آراء حرة

حواجز وموانع يضعها المنشور20 أمام تفاوض الهياكل العمومية والنقابات مهددا بضرب حق الحوار واهدار وقت البلاد.

 ما الذي دفع الحكومة الموقرة في هذا الظرف بالذات الى اشهار ذلك المنشور الحامل للرقم 20 المتعلق بتنظيم التفاوض مع النقابات وتحميله حواجز وموانع ومطبات يصعب على أمهر " العدائين" توفير الوقت اللازم لتخطيها أو القفز فوقها أو عليها.
فهل هذا هو أحد الحلول التي اهتدت لها الحكومة الموقرة بعد ان اقتطعت لنفسها مهلة من الزمن اطلعت، خلالها، أولا، على مكونات التركة التي ورثتها عن سابقاتها ودققت فيها، ثانيا، وبحثت لها عن الحلول الملائمة ثالثا؟
لا نريد أن نصدق.
*****
لا نضيف جديدا لما نقول أن الحكومة اصطدمت حال مباشرتها للعمل بتركة ثقيلة قوامها العديد من الأخطاء والانتهاكات في حق البلاد فضلا عن العديد من الملفات التي بقيت عالقة بل ومعطلة قصدا لأسباب معلومة وأخرى غير معلومة.
ونستطيع أن نلتمس لها عذرا في التزامها الصمت طيلة 80 يوما قبل أن يخرج عدد هام من أعضائها لمخاطبة الرأي العام في شأن عديد المسائل لعل أهمها قانون المالية لسنة 2022.
لكن ما لم نفهمه حقيقة أنها اختارت من "الحلول" واحدا سينغص عليها حياتها ويستنزف وقتها وجهدها ومدخراتها ويضطرها في الأخير الى رميه في سلة المهملات طالما انها ستنتبه في صورة العمل به أنه خنقها ووضعها في مواجهة مئات بل آلاف مطالب الحوار والتفاوض ومقابلها آلاف مطالب الترخيص بالحوار والتفاوض فآلاف الإجابات بنعم أو لا للحوار والتفاوض فآلاف جديدة من الاعتراضات على رفض مطالب الحوار والتفاوض وهلم جرّا، في وقت نتحدث فيه جميعا عن كسب معركة الوقت وتدارك ما فات منه في الترهات وعن الانتقال الى الإدارة الرقمية والى التفرغ للإنتاج والحفز على تحسين الإنتاجية والمردودية فضلا عما تشترك فيه الحكومة والنقابات – وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل- من عمل جبار في مجال اصلاح المؤسسات العمومية والصناديق الاجتماعية وقطاعات الصحة والتعليم والنقل والثقافة والفلاحة وغيرها كثير وكثير.
*****
نفهم أمرا واحدا ذهب اليه محرر هذا المنشور وهو ان يجمع بين أيدي شخص واحد كل ما له علاقة بالتفاوض مع النقابات ومطالب التفاوض والموافقة على التفاوض ورفض مطلب التفاوض وقبول الاعتراض على رفض مطلب التفاوض وقبول الاعتراض وقبول مطلب جديد للتفاوض والترخيص فيه ثم النظر في نتائج التفاوض واحالتها على وزارة المالية وربما رفض تلك النتائج وهكذا دواليك.
وهكذا يبدو المحرر المحترم، الهانئ برتبته ومرتبه، ودفء مكتبه وفخامة سيارته، غير مهتم بما يمكن أن يترتب عن نصه من تعطيل صريح للحوار الذي ميز المفاوضات بين الحكومة والوزارات والمنشآت والدواوين من جهة والاتحاد وهياكله الجهوية وجامعاته ونقاباته العامة والاساسية من جهة أخرى منذ عشرات السنين وغير مقدر لما يمكن ان يترتب عنه من توتر اجتماعي يربك مسيرة البلاد وفي مقدمتها الحكومة ومن تشنج بين الحكومة والنقابات وبين الحكومة وعموم الاعوان وبين النقابات ومنخرطيها، وهما توتر وتشنج تدفع البلاد بأكملها فاتورته غاليا.
كما يبدو المحرر المحترم غير مطلع عما يمكن ان يتوصل اليه طرفان معنيان من تفاهمات لمجرد جلوسهما الى طاولة الحوار وفي غالب الأحيان دون ضرورة المرور على رئاسة الحكومة أو وزارة الاشراف. وحدها وزارة الشؤون الاجتماعية على علم بمجريات الأمور وهي شاهدة دون شك على أن أكثر من 70 بالمائة من الإضرابات المقررة تلغى أو تؤجل لمجرد جلسة تفاوض وحوار، وفي بعض الأحيان دون الحاجة الى انعكاس مالي.
يبدو محررنا المحترم من جهة ثالثة غير مطلع على قوانين منظمة العمل الدولية ومعاهداتها التي سبقت تونس عديد الدول في العالم الى امضائها وغير مقدّر أو غير معترف بعلويتها على النصوص المحلية قوانين، مراسيم كانت أو أوامر، فما بالك بالمناشير.
*****
فأي حق ضيّعْتَ على البلد أيها المُحرّر، وأيّ وقت هدّدتَ بان تهدر أيها المُدبّر؟
إجابة الاتحاد العام التونسي للشغل على المنشور 20 واضحة وصريحة وطلبه بسحبه والغائه لا يحتمل اللبس أو التأجيل خاصة وان الأمين العام الأخ نورالدين الطبوبي أكد، الاثنين، " على أهمية العمل المشترك بين الاتحاد والحكومة في هذه المرحلة التاريخية التي تعيشها البلاد لتجاوز كل الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية وتخطّي كل الإشكاليات المطروحة."
ننجح معا لما نتقدم معا، غير ذلك مضيعة للوقت واهدار للمجهود.

حمدي البرجي