وثائقي

محاكمة قيادة الاتحاد في 1978 (9): محمد صالح الشلي يتمسك بشرعية اضراب 26 جانفي

تواصلت أطوار محاكمة قيادة الاتحاد في 1978  حسبما تابعناها في الحلقتين (7) و(8) متوترة، متشنجة نتيجة الخلافات التي حصلت بين رئيس المحكمة والمحامين ومنها تمسك المحكمة بعدم حضور النقابيين المتهمين في القضية داخل قاعة الجلسة أثناء الاستنطاق الذي شرعت فيه.

بدأت المحكمة بالمناداة على محمد شهر صالح الشلي، الكاتب العام للنقابة العامة لديوان البحرية التجارية والموانئ، المحال بحالة سراح. ومنذ بداية الاستنطاق، أمره رئيس المحكمة برفع يديه عن قفص الاتهام.

استنطاق محمد الشلي
الرئيس: انت محمد الشلي، 

الشلي : نعم

الرئيس: ارفع يديك عن القفص،

الشلي: يمتثل ويتاخر قليلا

الرئيس : انك متهم بالاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة وتحريض السكان على مهاجمة بعضهم البعض واحداث الهرج فلماذا ارتكبت هذه الجرائم يوم 26 جانفي وما قبله من الايام؟
الشلي: يستحيل هذا الامر، إذ لم يقع التفكير فيه تماما.
الرئيس: هل كنت مضربا يوم 26 جانفي؟
الشلي: نعم
الرئيس: لماذا؟
الشلي: تم اتخاذ قرار الاضراب من طرف الهيئة الادارية وبصفتي كاتب عام نقابة المواني.
الرئيس (مقاطعا): الهيئة الادارية قررت مبدأ الاضراب يوم 22 جانفي.
الشلي: فعلا تقرر مبدأ الاضراب يوم 22 جانفي ولكننا لم نفكر ابدا في هذا الذي نسب الينا على اننا فوجئنا بتعرض دار الاتحاد العام التونسي للشغل بالقيروان الى هجوم وتكسيرمحتوياتها ولذلك تقرر الاضراب العام.
الرئيس: هل شاركت في اتخاذ القرار؟
الشلي: لم اكن حاضرا.
الرئيس: عندما تقول ان اسباب قرار الاضراب العام هي مهاجمة دار الاتحاد فهل ان هذا يوجب الاضراب فعلا؟
محمد الشلي: بدأت الهجومات على دور الاتحاد في توزر وسوسة والقيروان وبلغنا...
الرئيس (مقاطعا) : ألا تعرفون ما هي الاشياء التي يتوجب معها الاضراب؟ (ثم يتلو بعض النصوص القانونية ويواصل قائلا): ولو افترضنا وجود اعتداء على دور الاتحاد، أفليس هناك قضاء ومحاكم والامين العام للاتحاد له صفته القانونية التي تخول له القيام بشكاوي.
الشلي: لماذا لم يلق القبض على اي شخص عندما وقع الهجوم على دار الاتحاد بالقيروان؟ اننا لسنا مسؤولين عن الامن.
الرئيس: هناك قضاء ومحكمة في القيروان، ولكن لماذا وقعت اضرار ايام الاضرابات؟
الشلي: لا اعرف وارى ان الاشخاص الذين القي عليهم القبض في الشارع هم المسؤولون عن الاضرار.
الرئيس: لكن لماذا اندفعوا؟ ألا ترى ان هناك ارتباطا بين الذين دعوا للاضراب والذين احدثوا الاضرار؟
الشلي: اذا كان هناك ارتباط ما فبودي ان يقع اثباته لي.
الرئيس بل انت الذي عليك شرحه؟
الشلي: نحن دعونا الى اضراب سلمي والى عدم التجمع.
الرئيس: هل شاهدت ما حدث يوم 26 جانفي؟
الشلي: لم أشاهد.
الرئيس: كنت محاصرا في دار الاتحاد؟
الشلي: كنت متواجدا في دار الاتحاد المحلي للشغل بحلق الوادي حيث لم يقع اي أدنى حادث.
الرئيس: هل هناك موجب اخر للاضراب العام دون مهاجمة دار الاتحاد؟
الشلي: كان لهذا السبب فقط وقد تقرر الاضراب العام يوم 22 جانفي من طرف 83 نائبا على اثر الاعتداء على دار الاتحاد بسوسة حيث لم يقع القاء القبض على اي شخص وقد تقرر مبدأ الاضراب العام كوسيلة ضغط املا في مواصلة الحوار وحتى يقع الكف عن الهجومات التي تعرضت لها دور الاتحاد لكن عندما تواصلت هذه الهجومات تقرر الاعلان عن موعد الاضراب العام.
الرئيس: غير معقول ان تكون هذه اسباب اضراب عام؟
الشلي: كان بالامكان تلافيه لو وقع القاء القبض على الذين هاجموا دار الاتحاد بالقيروان.
الرئيس: لكن الاضراب غير واجب لمجرد هذا السبب انما كان من اجل تبديل هيئة الدولة؟
الشلي: كيف نبدل هذه الدولة ونحن الذين جندنا طاقاتنا وانفسنا لخدمتها وكنت شخصيا مدة سبع سنوات.
الرئيس (مقاطعا): ان الحديث عن الماضي لا يهمنا، لقد وقعت حوادث فكيف تقع الحوادث والاضرابات في نفس الوقت ومن ارتكب هذه الحوادث؟
الشلي: لو لم تقع محاصرة الكتاب العامين ولو لم تقع محاصرة دار الاتحاد لما وقعت حوادث من ذلك ان حلق الوادي لم تشهد اي حادث.
الرئيس: في يوم 24 جانفي قامت الشرطة بحفظ النظام في نهج محمد علي حيث وقع تكسير واجهات المغازات بعد خطاب الامين العام واعلانه على قرار الاضراب العام فانقلب المجتمعون في ساحة محمد علي الى مكسرين؟
الشلي: انا لم أكن حاضرا يومها وكانت الشرطة موجودة فلماذا لم تلق القبض على اي مسؤول نقابي كان يكسر او يضرب بحجر، ونحن لا نتشرف بمسؤول نقابي يفعل شيئا مثل هذا.
الرئيس: هل هناك في رأيك سبب اخر للاضراب العام غير مهاجمة دار الاتحاد بالقيروان؟
الشلي: هذا هو السبب فقط.
الرئيس: ألم تكن محاولة اغتيال الامين العام سببا في ذلك ايضا؟
الشلي: كان هذا الموضوع سابقا وحصلت في اثره اضرابات اخرى واضافة الى هذا كنت متغيبا في تركيا.
الرئيس: عد الى مكانك.

من اليمين الى اليسار: كمال سعد، الطيب الشتيوي، صالح الشلي، الحبيب عاشور، علي بن رمضان، نقابيان من جهة القيروان.