"تروتسكي " في ورقة نقدية جديدة ومؤسس البنك المركزي في أخرى صدرتا حديثا
أصدر البنك المركزي التونس الجمعة 15 أفريل 2022 ورقتيتن نقديتين الأولى من فئة 50 دينارا وتحمل صورة الهادي نويرة (1911/1993) الوزير الأول بين سنتي 1970 و1980 وتحمل الثانية وهي من فئة 5 دنانير صورة صلاح الدين العمامي (1936/1986) وهومهندس فلاحي اختص في معالجة الأراضي الزراعية بالمناطق القاحلة والجافة بالاعتماد على المياه المالحة ما جعله مرجعا في مجاله.
ولئن كان عاديا تحميل صورة الهادي نويرة احدى الاوراق النقدية باعتباره أول محافظ للبنك المركزي التونسي من 1958 الى 1970، فإن المفاجأة جاءت في الورقة الثانية التي حملت صورة معارض يساري. وبهذا الصدد كتب الاستاذ الدكتور عبد الجليل بوقرة على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي مقالا رأينا من المفيد نشره لما تضمنه من معطيات عن المهندس صلاح الدين العمامي
"تروتسكي" في ورقة نقدية تونسية جديدة.
أنّه صلاح الدين عمامي أصيل المكناسي ومن مواليد صفاقس سنة 1936 أين زاول تعليمه الابتدائي والثانوي، ثم درس الهندسة الفلاحية في فرنسا. عرف عن صلاح الدين العمامي تخصصه في المشكلات الفلاحية للمناطق الجافة وشبه الجافة، وخاصة مجالات الاقتصاد في استعمال المياه وتحسين الكفاية لتقنيات الرّي واستعمال المياه المالحة في الزراعة. وقد دعّم خبرته العلمية بالكثير من البحوث بمحطّات ميدانية متخصّصة في تقنيات الرّي ونوعية المياه والطاقة المستعملة للضخّ والتحكم في مياه الأمطار وتحسين مشاتل الكثير من أنواع الغراسات.
وقد كانت البحوث التي قام بها صلاح الدين العمامي في بداية حياته العلمية تجري في نطاق أشغال المعهد الوطني للبحوث الزراعية بتونس ثم تواصلت بعد ذلك في صلب مركز بحوث الهندسة الريفية الذي عمل على بعثه إلى الوجود. وقد شملت هذه البحوث مختلف القطاعات الفلاحية وخاصة ما كان منها متعلقا بالنطاق المتوسطي والمناطق الجافة. أمّا أهمّ المجالات التي تناولتها هذه البحوث فتتعلّق بتأثير المناخ وتحسين كفاية المغروسات والتحكم في مؤثراتها البيئية.
انتمى صلاح الدين عمامي لما كان طالبا في المهجر إلى الحزب الشيوعي التونسي ضمن خلية باريس وشارك في المؤتمر السادس للحزب في ديسمبر 1957، حيث اختلف صحبة رفاقه في الخلية مع توجّهات القيادة وانشق صحبة عزالدين مبارك ومنصف القرقوري ومنجي بن حميدة وحافظ ستهم وحمادي كمون وأحمد العواني، ثم تدعّمت هذه المجموعة بالتحاق جلبار نقاش ومنذر القرقوري وعزالدين بشاوش وعلي عطية، واتّهمت هذه المجموعة قيادة الحزب الشيوعي بــ"مهادنة النظام البورقيبي" وبـــ" تضخيم دور البرجوازية الوطنية في مرحلة ما بعد الاستقلال". ثمّ كوّن عمامي صحبة المنشقّين في باريس ما أصبح يعرف بــ"المجموعة الماركسية" ونشرت جريدة "الكفاح".
بعد التخرّج انفرط عقد المجموعة فمنهم من التحق ببرسبكتيف ومنهم من عاد إلى الحزب الشيوعي ومنهم من أصبح من كبار كوادر الدولة التونسية مثل المهندس الوطني صلاح الدين عمامي رحمه الله.
شكرا للبنك المركزي على لفتته الكريمة لأبناء تونس البررة الذين خدموا بلدهم بكل إخلاص وتفان.
شهادة الاخ عبدالله بن سعد
بدوره كتب الاخ عبدالله بن سعد المناضل النقابي المعروف تدوينة جاء فيها:
الأستاذ الكبير صلاح الدين العمامي كان درسني في الجامعة التونسية علم المياه Hydrologie وقام بتأطيري في مشروع التخرج صحبة أستاذ ٱخر من أصل روسي إسمه جورج نوفيكوف. وقد إشتغلت على موضوع "جرد موارد الماء والتربة بالجنوب التونسي". ولن أنسى ما حييت الدعم الذي قدمه لي حتى أحصل على أحسن معدل.
وحيث أنه كان واحداً من أكبر الخبراء في العالم في "علم المياه" فقد حكى لنا ذات مرة أن الملحقة الاقتصادية والثقافية بسفارة الولايات المتحدة الامريكية إتصلت به ذات يوم من سنة 1979 وقالت له بأنها مكلفة من طرف الحكومة الامريكية لتعرض عليه التدريس بإحدى الجامعات الأمريكية وله أن يختار المرتب الذي يريد ومهما كانت قيمة المرتب الذي سيختاره فإنهم سيقبلون به. لكن العظيم صلاح الدين أجابها بالحرف الواحد قائلا "أشكركم على الثقة التي وضعتموها في شخصي لكنني لن أغادر بلدي مهما كانت الإغراءات لأن تونس هي بلد في طريق النمو لذلك أنا مطالب بوضع كل إمكانياتي وسأقدم كل ما أملك من مهارات لبناء بلدي قبل أي بلد ٱخر".
وفعلا خدم العظيم صلاح الدين العمامي بلده بكل حب وبكل إقتدار ورفض مرتبا بٱلاف الدولارات بينما يهرع اليوم المهندسون والجامعيون "الوطنيون جدا" إلى أي بلد في العالم بكل أنانية بحثا عن المال ويتركون تونس ، التي صرفت عليهم الملايين ، وراءهم تعيش أزماتها المتعددة.
المجد يركع لأستاذي الكبير صلاح الدين العمامي ومني الوفاء الذي لا ينضب ولذكراه الخلود