عندما يرون في الاضراب دعوة الى العصيان المدني وينسون اغتصاب الحقوق
في سياق مرافعته، أتى ممثل النيابة العمومية اما محكمة امن الدولة لدى نظرها في قضية قيادة الاتحاد سنة 1978، على تفاصيل كثيرة اتهم من خلالها بقية الاخوة بأثقل التهم
3) خير الدين الصالحي:
وما قبل بالنسبة للطيب البكوش من حيث تحمل المسؤولية في الاحداث المخلة بالامن العام والاهداف السياسية ومحاولة اخفاء الحقائق يصح قوله بالنسبة للمتهم خير الدين الصالحي بالاضافة الى تعبيره واقراره ما سجل له في صلب جلسة المكتب التنفيذي من المناداة بمجابهة الحكومة حتى بالعنف المادي وقد كان مثل سابقه (ايضا) متوليا التسيير بدار الاتحاد يوم 26 جانفي مطلعا على ما به من حجارة بعد ان نشط مع الحسين ابن قدور في العمل على انجاح الاضراب بالقيام باتصالات في هذا الصدد الى سوسة والمنستير والمهدية ونابل متشجعا بالمساندات الخارجية رغم اعلامه بالاضطرابات بالعاصمة واندلاع الحرائق وسقوط ضحايا لم يتحرك فيه اي شعور سوى الاستفسار عن احوال باجة ورغم علمه ايضا بما آلت اليه الحوادث السابقة وتحمله مسؤولية تمثيل الامة بمجلسها ولفت نظر الوزير الاول لمناهج العنف التي تردى فيها قادة الاتحاد وكشف فيها عن الاخطار التي تهدد الدولة من وراء الاخلال بالنظام العام يزعم انه لم يكن يتوقع سير الامور الى النتيجة التي انتهت اليها الكارثة.
وان تراجعه فيما سجل عليه من عبارات تجلت منها نية الاعتداء على أمن الدولة لا يقبل منه خاصة وقد حاول بعد تدوين اقراره لدى الباحث المنتدب ان يخفف من وطاة اقراره هذا وتمسك بأن الاجتماعات يقال فيها مثل ذلك القول وحتى ما اكثر منه حدة مؤكدا انه لا ينكر ما جاء في دفتر محاضر الجلسات بالنسبة له طبعا لانه اذا انكر ذلك كمسؤول في المكتب التنفيذي معناه انه لا يحترم مسؤوليته وبالاحرى ليس له عذر.
4) عبد العزيز بوراوي:
نفى هذا الاخير كل مسؤولية في الاحداث التي جدت بتونس متناسيا انه كان من بين العناصر التي كلفت بالاشراف على انجاح الاضراب بصفاقس وقام بنشاط حثيث في بعث الحماس في نفوس العملة ويزعم عدم العلم بالاسلحة المعثور عليها بدار الاتحاد بصفاقس في حين انه المشرف والمختار لتسيير المنظمة النقابية بتلك الجهة ـ وانجاح الاضراب فيها وهو الذي شارك في اجتماع ـ الهيئة الادارية التي قررت مبدأ الاضراب وكان من بين اعضاء المكتب التنفيذي الذين ضبطوا تاريخه ومدته وكان الى جانب هذا هو المسؤول الاول عن المنظمة الشغيلة ابان شن الاضرابات الاحتجاجية ـ ويعلم حق العلم ما نشأ عنها من اضطرابات في عدد من مدن الجمهورية ومع ذلك وبحكم تحمله للنيابة بمجلس الامة ـ حضر الجلسة التي القى فيها الوزير الاول خطابه محذرا القيادة النقابية من نتائج ما قد يحدث من حوادث اخرى تدل الاشياء على انسياقها اليها ومع ذلك فهو يزعم انه لم يتوقع حصول ما حدث يوم 26 جانفي 1978.
واذا كان يعتبر ان ما صدر عن هياكل الاتحاد من مقررات ولوائح لا تنم عن المواجهة للحكومة فهل ان المطالبة باطلاق سراح المساجين السياسيين وانتقاد الحكومة وتقرير الاضرابات الاحتجاجية والاضراب العام فيها دفاع عن النقابيين والحقوق النقابية وهو الاعرف بحكم وضعه وماضيه بحقائق الاشياء ومن ثمة فان ماضيه لا يكون له مبررا وشفيعا.
