رؤية حول إصلاح أنظمة الضمان الاجتماعي
الهادي دحمان
خبير في الضمان الاجتماعي
نفتخر في تونس دون نرجسية أو شوفينية ، بأننا كسبنا تاريخيّة الضّمان الاجتماعي منذ ما يزيد على قرن تقريبا في تلازم مع مختلف أوجه التّشريع الاجتماعي و ذلك بفضل نضالات نقابية وطنية ودُوّلية راكمت التّجارب و أهّلت تونس للتفرّد بتجربة نموذجيّة بدأت تدخل مرحلة الشّيخوخة منذ نهاية الثمانيات من القرن الماضي .
و تعود أهم المرجعيات القانونية و التشريعية في تونس المستقلة إلى سنة 1959 بالنسبة إلى القطاع العام و بعده بسنة في ما يتعلق بالقطاع الخاص و هي سنوات التأسيس بامتياز ( مجلة الأحوال الشخصية - دستور الجمهورية التونسية ....)
ولئن أخذت هذه المرجعيات أسسها من التشريع الفرنسي فإنها كانت ملائِمَة في مجملها للمواثيق والاتفاقيات الدُّوَلية وكذلك مبادئ الحقوق الأساسية ضمن منظور الحوار الاجتماعي في ذلك الحين وفق ما نصّت عليه لوائح الهيئات الدُّوَلية ومنظّمة العمل الدُّوَلية .
و لعلّ الميزة العامة لهذه التّرسانة تَقدُّمُها على النّسيج المجتمعي وهو ما يجعل منها قاطرة للإصلاح المجتمعي ورسم نموذج المجتمع التونسي وآفاق رقيّه. فما هي الأسباب والدّواعي الخاصّة الملّحة للإصلاح اليوم قبل مزيد ترهّل المنظومة و صعوبة التدارك إذا تمادينا في إنتهاج سياسة الأمر الواقع و احتكار القرار من قِبَل الفاعل السياسي دون استشارة أولى الأمر من المنظمات المهنية و الخبراء و أصحاب المهنة ؟
و التزاما منّي بحدود اختصاصي فإني أعرض بعض الأفكار وأقدّم جملة من الاقتراحات التي تتعلّق بأنظمة الضّمان الاجتماعي بالقطاع العمومي (الوظيفة العمومية - المنشآت العمومية - الصندوق السابق لأعوان النقل والكهرباء و الغاز ( CREGT) التي يديرها الصندوق الوطني للتقاعد و الحيطة الاجتماعية في تشابك مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض ومؤسسات التأمين و الصناديق المشابهة على مستوي الدُّول التي تربطنا بها اتفاقيات في مجال الضمان الاجتماعي.
كما أسلفتُ أعلاه يُعتبر القانون 59/18 باكورة المرجعية القانونية ( الصادر في 5 فيفري 1959 ) الخاص بضبط نظام الجرايات التقاعد المدني والعسكري و للباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي ، وقد تمّ تنقيحه و إتمامه بمقتضي القانون 12/85 المؤرخ في 5 ماي 1985 ، و دون الدخول في تفاصيل النصوص و الأوامر والمناشير التي جعلت من أنظمة الضمان الاجتماعي متاهة labyrinthes تستعصي حتى على المختصين في الأنظمة وقضاة الضّمان الاجتماعي والدّوائر الشّغلية و سلط الإشراف فإنّ ما تمّ إصداره بعد هذه المرجعيات يُعتبر فعلَ هُواة Bicolage et Rafistolage يفتقِد للحرفيّة والكفاءة.
لقد أسّست هذه المرجعيات مكاسبَ اجتماعية مكّنت من ضمان الحقوق الأساسيّة من جِرايةٍ عُمُريّةٍ للتقاعدِ والشّيخوخةِ قابلةٍ للتّحويل لفائدة ذوي الحقّ (الأرامل و الأبناء ....) وكفلت العائلة التونسية من الفاقة والخصاصة ، كما أمّنت الحقّ الأدنى في العلاج و رأس المال عند الوفاة بالإضافة إلى الخدمات الاجتماعية الأخرى التي كانت ملائمة أنذاك للتركيبة المجتمعية و النّسيج الاقتصادي ودور الدّولة الرّاعية (التملّك العقاري - القروض - العلاج بالخارج ......). و مكّن استثمار الفوائض الماليّة من تمويل مشاريع هامّة على المستوى الوطني مع التّنويه بأنّ أنظمة الضمان الاجتماعي تأسّست و لا تزال على مفهوم التّوزيع Répartition القائم على التّمويل الذاتي من المساهمات المحمولة على الأجير (المنخرط - الحريف ) و المُشغّل (الدّولة باعتبارها المُشغّل الأساسي في الوظيفة العموميّة والمنشآت و المؤسّسات العمومية والجماعات العمومية والدّواوين.....)
