود بعضهم ممّن يلقون الحماية والدعم.

أيّتها النقابيات، أيّها النقابيون، أصدقاء الاتحاد وصديقاته،

نحن في الاتحاد نؤمن بتلازم دورنا الوطني والاجتماعي ونناضل على نفس القدر والعزم من أجل تحسين وضع العمّال والارتقاء بهم في اتّجاه تحقيق العدالة الاجتماعية ومن أجل ترسيخ أسس الديمقراطية بما تعنيه من حرّيات فردية وعامة ومن سيادة القانون ومن ضمان الحقوق وتكريس للمواطنة الفعلية، وإنّ دفاعنا عن الحقّ النقابي بما فيه حقّ الإضراب وحقّ التفاوض هو تمسّك بالحرّيات والحقوق التي تكفلها الدساتير والتشريعات والاتفاقيات الدولية ودعم حقّ العمّال في رفع أجورهم وتحسين ظروف عملهم وضمان أسس العمل اللاّئق بما فيه الأجر العادل.

وإنّها مناسبة جديدة كي نؤكّد من جديد أنّ الاتحاد متمسّك بإنهاء المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص والتي تعطّلت منذ أواسط شهر ماي ويطالب الحكومة مرّة أخرى بالشروع فورا في انطلاق الجولة الجديدة للمفاوضات من أجل زيادات مجزية لأعوان القطاع العام والوظيفة العمومية والإعلان عن تحيين الأجر الأدنى حتّى يتمّ تحسين أوضاع المتقاعدين لدى صندوق الضمان الاجتماعي.

 لن نحيد عن هذا الطريق ولن ترهبنا التهديدات ولن تربكنا حملات التشويه، ونذكّر الجميع، أنّ النقابيات والنقابيين قد دفعوا غاليا ثمن نضالهم ضدّ الفساد قبل غيرهم ودافعوا قبل غيرهم عن مؤسّسات الدولة بل بنوها بعرق جبينهم وهم في مقدّمة العمّال.

لسنا فوق النقد، ولسنا بمعصومين عن الخطأ ولسنا فوق المحاسبة، ولكنّنا لن نصمت أمام استمرار التشويهات الهادفة إلى التحريض ضدّ النقابيين وتعريض حياتهم للخطر والتحشيد والتجييش ضدّ العمل النقابي وضدّ الاتحاد العام التونسي للشّغل للإساءة إلى صورته لدى التونسيات والتونسيين بغاية تحقيق مخطّطات تهدف إلى مزيد تصحير الحياة السياسية وخنق المجتمع المدني وإخلاء الساحة من الاتحاد الحصن المنيع الذي مثّل العقبة الصلبة أمام تمرير سياساتٍ لا شعبية ولا اجتماعية موجعةٍ للشعب مؤلمةٍ لعموم التونسيات والتونسيين معطّلةٍ لأيّ تقدّم مرتهنةٍ البلاد إلى الخارج.

لا محيد ولا رجوع عن هذه المبادئ السامية التي تأسّس عليها الاتحاد العام التونسي للشّغل، وإنّ الدفاع عن منظّمة حشّاد اليوم هو دفاع عن حصن متين من حصون تونس، وعن قلعة من قلاع النضال الصامدة وعن صوت الشعب الحرّ، لذا هبّت حرائر تونس وأحرارها، ككلّ مرّة، للوقوف إلى جانبه، فلن يخذلكم الاتحاد وسيستمرّ في التمسّك باستقلاليته وبوحدة مناضلاته ومناضليه وبرصّ صفوفهم وبسرعة ترتيب البيت ليسع جميع من يؤمن بمبادئ الاتحاد وقيمه، فتونس في حاجة إلى اتّحاد مستقلّ، قويّ، صلب، غير متذيّل لأحد، موحّد، واضح البوصلة، صاحب مبادرات ومقترحات، مدافع عن الحقوق والحرّيات رافض للإملاءات الخارجية.

شكرا لَكُنَّ ولَكُمْ مجدّدا على الحضور وعلى تلبيتكم نداء الواجب وإنّا ماضون في الدفاع عن الحقّ النقابي وفي التصدي لكلّ أشكال الانتهاكات ضدّ النقابيين وفي فرض حقّ التفاوض والدفاع عن حقوق العمّال بناة الوطن وصنّاع الثروة وملح الأرض الثابتين الصامدين.

وستكون لنا خطوات نضالية أخرى طالما وجدنا الصدّ والتعنّت ورفض الحوار وإنكار حقوق العمّال.

أيّتها النقابيات أيّها النقابيون

يحقّ لكم دوما أن ترفعوا رؤوسكم اعتزازا بالانتماء إلى منظّمة الشهيد الوطني والنقابي الزعيم فرحات حشّاد، إنّ منظّمتكم في حاجة إليكم موحَّدين فخورين ولن تربككم التهديدات ولا التشويهات. فالوحدة المناضلة هي وحدها سبيلنا.  

تحيّة إلى شعبنا في فلسطين وإلى مقاومته الباسلة.

فلتسقط مخطّطات الامبريالية والصهيونية.

المجد والخلود للشّهداء.

عاش الاتحاد العام التونسي للشغل حرّا مستقلاّ ديمقراطيا مناضلا.

عاشت تونس ابية أبد الدهر. "