وثائقي

ممثل النيابة العمومية يعيب على الطيب البكوش بأنه ينسى كل شيء في حين انه يوجد دائما في أماكن اندلاع الحوادث او تنفيذها

 عن الاخ  الطيب البكوش قال ممثل النيابة العمومية أمام محكمة أمن الدولة التي انتصبت للنظر في قضية قيادة الاتحاد المتهمة بالمسؤولية عن أحداث 26 جانفي 1978:
ان هذا المتهم الذي اكد عند استنطاقه، على رضا جميع الاطراف بتعديلات الاجور التي حصلت في بداية 77، وعلى قيام الحبيب عاشور بجولة عبر البلاد اشاد فيها بالانجازات الاجتماعية، يتميز دفاعه بأنه ينسى كل شيء في حين انه يوجد دائما في أماكن اندلاع الحوادث او تنفيذها وكونه ملازما دائما لمصدر الاذن الصادر بها زيادة على تحاليله السياسية للأوضاع التي توهله اليها ثقافته العالية التي لا يمكن تصور انها قاصرة عن ادراكه الغايات والمرامي.

فهو يستنتج ان صاحب كتاب «العرب في العاصفة» اصبح مترشحا لاحتلال منصب الوزير الاول، وان تصوره لمذهل اذ يستطيع ان يرى ان في امكان الحبيب عاشور ان تتم اتصالاته السياسية بالخارج، وبالمناهضين للحكومة دون ان تتأثر المنظمة الشغيلة بهذه الاتصالات التي تقع مع رئيس دولة في الخارج والذي كلما تحدث عن الاضطرابات يقر نتائجها لكنه يرجع مصدر علمه بها الى تقارير مكاتب الاتحادات.

وهو يحلل في محضر استنطاقه سياسة البلاد العامة ويعترف بأنه لو تواصل الحوار لحل المشاكل النقابية الصرفة لاعطيت لاعضاء المكتب التنفيذي الذي هو احد فراده الاهلية لعزل المشاكل السياسية والشخصية لهم وبالخصوص ايجاد حلول معقولة للمشاكل النقابية الصرفة.
وهو احد افراد المكتب التنفيذي الذي اوكل له تعيين تاريخ الاضراب العام العاجل وتجدونه يوم 24 بالقيروان صحبة مصطفى الغربي وبتلك المدينة يتصل به الحبيب عاشور ويعلمه بتعيين الاضراب العام يوم 26 وبعد العودة الى العاصمة نجده رفقة الحبيب عاشور في الاجتماع الذي عقده بالكتاب العامين للجامعات في حين توجه بقية اعضاء المكتب التنفيذي داخل تراب الجمهورية.

ويزعم ان الكتاب العامين واصلوا الاجتماع لضبط طرق تنظيم الاضراب لكنه ينفي ـ وهذا ما درب عليه عمله ـ الحضور معهم عند اتخاذ تلك القرارات بيد انه كان حاضرا اثناء الندوة التي ألقاها الكاتب العام للنقابات الدولية بالاتحاد وكان بجانب عاشور عندما كان بشرفة مكتبه لالقاء خطاب في جموع عملة الفلاحة المتجهرين بساحة الاتحاد.
ونجده يوم 25 جانفي بمكتبه بدار الاتحاد لتحرير البلاغات الخاصة بالاضراب ويستقدمه عاشور الى منزله في المساء ليعلمه بمحاصرة دار الاتحاد واعطائه بسطة حول حالة النقابيين ويجعله على بينة من محاولة اتصاله بمدير الامن ووزير الداخلية وهو يفضي له بهواجسه وقلقه من حدوث مشادات يوم 26 جانفي فكان حينئذ على بينة من رئيسه بما سيجري في اليوم الموالي ذلك اليوم الذي يقصد فيه على الساعة 9 محله ويحضر مكالماته الهاتفية ويتلقى منه الارشادات التي سمحت بها تلك المكالمات ولكنه ينفي حسب عادته انه سمعه يعطي تعليمات ما،

وكان حاضرا عندما اتصل عاشور بادارة الامن وسمعه يطالب برفع الحصار في ظرف نصف ساعة ولكنه لم يكن امينا في نقل ما جد من بقية المكالمة فعوض ان يقول وقع التهديد بحرق تونس صرح بأن زعيمه قال فقط عبارة «تفسد البيعة» وهي عبارة كافية في حد ذاتها لاداء نفس النتيجة التي  انتهت اليها الحوادث.
ونجده ايضا صحبة الحبيب عاشور مرافقا له الى نزل اميلكار ويجلس معه بشقة رفقة مصطفى الغربي ومحمد الصالح بن قدور والصادق بسباس والصادق العلوش والناجي الشعري، واضطر الى ان يعترف بأن عبد الرزاق ايوب كان التحق به وبالحبيب عاشور بمنزل هذا الاخير وعلائم الاضطراب بادية عليه معلما اياه بحدوث الاضطرابات وكالعادة فان الحبيب عاشور يجعل منه حافظ سره بأعلامه بتدخل الجيش وفي المساء يتشاور بشأن بيان في موقف الاتحاد عن اسباب الاضراب ونتائجه وتسند له هو مهمة تحرير ذلك البيان بعد ان شارك في ضبط عناصره.