ومكنّت المساهمات و المقتطعات من تغطية النفقات نظرا لوفرة الانتدابات بالقطاع العمومي في مطلع الاستقلال بفضل تونسة الإدارة و كذلك بعد اعتماد الشغل الاجتماعي emploi social خلال فترة التعاضد ثم الوصول الى عشرية الطفرة الليبرالية خلال السبعينات و تعتبر المؤشرات الديمغرافية و الاجتماعية أهم الدلالات على التوازن الهشّ لأنظمة الضمان الاجتماعي خاصة بعد صدور القانون 12/85 المنعوت بسخائه حيث كان يساهم حوالي 8 ناشطين مقابل منتفع واحد بالجراية وأصبح يساهم اليوم 2،3 نشيط لضمان جراية منتفع واحد، و هي معادلة معبّرة و ذات دلالة لا لُبسَ فيها تعبّر عن استحالة تمويل نظام الجِرايات بفضل المساهمات فحسب .
فكيف وصلنا الى هذه الوضعيّة ؟
اعتاد المسؤول التّونسي و الصِّحافي و المُنشّط على مقاربة سطحية و نمطيّة بل توصيفية ، تتمثّل في تقديم قرينة دون استقراء عبر الإشارة إلى أن أنظمة الضمان الاجتماعي تعرف عجزا في السّيولة يهدّد كيانها و ديمومتها دون الولوج الى الأسباب التي يمكن أن تكون ذاتيّة النّمو و خصوصية لكل أنظمة الضمان الاجتماعي المبنية على مفهوم الخدمة الاجتماعية قبل البحث عن التوازن المحاسبي للتعلّل به للقضاء على المرفق العام ؟؟
إنّ العجز المحاسبي لأنظمة الجرايات في القطاع العمومي لم يغب عن أنظار مُنشئ النص وأصحاب القرار نظرا لعناصر يطول شرحها لكنها منتظرة ونحن نعيش مشاكل نمو بعد أن كنا نعاني من التّبعية و التخلف كما أنّ لكلّ حقبة رهاناتها وتحدّياتها منها تطوّر مؤمّل الحياة عند الولادة الذي بلغ بفضل الخدمات الصحيّة و الرّفاهة البيئية للعيش حوالي 74 سنة كمعدل عام لهذا المؤشّر بعد أن كان دون 55 سنة إبان الاستقلال و بلغ معدّل الجرايات في القطاع العمومي حوالي 1100 دينار شهريا (حوالي 370 مليون دينار شهريا المبلغ العام للجرايات التي يصرفها الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية ) و يعود ذلك الى التعديل الآلي للجرايات بمقتضي الفصل 37 من القانون 12/85 سالف الذكر و الذي يخوّل لصاحب الجراية (المتقاعد الأرمل ، الأيتام و ذوي الحق بصفة عامة ) من التمتع بكلّ مراجعات عناصر الأجر التي تُسنَد إلى الأجير في حالة نشاط بمعدّل النسبة المائوية لافتتاح الحقّ في الجراية و الذي يتجاوزانعكاسه المالي السّنوي 200 مليون دينار في ذُروة الزّيادات و المراجعات والتعديلات ، و حتّى لا أثقل عليكم بالجزئيات الفنية التي لا حصر لها فإني أشير إلى مؤشّرات هامة تتمثل أساسا في ما يلي :
1/- غياب سياسة تأجير politique de rémunération وفق استراتجية وطنية تصل بين التّحفيز motivation و العدالة Equité في توزيع المداخيل والأجور و توابعها و لعل الفارق بين أنظمة التأجير في المنشآت العمومية و ابتعادها المفرط عن قواعد تأجير بعض أسلاك الوظيفة العمومية خير دليل على فداحة الهوّة المذكورة، و يطال الأمر كذلك الوزارات ذاتها و ما نالته بعض الاختصاصات والمسالكfilières et corps de métiers من تمييز وحظوة (أسلاك مالية +الداخلية+الدفاع+ القضاة...) مخالفة، في بعض الأحيان، للتشريعات، و الأدهى من ذلك أنها تتمّ دون تشريك الشركاء الاجتماعيين من أهل الاختصاص لقياس مردودها و انعكاساتها على أنظمة الضمان الاجتماعي في باب تعديل الجرايات
2- تهميش دور مجالس الإدارة الممثلة للأطراف الاجتماعية و السلط الإدارية و حيازة مشمولاتها من طرف سلطة الإشراف التي أصبحت سلطة قرار غير تشاوري و أحادي و هو ما أثّر سلبا على المفهوم العام للحوار الاجتماعي الذي يبقى من أنظار المجلس الوطني للحوار الاجتماعي المعطّل فعليا في هذا المجال .
