آراء حرة

قيس سعيد لا يمكن أن يكون دكتاتورا حتى ولو أراد (4/4) :  الاتحاد وإشكالية الاجتماعي والاقتصادي والسياسي

ينهي الأخ سالم الحداد الجزء الرابع والأخير من مقاله المطول بقراءة لموقف الاتحاد العام التونسي للشغل ومبادراته وكذلك أيضا مسؤوليته. 

بقلم سالم الحداد
إن أطراف هذه الإشكالية مترابطة ولا يمكن فصلها، فالاستقرار السياسي يفتح المجال للاستثمار الوطني والخارجي وينعش الحياة الاقتصادية ويوفر للعاطلين فرص التشغيل وهذا ما يحتّم على المنظمة النقابية أن تكون حاضرة حساّ ومعنى في الحياة السياسية ومن حق الاتحاد بل من واجبه أن يطالب ب:
1ـــ تشكيل حكومة تعمل على حل المعضلات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة
2ـــ وضع خارطة الطريق توضح لروية أمام المواطن مهما كان موقعه
3ــ تسقيف التدابير الاستثنائية والأحكام الانتقالية حتى لا تستمر الضبابية ولا يسكننا الخوف من المجهول.
كل ما قدمه الاتحاد في خارطة الطريق ــ التي لم تأخذ طابعا رسميا ــ وما اعترض عليه، هي مطالب مشروعة تحتمها مسؤوليته الوطنية. لكن يجب عليه ان ينتبه الى أن بعض الأطراف تحاول ان تستظل – عن غير وجه حق – بهذه الخارطة في محاولة منها للسطو على مبادرة الاتحاد كما ان أطرافا أخرى تحاول جره الى مربع رفض الإجراءات التي أعلنها الرئيس قيس سعيد في 25 جويلية.  
 ــ الاكراهات الاجتماعية والسياسية ورسالة الاتحاد
 أ ــ نعم إن الاتحاد يعيش تحت ضغط تدهور المقدرة الشرائية لعمال الساعد والفكر والشريحة المتوسطة والانحرافات السياسية للسلطة ومن حقه أن يضغط على قيس سعيد من اجل تصحيح المسار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لكن دون أن يكون مظلة للثورة المضادة عن وعي أو غير وعي..
بــ نعم إن الاتحاد << أكبر قوة في البلاد>> بل وأخلصها وأحرصها وأنظفها على مصلحة الوطن بعيدا عن الأطماع الخارجية، لكن قياسا على ماذا؟ إنه قياس على ما هو كائن ـ من فراغ وانحرافات  ــ لا على ما يجب ان يكون، فالمنظمة الشغيلة مطالبة بأن ترتقي بإستراتجيتها: منطلقات وآليات وأهدافا على ضوء ما أفرزته الثورة  من نجاحات وانكسارات ، وهذا يتطلب القيام بمراجعة نقدية  لرسالة  الاتحاد في علاقته بالدولة والمجتمع ، ومن ثمة دوره في المؤسسة، ليس كفاعلية مطلبية فقط بل كنموذج لسلوك العامل : فتونس في حاجة إلى بناء عامل جديد مستوعبا لقيم  العطاء في الثورة: سلوكا وأخلاقا وإنتاجا بعيدا عن العصبية القطاعية التي تربينا عليها لمقاومة الاستغلال والاستبداد، وبعد الثورة سادت هذه العقلية كل القطاعات بما في ذلك الأمن  القضاء فلوثت قيم التضامن.
بمثل هذه المراجعات النقدية يمكن لتونس/ الثورة أن تنجح. غير أن ذلك يتوقف على
ـــ مدى قدرة الفعاليات الوطنية على استثمار الفرصة التي وفرها رئيس الجمهورية الذي ارجع قطار الثورة إلى السكة حتى تواصل مشوارها لكنه رغم شعبيته الواسعة ونظافته يبقى ظاهرة عرضية معرضة للانتكاسة.
ــ مدى قدرتها على اجتثاث قيم الاستبداد والفساد والنرجسية والانتهازية من المجتمع التي استبطن الشعب الكثير منها.
ـــ مدى قدرتها على زرع قيم بديلة تنهض على التعايش والتعاون واستعادة مفاهيم الدولة الراعية بعيدا عن دولة الرعية والدولة الريعية وترسيخ قيم منظومة الحقوق والحريات الإنسانية.
والاتحاد هو أول الفعاليات الوطنية المؤهلة للقيام بهذه الرسالة متى أدرك أبعادها وارتفع عن سياسة الفعل ورد الفعل.
تلك هي مهمة الاتحاد المتجددة وهي المعروفة بتحيين الرسالة مع المفاصل التاريخية للدولة والمجتمع.
كل هذه المعطيات الاقتصادية والسياسية تؤكد أن عودة الدكتاتورية إلى تونس مستحيلة وهي من ترهات الإسلام السياسي والثورة المضادة مهما كانت مواقع أصحابها والحقيقة الساطعة هي أن قيس سعيد لا يستطيع ان يكون دكتاتورا حتى ولو أراد./.
سالم الحداد.  زرمدين المنستير 29 سبتمبر2021
 (انتهى)
ملاحظة هامة: الآراء الواردة في المقال تلزم كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي " الشعب نيوز" في المسائل التي وقعت الاشارة اليها.