فيلم " كولونيا " في أيام قرطاج السينمائية

الشعب نيوز / حسني عبد الرحيم - أعرف المخرج "محمد صيام"من خلال فيلمه الآخر”أمل” الذي تم عرضه في دورة سابقة لأيام قرطاچ وتبادلنا الحديث عن رؤيته للسينما!لكن فيلمه الأخير والذي حاز على جائزة الديكور هزني بشدة لعدة أسباب أنه تم تصويره في مدينتي الإسكندرية وفي أماكن أنا أرتدتها كثيرآ (حومتي) لكن الأكثر من ذلك هو معالجته لقضية مسكوت عنها غالبآ في السينما العربية والمصرية على الاخص بإستثناء”السيد أحمد عبد الجواد”( سي السيد) في رواية” نجيب محفوظ” وفيلم "حسن الإمام "(قصر الشوق)مع أبناؤه"ياسين" و"كمال" وهذه أمور وحوادث جرت منذ قرن..لكن عائلة "عمر" هي معاصرة لنا الوالد تاجر عاديات(محل التصوير هو حانوت السرجاني لبيع الأسلحة بوسط المدينة ) وهو بالتالي ميسور الحال له إبنان (على وفاروق)وقضى في أزمة صحية ستة أشهر غائب عن الوعي ويرجع مجددآ لداره !أبنه الأكبر كون أسرة بينما الأصغر الذي كان طالبآ بألصيدلة يصبح مدمن للمخدرات بعد وفاة والدته ثم مروج وبائع لها !بينما يدير تجارته الراكدة! عند عودته للدار يتسائل أحد أحفاده:جدو مات لكن ساعته شغاله؟
يرحل الآباء لكن ساعاتهم تظل تعمل وتبقى رائحتهم نافذة..قانون الوراثة !قتل الأب يظل رغبة دفينة وليس مجرد نزوة سيكلوچية فردية.. فألتجاوز هو قانون للحياة فألجميع يعمل على ولوج طريق مختلف وجديد لكن الحياة نفسها هي عملية تواصل بين القديم والجديد الصراع بينهما يأخد صور عنيفة وصور سلمية لكن الأ جداد والآباء يظلون بيننا برائحتهم الذكية(كولونيا555) وهم لن يعودوا أبدآ بينما تبقى الرائحة .. وتستمر ساعاتهم تعمل !
على الرغم من تعقد العلاقة في الفيلم الذي فرضها رحيل الأم المبكر والتي كانت لها نزوة مع صديق للأب لم ينساها وخلقت فجوة بينهم كان الأبن يعتبر الأب جاحد لأفضالها حتى أعترف الأب له في عودته من الموت !الأبن المدمن والذي كان من المفترض أن يصير صيدلانيآ على علاقة مع فتاة متحررة يرفضها الأب في البداية ولكنه يتوافق مع محبتها فيما بعد بألحنان والمودة!التجارة راكدة والأبن ينفق على الدار و تكاليف مرض والده من بيع المخدرات !الأبن الأكبر مشغوول بألوراثة في الممتلكات والتى صارت لا شئ بينما عودة الأب من الموت ليجد كل شئ متهاوي فيصادق الأبن الصغير المدمن والذي يبقى معه للنهايةً ويعتني به ليكون ميراثه الأساسي هو الرائحة!
المخرج “محمد صيام” أختار الأماكن والمناسبة والمدينة المناسبة والتي كما عرفنها ترحل بدورها ليخلق عالم صغير من الحنين الشفاف! الممثل الفلسطيني “كامل الباشا” الذي قام بدور الأب تقمص شخصية الأب المصري المتسلط والحنون بما لايدع أي مجال للشك في وجوده المادي! وكذلك “أحمد مالك” الذي أدى دور “فاروق” بشكل رائع كمُدمن مثالي وضحية بعيدآ عن صورة المجرم الناشز الإجتماعي.
الفيلم كان يستحق جائزة مهمة في السيناريو والإخراج لكنه حصل عليها في الديكور المناسب للزمن والطبقة الإجتماعية، ولكنه تم تتويجه في مهرجانات مختلفة بما ينبئ بأن مخرجه” محمد صيام”يشق طريق واعد في السينما بعد تتويجه في عدة مناسبات دولية.