3- خضوع الزيادات لميزان القوى و ليس لرؤية استراتيجية وفق خارطة المهن الجديدة Carthographieالتي يجب أن تعمل على تحفيز الكفاءات و الاختصاصات (مهندسين ، أطباء، إطارات عليا،...) و التي أصبحت مستهدفة من الهجرة على حساب مردودية بعض الأسلاك التي نزحت الى القطاع الخاص و العمل اللامادي و ما يمثله من مخاطر على الحقوق في الشغل اللائق و ضرب مفهوم الضمان الاجتماعي أمام تغوّل السوق الموازية والاقتصاد غير المنظم.
4- طغيان القراءة المحاسبية والقانونية على حساب المقاربة متعدّدة الأبعاد و الاختصاصات و هو ما أدّى الى البيروقراطية و مركزة القرار .
5- غياب الإرادة السياسية والمقاربة الإصلاحية لتعديل المسار حسب الحاجيات المجتمعية الجديدة . و ما سياسة التردّد و التي بلغت حدّ التناقض – مثال ذلك تعديل قانون الجرايات بتأخير الإحالة (القانون 37/2019 المؤرخ في 30 أفريل 2019) وما ناقضه من إجراءات نصت عليها فصول قانون المالية لسنة 2022 القاضي بإمكانية الإحالة على التقاعد بعد بلوغ 57 سنة – إلا عيّنة واضحة على ما أشرنا عليه آنفا.
6- التّفاوت الصّارخ في التشريعات بين القطاع الخاص و نظيره العام سواء من حيث المردودية أو التباعد في المنافع التي لا تخدم العدالة و المساواة ولعل المعدّلات العامة للجرايات و قاعدة احتسابها خير دليل على هذه الفجوة التي تعود كذلك إلى الفرق بين مفهوم التعديل الآلي للجرايات péréquation من جهة و ارتباط المراجعة على قاعدة إرتفاع الأجر الأدنى المضمون indexation
و يضاف إلى ذلك عنصر تسقيف الجراية التي تبلغ 90% بالقطاع العام مقابل 80 % بالقطاع الخاص مع سقف المرادف بالنسبة للثاني بست مرات الأجر الأدنى المضمون .
و هو ما فتح الباب أمام الأنظمة التكميلية سواء بالصندوق الوطني للضمان الإجتماعي وشركات التأمين و البنوك التجارية
7- الوضعية المالية لمؤسسات الضمان الاجتماعي في علاقة بالسياسة الصحيّة التي يساهم فيها الصندوق الوطني للتأمين على المرض الذي ولد دون إجراءات مرافقة تضمن ديمومة خدماته نظرا لما توّلد من الديون المتراكمة في علاقة مع الصيدلية المركزية و المستشفيات والمؤسسات الصحية بصفة عامة .
و لعلّ خير مثال يُذكر هو وضعية المصحات الخاصة بالضمان الاجتماعي التي لا تزال تحت إشراف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في حين يرجع تمويلها و اختصاص خدماتنا إلى الصندوق الوطني للتأمين على المرض (نفس الوضعية لمركز صناعة آلات تقويم الأعضاء) بالإضافة إلى المؤسّسات التابعة لوزارة الصحة و القطاع الخاص .
ما العمل ؟
المقاربة الميسّرة ممكنة إذا توفّرت الإرادة في الإصلاح بتشريك الأطراف الاجتماعية وكلّ الجهات المتدخلة و التخلّي عن المعالجة خارج السياق التاريخي باعتماد تعديلات جزئية و ظرفية لا يفوت مداها أشهرًا محدودة و نعود بعدها إلى نقطة الصفر عبر تداعيات لولبيّة تتراكم أثارها و تعصف بحقوق المضمون الاجتماعي (الحريف) و تهدّد الموازنات العامة للمالية العمومية التي تعرف عجزا و انخراما لا يكفل حسن توظيف التحويلات الاجتماعية.
لا مفر و لا خيار من الحوار الاجتماعي و برمجة ندوة وطنية تفاعلية تطرح المشاكل و تشخّص الوضعية و تقترح التوصيات النافذة و القابلة للتطبيق.
عندها يمكن أن نختار طريق الإصلاح و تتحمل المجموعة الوطنية إجراءات قد تكون موجعة لكنها تضمن حقوق كل الإطراف و تتأسّس على الحوكمة و الشفافية و حسن التدبير .
أما على المستوى الفنّي فإنّ الكفاءات و الخبرات من كل الاختصاصات تمتلك الحرفية والمهنية اللازمة للمبادرة و اتخاذ الإجراءات خارج المنظومة الفكرية السائدة و التي تخص موارد التمويل و مصادره أسوة بما يجري خارج حدود الوطن حيث أن أنظمة الضمان الاجتماعي تعتبر دستوريا من الحقوق الأساسية للفرد و الجماعة و ركيزة المواطنة نظرا لتشابكها مع بقية المجالات (التعليم ، الصحة ،الشغل ،السكن ،النقل ...)
