مآلات الورش المسرحية الحرة: تكوين خارج الاطريستهوي الكثيرين

الشعب نيوز/ حسني عبد الرحيم - كثيرون يراقبون ظاهرة إنتشار التكوين المسرحي الحر بإعجاب مشوب بألحذر فألتكوين خارج نطاق الأكاديميات كان وسيظل مجالآ للتجديد ولإختراع طرق جديدة في المسرح وفي الفنون بشكل عام ولكن خلال العامين الماضيين تحول هذا التكوين لظاهرة مجتمعية فأغلبية الفضاءات والمناسبات المسرحية والجمعيات تُعلن عن دورات في تدريب الممثلين يدفع منتسبوها غالبآ نظير مالي للتدريب،وخلال العام الماضي كان هناك مايربو على الألف مٌسجل في برامج تدريب للمثلين الهواة وهم ليسوا من طائفة إجتماعية محدودة بل تقريبآ من كل الطبقات والفئات التي في مقدورها دفع تكاليف الدورات والتي آصبح يقوم عليها عدد كبير من الممثلين المعروفين وكذلك المخرجين العاملين وتتم في فضاءات موازية كقاعات السينما المغلقة أغلب العام وفي هذه الدورات المسائية نجد مدراء لمؤسسات ومهنيين ناجحين وأساتذة جامعيين وربات بيوت وطلبة وطالبات في مراحل تعليمية مختلفة يدرسون علومآ أبعد ماتكون عن المسرح والسينما والفن بوجه عام. وعندما وجهنا السؤل للممثل والمخرج الكبير "توفيق الجبالي " والذي هو بذاته يشرف على تدريب هواة :هل سيصبح هذا العدد من المتدربين مشروع لممثلين سواء على الرُكح أو في السينما والتلڤزة؟بينما يعاني الإنتاج في المجالين من ركود وتراجع؟ وهذه الأعداد تكفي لمسارح العالم بأكمله(كان إجابة توفيق غامضة: بعضهم فقط سيواصلون ولكنه صرخ محتجآ بألكتابة بأن المسرح فن درامي و ليس مجالآ لعلاج القلق والتخلص من التوتر الوظيفية فن محدد بأكواد وتقنيات..الصيحة التى أطلقها توفيق وهو أحد المبادرين بتكوين مسرحي حر للمثلين منذ أكثر من ثلاثين عامآ وهذا ليس إختراعآ تونسيآ بل إن قامات في التمثيل عالميآ خرجت من خلال ورش مستقلة كأستوديو الممثل بنيويورك
لكنها كانت تضم أعدادآ محدودة وكان مرتاديها يعملون بها كنشاطهم المهني.
الحالة التونسية حالة خاصة جدآ فألقلق والتوتر الإجتماعي وأزمات الهوية الإجتماعية والشخصية تضع الكثيرين على حافة الخطر وتستدعي منهم ومنهن الخروج من مجالاتهم الخاصة بحثآ عن الهدوء النفسي والرغبة في الإتصال بآخرين من خارج المهنة وتغيير النمط الإتصالي الذي تفرضه مهنة معينة لاتحقق التحرر الذاتي وتعقيدات المشاكل الأسرية تدفع الكثيرين للبحث عن مخارج غير مألوفة ..البقاء في الديار أو الذهاب للحانة او القهوة او ممارسة الرياضة لم تعد كافية لتهدئة التوتر والتخلص من الاجهاد الذهني والتمثيل المسرحي يبدو كإرتداء لأقنعة مختلفة لممارسة حرية نفسية مفقودة في الواقع وللخروج ساعات من الإضطرارات المهنية التى تشكل ضغوط نفسية مستمرة ومنهكة على قطاعات واسعة من الطبقة الوسطى الميسورة ويبقى كذلك حلم الشهرة -لدى قليلين- والتى توفره المهن الفنية دون ان توفر في معظم الحالات عوائد مالية معقولة!الصغار دائمآ يعجبون بألمشاهير من الممثلين ولاعبي الكرة (وهم ممثلين آيضآ) ويحبوا أن يتمادوا معهم ومعهن!
المؤطرون من الممثلين والممثلات المعروفين عبر التلڤزة بألأساس و في ظل ضعف الإنتاج السنوي وضعف المداخيل منه يجدون في هذه النشاطات وسيلة لإستمرارية العمل داخل المجال الفني طوال العام وكذلك طريقة مشروعة لتحسين مداخيلهم الشخصية الضعيفةفي الغالب والتواجد في علاقة مباشرة مع "شبه جمهور" .
كل هذا يحدث بينما المعاهد والاكاديميات الرسمية تُخرج سنويآ أعدادآ كبيرة من الممثلين المحترفين واللذين يعانون من بطالة شديدة وتراهم في حالة خصومة مفهومة مع النشاط الحر بفعل المنافسة في التوظيف وفي الأجور بينما هناك ركود في الإنتاج. وهناك طبعآ الخلاف الفني بين الأطر الاكاديمية والحرة على الرغم من أن كثيرون من الأساتذة الأكاديميين يعملون في التكوين الحُر ساعات إضافية .
نجاح عدد قليل في التكوين المسرحي الحر هو أمر واقع وجيد ولكنه لايفسر الحالة المجتمعية في البحث عن حلول في المسرح لمشاكل هوياتية عبر التمثيل المسرحي والذي هو مجال مهني محدد بتقنيات وجماليات نوعية !لكن لايمكن لاحد أن يطلب من ناس -قادرون على دفع المال نظير التخلص من توترات الحياة اليومية في التمثيل الحر- أن يكفوا عن ذلك لكن توقع أن يؤدي ذلك لحل مشكلات عميقة الجذور إجتماعيآ وفرديآ أو حل مشكلات المسرح هو أمر مستبعد !لكن هناك ضرورة أن تراعى المراكز اوالفنانيين الضالعين في هذا النشاط الشروط الأدنى المطلوبة في أعمال فنية مؤثرة بمجملها على النشاط الثقافي وحتى لا يتحول المسرح لمصحة نفسية علاجية على الرغم من بقاء دوره المعروف" كسيكودراما" وكوسيلة محددة للتواصل ولكنه كم قال توفيق يبقى في النهاية فن ولايمكن ممارسته إلا بشروط تقنية وكود معين وإلا تحولت الدنيا لمسرح كبير .


