وطني

قابس تنتفض : مسيرة شعبية لإغلاق المجمع الكيميائي ومواجهة التلوث

الشعب نيوز / الهادي رداوي - شهدت مدينة قابس يوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 إضراباً عاماً جهوياً دعا إليه الاتحاد الجهوي للشغل، ترافق مع مسيرة حاشدة شارك فيها ما يزيد عن 100 الف من المواطنين من مختلف فئات المجتمع، مطالبين بإغلاق المجمع الكيميائي التونسي، المسؤول الرئيسي عن التلوث البيئي الذي يهدد حياة الجهة. 


بدأت الأحداث صباحاً حيث وصل المحامون إلى مقر الاتحاد الجهوي للشغل بعد وقفة احتجاجية أمام المحكمة الابتدائية بقابس، لينضموا إلى التجمع الشعبي أمام دار الاتحاد الجهوي.

هناك، ألقى الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بقابس، صلاح بن حامد، كلمة أمام الحشود، حيث رُفعت شعارات تندد بالتلوث وتطالب بإغلاق المجمع.

تفرق المئات على موعد الثانية والنصف ظهراً، حيث تجمعوا مجدداً للانطلاق في المسيرة من ساحة عين السلام، مروراً بسوق جارة، وصولاً إلى ساحة الكرنيش، مرددين شعارات مثل "الشعب يريد إغلاق المجمع" و"قابس تختنق... أنقذوا البيئة"، معبرين عن غضبهم من الانبعاثات الغازية والتسربات السامة التي تسببت في حالات اختناق جماعية مؤخراً.

تسبب الإضراب في توقف كامل للنشاط الاقتصادي، حيث أغلقت المدارس والمحلات التجارية ومؤسسات القطاع العام أبوابها، باستثناء الخدمات الحيوية مثل وحدات الاستعجالي الطبي والصيدليات وبعض المخابز. 

أكد صلاح بن حامد نجاح الإضراب، مشيداً بأبناء قابس الذين انخرطوا بعفوية في التحرك، مطالباً بقرارات فورية تستجيب لمطالب السكان، مع التأكيد على أن الأمر يبقى مفتوحاً لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة.

وأضاف أن الإضراب "وسيلة ضغط لإيجاد حلول عاجلة لأزمة التلوث، حيث يجب وقف الوحدات المتهالكة المتسببة في الاختناقات الجماعية، وهي خطوة أولى نحو بيئة سليمة".

شاركت شخصيات بارزة في دعم هذا الحراك، مما عكس وحدة المجتمع ضد الأزمة البيئية. أحمد الزارعي، رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بولاية قبلي، حضر للتعبير عن مساندة الرابطة، مشيراً إلى أن "الاحتجاج السلمي حق أصيل، والتلوث يهدد الحق في البيئة والصحة". وأضاف: "نطالب بإطلاق سراح الموقوفين، ووقف التضييق على الحريات".

عبد السلام غومة، أحد سكان حي شط السلام القريب من المجمع، شارك معبراً عن معاناته: "أعيش بالقرب من المجمع، أتنفس الغازات السامة يومياً، وأطفالي يعانون من أمراض تنفسية. المياه ملوثة، والزراعة تتراجع. نطالب بإغلاق المجمع وبدائل تنموية مستدامة مثل الطاقة المتجددة أو السياحة البيئية".

جمال الجماعي، قائد كشفي، شارك مع شباب مرتدين الزي الكشفي، ليبرزوا دور الشباب في حماية البيئة. قال: "تربينا على حب الطبيعة، لكن في قابس البحر ملوث، والزراعة تموت، والثروة السمكية تتلاشى. نطالب ببيئة نظيفة للأجيال القادمة".

رئيس الفرع الجهوي للمحامين المحامين بقابس، منير العدوني اكد في تصريح للشعب نيوز  تجند الفرع للدفاع عن جميع الموقوفين، مشيراً إلى أن "الفرع يستعد لرفع قضية ضد التجاوزات البيئية للمجمع". وأضاف: "إيقاف 89 شخصاً، بينهم 20 قاصراً، أمر مرفوض. التلوث جريمة، والقمع جريمة أخرى".

عدلي بوعود، أحد المشاركين يقول "هذه المسيرة تجسد وحدة الشعب ضد التلوث.

نرفض الوعود الحكومية الفارغة، ونطالب بإغلاق فوري ولجان مستقلة لمراقبة الانبعاثات".

تأتي هذه الاحتجاجات في ظل أزمة بيئية حادة يسببها المجمع الكيميائي، كما يوثق تقرير نشره موقع "بحاث"، وهو مشروع تونسي لتطوير وتقريب استخدام التقنية والمصادر المفتوحة في صحافة الجودة التونسية والعربية. يلخص التقرير سبع دراسات علمية محكمة، مع دراسة إضافية، حول تلوث خليج قابس بالفوسفوجيبس:

- تلوث الهواء : انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت والفلورايد تتجاوز الحدود الآمنة بـ200%، مع ترسيب جسيمات دقيقة (7.35–14.41 غ/م²/شهر) تحمل معادن ثقيلة (زنك، رصاص) تزيد المخاطر السرطانية.

- تلوث المياه والتربة : إنتاج 6 ملايين طن سنوياً من الفوسفوجيبس يلوث المياه الجوفية والتربة. دراسة (2015) سجلت فلوريد في التربة (1431 ملغ/كغ) ونباتات (37–360 ملغ/كغ)، مع نمو 5 أنواع نباتية فقط. في عقارب، سُجل pH 1.3، فلوريد 3500 ملغ/لتر، فوسفات 6730 ملغ/لتر، وكبريتات 3240 ملغ/لتر، مما يهدد الزراعة.

- تلوث بحري : تصريف 12,000 طن يومياً من الفوسفوجيبس منذ 1970، مع تركيز فسفور في الرواسب (347.6 مول/كغ)، أدى إلى اختفاء الأعشاب البحرية ومناطق قاع بلا حياة بين قابس وغنوش، وتراجع الثروة السمكية من 20 ألف طن إلى أقل من 5 آلاف طن سنوياً، مهدداً 39.3% من إنتاج الصيد التونسي.

- تأثيرات صحية وبيئية : ارتفاع معدلات السرطان بنسبة 50% وزيادة الأمراض التنفسية بنسبة 70% في قابس. دراسة (2021) أظهرت تراجع التنوع البيئي، مع غياب الطيور قرب المجمع.

تشير دراسات طبية إلى تفاقم الأزمة الصحية والبيئية، بينما تظهر خيبة أمل الأهالي من وعود حكومية، مثل تركيب فلاتر جديدة، بعد جلسة برلمانية لم تقدم حلولاً جذرية. 

أبناء قابس أكدوا أنه إذا لم تعمل الجهات المعنية على التفاعل الفوري، فستكون محطة نهاية المسيرة القادمة داخل المجمع الكيميائي.

تابعوا اخباركم و صوركم عبر الرابط التالي : https://tinyurl.com/achaab-naqaby