وهولا يستطيع ان يتجنب قلب الحقائق فيزعم افتراء ان الفرصة لم تعط للمسؤولين النقابيين لمراقبة الاضراب والتدخل فيه عند الاقتضاء كأن الحكومة ترغب في شل اقتصاد البلاد بمثل هذا العمل الذي له صلة بالنشاط النقابي. وبينما يستطيع التجول بسائر تراب الجمهورية للبحث والاستطلاع واعطاء التعليمات لا يتورع عن القول ان المسؤولين النقابيين لم تسنح لهم الفرصة للتحكم في الوضع وتجربة السيطرة على الاضراب،

او تعلمون ان من بين الاسباب التي يستند اليها لتفسير عدم تمكن هؤلاء المسؤولين من التحكم في الوضع يرجع الى قرار تسخير مستخدمي بعض القطاعات الحيوية وحضوره الذي تحدثت عنه يمتد الى كونه يعتقد ان الاتحاد سلك مسلكا سياسيا لان الدلائل على سلوك هذا الاتجاه لم تكن في مستوى فهمه بالرغم من اقراره بأن  الحبيب عاشور عرض عليه في اواخر السنة الفارطة المشاركة في الحكومة باسم الاتحاد واعاد ذلك العرض عليه شخصيا في حين انه سبق منه الاعلان عن عدم الموافقة،

ومن جهة اخرى فانه لم يخالف جماعته مع كل القوى الهدامة رغم اعلام الحبيب عاشور له ولرفاقه بمساندة الوحدة الشعبية لنشاط الاتحاد وان يكون أداة وصل فيما بعد ذلك بينه وبين بعض افرادها ويحتفظ بمكتبه برسالة موجهة الى الامين العام السابق للاتحاد من بعض عناصر المعارضة في تأييد الاتحاد في مواقفه وهو بعيد عن السياسة ورغم ذلك يطالب باطلاق سراح المساجين السياسيين، ويجعل من مكتبه مرة اخرى مجمعا للوائح مثل التي ابلغتها اياه امرأة واقر بأن صيغتها غير نقابية تحتم عرضها على الامين العام وهو لا يستنكف عن محاولة التراجع فيما نشره بجريدة الشعب بالعدد الصادر في 18 نوفمبر 1977 عندما يقول وقد جاءت ردود الفعل ـ وهو يتكلم عن العنف في المدة الاخيرة ـ من طرف العمال والشعب لتكشف الامور على حقيقتها وهو ما «نرفز» البعض.
ويصف اضرابات الاحتجاج على حادثة التهديد بأنها مجرد نقد لبعض المظاهر التطبيقية لسياسة الحكومة وهو الذي يمضي البلاغات الداعية صراحة الى العنف والارهاب متسترا بأنها صدرت عن المكتب التنفيذي ويرى المطالبة باطلاق سراح من حوكموا من اجل الاعتداء على امن البلاد تدعيما للوحدة القومية وأولى به ان يقول تدعيما له ولرفقائه في عملهم الهدام.

وبوصفه محللا سياسيا يرى ان ادخال تحوير على وزارة الداخلية او تعويض المسؤول عن ادارة الامن الوطني تخفي نية الكيد للاتحاد ويزداد ارتياحا عندما يستمع الى ما جاء في ندوة صحفية عقدت بدار الاتحاد واعلن فيها عن كون الجامعة العالية للنقابات الحرة تؤيد قرار الاضراب.
هناك صفة اخرى لهذا المتهم الا وهي محاولة المغالطة فهو دائما لا يعرف شيئا عن حقيقة الاحداث مصدرا وصلة ورغم خطارة ما جد منها قبيل يوم 26 جانفي وما يعلمه الخاص والعام، فانه يعتبرها مشابهة للاحداث التي تقع اثر مباراة رياضية وهو قول ردده لنا السيد كريستن، ورغم وجوده دوما بدار الاتحاد كما قلته لكم فانه لا يعلم دائما بأعداد وسائل هجومية اعني بذلك الاسلحة وبالطبع الكرات الحديدية منها التي حجزت بعضها بدار الاتحاد.