تبدو الصورة قاتمة، لكنها غشاوة يمكن أن تتلاشى أمام الإرادة خارج التجاذبات السياسية التي أصبحت أهمّ معرقل للإصلاح
و من أجل إنجاز مهمة إصلاح المنظومة تستوجب المبادرة بإعداد الأرضية العامة وفق الأهداف التالية :
1- رقمنة الخدمات الإدارية و تشبيكها بين مؤسسات الضمان الاجتماعي في علاقة بالمعرف الوحيد و منظومة الحسابات الفردية و تعتبر هذه الخطوة ضرورية ضمن مسار الحوكمة و تطوير التطبيقات المعلوماتية و تنزيل الإصلاحات ضمن الأهداف الوطنية و الارتقاء بالنص المنظم لها إلى مستوى قانون نافذ مع تخصيص الاعتمادات و بعث هيئة قيادة وطنية بتمويل و استثمار في المشاريع المعلوماتية.
2) العمل على تقريب الترسانة القانونية الإجرائية و الحرص على ضمان تجانس الحقوق بين القطاعين الخاص و العام وفق مبادئ العدالة و المساواة مع المحافظة على الحقوق المكتسبة قانونيا .
و في غياب التجانس تتكاثر الشكاوي و القضايا و الطلبات عبر كل القنوات و الأساليب وهو ما يُعتبر أمرا سلبيا في مجال الضمان الاجتماعي الذي يحتاج الى تخصص الجهاز القضائي وتماهي الحقوق .
3- التركيز على الخدمات الأساسية للضمان الاجتماعي وتطويرها عبر إحالة الخدمات الهامشية الى هياكل إداريّة أخرى على غرار القروض الجامعية ومصاريف النفقة و المساكن الاجتماعية التي ترهّلت وضعف مردودها . كما تجدرُ الإشارة الى مخاطر إثقال موازنات الصناديق الاجتماعية بإجراءات ذات طابع اجتماعي /سياسي ولكنها تحتاج الى موارد إضافية وإجراءات واضحة وشفافة على غرار منحة الجراية للفتاة العزباء فاقدة السند التي لم تحل نفقتها على قرين(عند الاقتضاء) و القروض الجامعية، و هي تكاليف إضافية لم ترد في منظومة الضمان الاجتماعي ولا تستجيب لهدف توحيد المنافع بين الجنسيين (الجندرة) وفق مبادئ المواثيق الدُّوّلية.
4-تطوير المنظومة المعلوماتية و الاستثمار في التجهيزات والتكوين المتطور و إنجاز منظومة المعرّف الوحيد للضمان الاجتماعي .
5- النظر في جدوى مركز البحوث الخاص بالضمان الاجتماعي نظرا لما يكلّفه من مصاريف أجور و ميزانية تصرف دون مردودية تذكر بل أصبح يمثّل ثقلا على الصناديق التي تخصص اعتمادات لتمويل موارده.
6- تنظيم ملتقى وطني للبحث في مستقبل الضمان الاجتماعي في علاقته بالإصلاحات الكبرى المذكورة و تشريك الشركاء الاجتماعيين و الجهات المانحة وأهل الاختصاص حتى نتمكن من رسم خارطة طريق و البحث عن موارد تمويل جديدة تكفل ديمومة الأنظمة و تطوير خدماتها، إذ لا يكفي إحداث مساهمة اجتماعية استثنائية لم تمكّن من استقرار الموارد وتنميتها إضافة الى الارتجال والتسرّع و أحادية القرار دون حوكمة و توظيف مردوده المالي النسبي و الشعبوية الأخيرة المتجسّمة في تعطيل نص قانوني بمجرد قرار رئاسي تأجّل بموجبه استخلاص مستحقات التعديل الآلي للجرايات خارج مسار الاصلاح الهيكلي و الحوار الاجتماعي
7- المبادرة بالإصلاحات الهيكلية ، خارج منطق الإملاءات و التي تخص منظومة الدعم و الجباية و الضمان الاجتماعي و واقع المؤسسات والمنشآت العمومية و كيفية معالجته.
و نظرا للترابط العضوي لهذه الملفات الحارقة ، و اعتبارا لجسامة المسؤولية التاريخية في الإصلاح خاصة أمام ما عرفته بلادنا من سوء إدارة وحكم هواة خلال العشرية الأخيرة بما راكم الإشكاليات و ضاعف العجز وغيّب المبادرة ، فإنّ وضعية المالية العمومية تدعونا إلى الإقدام على التدارك و إنقاذ هياكلنا و مكتسابتنا من التلاشي والانتكاس حيث لا يزال تعديل المسار ممكنا قبل السقوط في الهاوية.