5) محمد بن عز الدين:
يحاول عبثا ان يتفصى من المسؤولية بادعاء انه يجهل كل شيء ولا يعلم عن الاحداث والتطورات بقدر ما يعلمه زملاؤه ويزعم ان ما صدر باللوائح وما قيل اثناء الاجتماعات للهيئة الادارية لم يكن القصد منه الاثارة والتهيئة للاحداث التي جدت يوم 26 جانفي ضرورة انه حضر باعترافه مع بعض اعضاء المكتب التنفيذي مقابلة المتهم الحبيب عاشور مع السادة احمد المستيري وحسيب بن عمار والباجي قائد السبسي الذين لا يعقل ان يطالبوه بأن يكون الاضراب العام في هدوء لو لا توقعهم سوء العاقبة منه
وقد تحول الى بنزرت وزغوان ونفذ التعليمات القاضية باتمام الاضراب العام المصطبغ بالصبغة السياسية البحتة مثلما سبق لي ان اوضحته ولولا مشاركته في تنفيذ الخطة باعتباره احد الساهرين على انجاحها لما قصد دار الاتحاد في نفس اليوم بالرغم مما فيه من وسائل اعتداء ومن تهيئة انفار للقيام بعمل المجابهة حقق المتهم خيار الدين الصالحي انهم كانوا موجودين بذلك المكان وعبر عنهم بأنهم «حراس».
6) الصادق العلوش:
يعترف بما حققته الحكومة من انجازات في الميدان الاجتماعي وبالجو المفعم بالابتهاج نتيجة ما وقع تحقيقه من مكاسب هامة جدا بين جميع الاطراف الاجتماعية والحكومة ورغم اعترافه بالسير بالمنظمة الشغيلة في طريق خطتها التيارات الهدامة يقر بحضور تلاوة اللائحة التي ختمت اجتماع الهيئة الادارية يوم 22 جانفي 1978 والداعية الى الاضراب العام وتجدونه بنزل اميلكار صحبة المتهين الحبيب عاشور ومصطفى الغربي ومحمد الصالح بن قدور والصادق بسباس والطيب البكوش حيث تدور الاتصالات داخلا وخارجا بعد ان انطلقت الاضطرابات ويرجع الى نفس النزل مساء ويدعي افتراء انه ما زال يترقب مساعي توفيقية في وقت سالت فيه الدماء نتيجة مقررات ومخططات منبثقة عن هيئة هو احد اعضائها، ومن الغريب ان يصدر منه ذلك بالنظر لما وصف به الانجازات الاجتماعية من كونها مفخرة لبلادنا ولا يعتقد حصول مثلها في العديد من بلدان العالم الثالث ضرورة ان تونس هي اولى هذه البلدان التي سنت الحوار الحر بين المنظمة النقابية والمؤسسات كطريقة لعملها الانمائي وهو الذي كان ممثل الاتحاد منذ 1973 الى سنة 1977 مكلفا بمسؤولية اعداد التشريع والعقود المشتركة والقوانين وفند بذلك زعم المتهم الحبيب عاشور جهله محتوى الميثاق الاجتماعي.
7) مصطفى الغربي
حاول هو الاخر التفصي من عواقب افعاله التي لا تخفى بنفي العلم بما تسبب في حصول الاحداث ويدعي ان ما صدر من لوائح وما قيل اثناء الاجتماعات او نشر بجريدة الشعب لا صلة له بها وذلك بالرغم من مشاركته في نشاطات الاتحاد جميعها بحكم ملازمته للحبيب عاشور في غالب الاوقات واخرى منها حضوره لاجتماع الهيئة الادارية الداعية للاضراب العام، وقد نشط مع الطيب البكوش في اثارة حماس العملة عند تحولهما الى القيروان بعلة التحقيق في حادثة الاعتداء على دار الاتحاد بتلك المدينة واتصل مع رفيقه هاتفيا بالحبيب عاشور الذي اعلمهما بقرار تعيين موعد الاضراب الامر الذي حمله على الرجوع الى العاصمة في الحال واتجه مباشرة الى دار الاتحاد حيث اتصل بالحبيب عاشور الذي كلفه بالتحول حينها رفقة الصادق بسباس الى سليانة والكاف وجندوبة وباجة للعمل على انجاح الاضراب، على ان نشاطه الحثيث يفسر موقفه ومع ذلك فهو يزعم ان الاضرابات التي حصلت شرعية وانه لم يكن يتوقع ان تؤول الحالة في البلاد الى ما وصلت اليه متجاهلا حتى حصولها بالرغم انه كان على اتصال دائم يوم 26 جانفي بالحبيب عاشور بمنزله او بنزل اميلكار بعد ذلك وتحول غير ما مرة الى العاصمة دون ان تلفت الحالة نظره، وقد اشتعلت بعد النار على حد قول الحبيب عاشور وكأنه تناسى ايضا ما سجل من احداث في اضرابات سابقة بمختلف المدن من تراب الجمهورية وادعى أنه كان دوما معتدلا في تدخلاته وكذلك تصريحاته غير ان هذا الادعاء مردود بما نشرته جريدة الشعب يوم 6 جانفي 1978 بمناسبة حضوره ـ كالعادة ـ الى جانب الحبيب عاشور اثناء الندوة الصحافية حول اضراب عملة الفلاحة من عبارات تجلت منها نية الاعتداء على أمن الدولة وحقده الدفين ازاء النظام.
