التلفزة تفرط في عرض "غسالة النوادر" لتأثيث برمجتها رغم قلة اهتمامها بحفظ الذاكرة واهمال حق الملكية الفكرية
كتب الاستاذ فتحي الخراط: رغم العرض العشوائي والمتكرّر لمسرحية "غسالة النوادر" على الوطنية الأولى والثانية لم تفقد المسرحية ككلْ عمل أصيل ذرّة من وهجها و ألقها. ويثير عرضها بمناسبة وغير مناسبة مسائل جديرة بالنقاش.
واضح أنّ التلفزة لا تعيد عرض المسرحيّة لأنّها مثّلت و تمثّل حدثا فارقا في مسيرة المسرح التونسي ،بل هي تفعل ذلك لتأثيث برمجتها التي تحار في تأثيثها ولمجرّد أنّ التلفزة تملك حقوق بثّ المسرحية لأجل غير مسمّى وعددا من المرّات لم يتم ضبطه في العقد بين مجموعة المسرح الجديد آنذاك والتلفزة ، . لأنّ همّ المجموعة كان منصبّا على ضرورة فتح منفذ إلى ذلك المرفق العمومي الذي ظلّ النفاذ إليه شبه مستحيل لغير العاملين فيه لدوافع فئويّة ضيّقة.
ولولا وجود رجل مسكون بحبّ المسرح على رأس التلفزة آنذاك ومؤمن بأنّ التلفزة محمول عليها توثيق ما يعرض من أعمال فنية في شتّى مجالات الإبداع ،لولا وجود الأستاذ رؤوف الباسطي مديرا للتلفزة آنذاك لكانت المسرحيّة نسيا منسيْا كغيرها من أعمال فنية مسرحية وغير مسرحية لفّها النسيان وحرم الأجيال الشابة من مشاهدتها.
وتطرح هذه الظاهرة ،ظاهرة الاستغلال المفرط للمصنّفات الفنيّة مسألتين علي الأقلْ جديرتين بالنقاش :
- مسألة غياب حفظ الذاكرة في اهتمامات المؤسسات المحمول عليها هذا الواجب مثل وزارة الثقافة ومؤسسة التلفزة وقد كان لتصفية الساتباك ( الشركة التونسية للتنمية السينمائية والإنتاج) في بداية التسعينيات، في خطوة رعناء غير مدروسة أثر بالغ في ضياع جزء هامْ من الذاكرة الوطنية بسبب عدم تعهْد مخزون الأرشيف السينمائي المودع في مخابر الساتباك بالحفظ والصيانة ثمّ بالرقمنة. والحال في التلفزة ليس أفضل فرقمنة الأرشيف متعثّرة والأعمال القديمة التي يعاد عرضها تشكو نقصا فادحا في جودة الصورة والصوت.
- مسألة ضياع حقوق العاملين في تلك الاعمال التي لا يجني منها صانعوها أيْ عائدات وهي مسألة تتنافى مع أبسط قواعد الملكيّة الأدبية والفنيّة.