آراء حرة

حكومة سعيد تعتدي على الحق النقابي في تونس بالجملة والتفصيل ! من المنشور الحكومي عدد 10 الى نسخته الأسوأ عدد 20 واستمرار سياسة ال golden boys في امتهان الحق النقابي !!!

بقلم 

  • محمد نجيب وهيبي
  • - نقابي من الكهرباء والغاز-

أصدرت السيدة الوزيرة الاولى المكلّفة بتنسيق فريق العمل الحكومي وفق منطوق المرسوم الرئاسي عدد 117 لسنة 2021الخاص بإدارة "الحالة الاستثنائية" للجملوكية التونسية، تعميما لهياكل الدولة والمنشآت العمومية تحت عنوان " المنشور عدد 20" مُذيّلا بتوقيع نجلاء بودن رمضان، ظاهره ضبط ومركزة المفاوضة العمالية الجماعية وتقييد مسؤولي الدولة في مختلف الوزارات وأفرع النشاط الاقتصادي والقطاعي بالموافقة المسبقة لمصالح "رئاسة الحكومة " ووزارة المالية على موضوعات التفاوض المهني وانعكاساتها المالية مع التحذير باعتبار كل اتفاق لا يستجيب لهذه الشروط والشكليات التي أقرتها الحكومة ، باطلا كأن لم يكن !!!! وهي بذلك، علاوة على سحبها التفويض من مرؤوسيها كأنهم قُصّر، فإنّها تنفخ في نار الأوضاع الاجتماعية المتوتّرة أصلا وتضرب مبدأ الشراكة المجتمعية داخل المؤسّسة وتسعى إلى تقييد العمل النقابي والسطو على مكاسب نصف قرن من النضال الاجتماعي والنقابي وتفتح طريقا وعرة أمام المسؤولين الإداريين للانقلاب على اتفاقاتهم وعلى مبدأ أن "العقد هو شريعة الطرفين المتعاقدين " 

إن السيد نجلاء بهذا المنشور السيئ، المستنسخ عن المنشور عدد10 الأسوأ لرئيس الحكومة الأسوأ ذكرا وسياسة وحضورا، المهديجمعة، تُعلن رغبتها الركوب السريع في قطار الفتيان الذهبيينgolden boys المعادين بشكل صريح شعوبهم وحقوق العمّال في حرية الانتظام النقابي ولا مركزية المفاوضات الاجتماعية دفاعا عن حقوقهم المشروعة وعن مؤسّساتهم !! 

هي لا تكتفي باستعداء الاتحاد العام التونسي للشغل،  والضرب عرض الحائط العرف النقابي التونسي الذي خلق أدوات وسيطة ومرنة، قطاعيا وجهويا وفرعيا لحل النزاعات الشغلية الفردية والجماعية، ولا تقف عند حد الاعتداء على دستور الجمهورية وعلى روح مجلّة الشغل عبر تمهيد الطريق لضرب الحق النقابي و محاولة تقزيم دور ممثلي العمال، ولكِنّها تدعو بشكل صريح لنكث العهود الدولية للعمل التي صادقت عليها الدولة التونسية والتي يؤتمن مكتب العمل الدولي على حسن تطبيقها ومنها الاتفاقية عدد 98لسنة 1949 حول حق التنظم النقابي والمفاوضة الجماعية.والاتفاقية عدد 154 لسنة 1981 حول تشجيع المفاوضة الجماعية في جزئها 3 مادة 5 - فقرة 1 مطة - أ – التي تنص على " تيسير إمكانيات المفاوضة الجماعية لجميع أصحاب العمل وكافة مجموعات العمال في فروع الأنشطة التي تغطيها هذه الاتفاقية " 

و في المطة -ج- التي تدعو إلى "تشجيع وضع قواعد إجرائية يتفق عليها بين منظمات أصحاب العمل ومنظمات العمال " 

والمطة -د- التي تؤكد على  "عدم إعاقة المفاوضة الجماعية بسبب عدم وجود قواعد تنظم هذا الإجراء الواجب اتباعه او بسبب عدم كفاية أو عدم ملاءمة مثل هذه القواعد " 

و المادة 7 التي تشدد على أن " تكون التدابير التي تتخذها السلطات العامة لتشجيع وتعزيز تنمية المفاوضة الجماعية موضع استشارات مسبقة، وكلما أمكن، موضع اتفاق بين منظمة أصحاب العمل ومنظمات العمال. " 

والمادة عدد 8 التي تشير إلى أنه " لا توضع التدابير التي تتخذ لتعزيز المفاوضة الجماعية ولا تنفذ بطريقة تعيق حرية المفاوضة الجماعية " 

ورغم كل هذا تتعسف الحكومة فلا تتشاور مع منظمات العمال وممثلي الاجراء وتضع تدابير أحادية تعيق بشكل صريح حرية المفاوضة الاجتماعية وتُخرج نابا أزرق كالحا في وجه نقابات العمال والعهود الدولية!!! ولا تولي أي اهتمام لتوصيات منظمة العمل الدولية وعلى رأسها التوصية عدد 163 لسنة 1981 الملحقة للاتفاقية عدد 154 لنفس السنة والتي تنص صراحة على : 

" ثانيا: أساليب تشجيع المفاوضة الجماعية ، نقطة 4 مطة 1 " ينبغي عند الاقتضاء اتخاذ تدابير،  مكيفة مع الظروف الوطنية،  لكي تكون المفاوضة الجماعية ممكنة على كافة المستويات، بما فيها مستوى المؤسسة ، المنشأة، أو فرع النشاط، أو الصناعة أو المستوى الوطني أو الإقليمي" . 

والنقطة 6 " ينبغي لكل طرف من أطراف المفاوضة الجماعية تزويد مفاوضيه بالتفويض اللازم لإجراء المفاوضة والبت فيها" .

ورغم وضوح القوانين والعرف النقابي طلبا لتسيير المفاوضة للحفاظ على السلّم الاجتماعي ، ورغم تنبيهات قياديي الاتحاد حول خطورة المنشور 20 منذ يوم صدوره ، إلا أن رئاسة الحكومة لم تتخذ أي خطوة ايجابية لرفع هذا العائق الذي يضرب مبدأ الشراكة الاجتماعية والمجتمعية.

ولذلك فلا حلّ أمام النقابيين وعموم الاجراء والشّغّالين سوى النضال ومزيد منه لتصويب هذه السياسة الخاطئة، وهذا ما أقرته هياكل الاتحاد العام التونسي للشغل في الهيئات الإدارية الجهوية وفي الهيئة الإدارية الوطنية المنعقدة في 04 جانفي 2022 والتي طالبت بشكل صريح سحب المنشور سيئ الذكر و الاستعداد لإسقاطه حماية للسلم الاجتماعي وتمسّكا بحق منظوريه في مفاوضة تحفظ كرامتهم ومكاسبهم المادية والمعنوية..

رفقا بتونس يا سادة ورفقا بنا....