8) حسن حمودية:
فهو وان تمسك بعدم مسؤوليته فيما عرفته البلاد من احداث فلا ينكر انه المشرف على جريدة الشعب وبحكم ادارته لها يتحتم عليه اختيار اعضاده فهو مسؤول عنه، متحمل لما احتوته الجريدة في الفترة السابقة للاحداث من مقالات مثيرة كانت من الاسباب المباشرة في اشتعال نار الفتنة وما تولد عنها.
بالاضافة الى انه من اعضاء المكتب التنفيذي الذين وافقوا على تاريخ الاضراب ومدته بعد ان صادق على تقرير مبدئه في اجتماع الهيئة الادارية المجتمعة يوم 22 جانفي 1978 وقد تحول للدعوة لانجاحه الى قابس ومدنين ودعا الى التصدي لمن يحاول «تكسير» الاضراب بشتى الوسائل وشل الانتاج وتوقيف العمل وهو الذي صادق مع الصادق بسباس على بلاغ طرابلس بمساندة جبهة الصمود بدعوى تدعيم موقف الاتحاد بالخارج وهو بحكم نيابته بمجلس الامة اعرف الناس بالقانون ومؤهل لمعرفة ما هو شرعي وغير شرعي من الاضرابات وغني عن البيان ان مواقفه في دولة مجاورة هي الاخرى سياسية بحتة تدخل في نطاق مسؤوليات الدولة التي تسند له حق نيابتها.
9) محمد الصالح بن الطاهر بن قدور شهر الحسين:
هو كسابقيه من زملائه اعتصم بالانكار ويقر بمشاركته في انشطة الاتحاد وهي في جانب منها مواجهة للحكومة فقد حرص على انجاح الاضراب بالساحل ونابل مرددا كلمة الحبيب عاشور كون الاضراب اضراب رجال لا اضراب نعاج.
ويتمسك بأنه ولئن صادق على لائحة المجلس القومي الداعية للافراج عن المساجين السياسيين الا انه يتعلل بأن الدوافع اليها هي امور انسانية وهذا التعليل غير مقبول منه وهو الذي يعلم الى اي حد يقف النشاط النقابي والعاطفة والتضامن.
وشارك في تحرير البيان الذي يبرر به الاتحاد الاحداث اثناء وجوده بنزل اميلكار رفقة الحبيب عاشور والطيب البكوش ومصطفى الغربي والصادق بسباس ومما يفسر ايضا موقفه عن مجابهة النظام تصريحاته المتطرفة ازاءه وازاء رجالات الدولة وما تعلل به من عدم تحمله لمسؤولية تلك التصريحات التي لم تسجل عليه بأمانة يفسر بركونه الى التخفيف من وطئة مسؤوليته التي لم يكن في مستوى تحملها.
10) الصادق بسباس:
ولئن كان هو الآخر ينفي عن نفسه ان يكون له ضلع في الاحداث فانه لا ينكر انه شارك في اجتماعات الهيئة الادارية للاتحاد التي اقرت عدم شرعية بعض الاضرابات التي تقررت وبوصفه المسؤول في الاتحاد عن العلاقات الخارجية مع المنظمات العربية قد باشر اعمالا سياسية من شأنها ان تمس بسياسة البلاد واختصاصات الحكومة وهي موقفه من جبهة الرفض وتعليله ذلك بتدعيم مركز الاتحاد بالخارج خاصة بعد اقالة وزير الداخلية فضلا عن كون هذا العمل ان دل على شيء فانما يدل على تبعية الاتحاد وعدم استقلاليته حسبما اراد له دلك المسؤولون عنه وزعم انه لا علم له بالاضرابات التي عمت البلاد.
وهو الذي تحول صحبة مصطفى الغربي الى سليانة والكاف وجندوبة وباجة للعمل على انجاح الاضراب متناسيا ما قد يحدث عن ذلك من اضطرابات سبق ان مرت بها البلاد في اضرابات جزئية لا يمكن ان تفوته وهو المسؤول على اعلى مستوى بمنظمته.
11) عبد العزيز (شهرز عبد الحميد بالعيد):
ولئن تمسك كغيره بنفي مسؤوليته في الاحداث الاخيرة لا ينفي مشاركته في الاجتماعات النقابية وما اتخذ فيها من قرارات ولوائح داعية لمواجهة النظام والتنقيص من سياسته في مختلف الميادين وتحقير اعماله واصفا اياها بأنها مواقف مزمنة تتلون في كل مرة بشكل معين وتعلمون ايضا انه يعترف بقوة الاتحاد هذه القوة التي اكتسبها من الحكومة لممارسة العمل النقابي الصحيح الذي لا يسمح بالتداخل في الشؤون السياسية للبلاد مثلما صدر عن المتهم من مواقفه على اللائحة الداعية الى سراح المساجين السياسيين وتسمح له ايضا هذه القوة لاستغلالها في التهجم على النظام والدعوة الى الاضراب العام المفضي للعصيان المدني فقد تحول الى جهة قفصة داعيا وعاملا على انجاحه متمسكا بأنه اوصى بأن يتم في كنف الهدوء ألم يستنتج هذا انه كان يتوقع حصول اضطرابات كان شهد مثلها في اضرابات سابقة عمت مناطق من البلاد.
12) عبد الرزاق غربال:
وهو ان دفع عن نفسه مسؤولية الاحداث شأنه في ذلك شأن بقية المتهمين ـ الا ان مواقفه المتصلبة والمثيرة والمهيجة في مختلف الاجتماعات النقابية التي شارك فيها او اشرف عليها ساهمت الى حد بعيد في الاعداد النفساني للعمال وللرأي العام حتى يقدم على ما عرفته البلاد في الحقبة الاخيرة من اضطرابات واخلال بالامن فبصفاقس وبتحريض منه انطلقت احداث رمضان ـ ومن صفاقس بدأت فكرة الاضراب الاحتجاجي بل وعمل بالاتصال الشخصي هاتفيا بعدد من الاتحادات على شنه وتعميمه في الجهات وقد عرف بتصلبه وتسند اليه الكلمة في اول من تسند لخلق الجو الحماسي ومن ذلك كلمته في المجلس القومي التي ضمنها ما شاء من نعوت استضعاف للحكومة ورجالها ومؤسساتها النيابية واستصغارا لمنجزاتها ـ حتى وصف عهد الاستقلال بكونه امتداد لعهد الاستعمار كان ما حدث بتونس من منجزات اشاد بها البعيد لم يكن شيئا مذكورا، بل وتجاوز حد نكران المحسوس الى الدعوة الى العصيان المدني.
13) اسماعيل السحباني:
هو يعترف بعمله على اعداد الكرات الحديدية وهي من المعدات الهجومية التي عمل الحبيب عاشور على تزويد الاتحاد بها واناط بعهدته امر اعدادها باعتباره المشرف على جامعة المعادن وقد اعدها بالفعل باعانة محمد شقرون وتسلم انموذجا منها لعرضه على الحبيب عاشور حجز بمقر الاتحاد بالاضافة الى ما سجل عليه من تصريحات تعبر اوضح تعبير عما يكنه من عداء للنظام واحتقار لبوادره مما حوتها اوراق البحث وهو الذي جند ما استطاع من العملة البسطاء للحراسة في الظاهر ولاستعمالهم في غايات اخرى قد تدعو لها المناسبات ولا اخاله يقدم على ذلك من تلقاء نفسه بل اثبتت الابحاث علم غيره من المسؤولين في المستوى العالي للاتحاد بصنيعه.