مادون القاع.. مادون الحضيض من سيزيل ٱثار العبث السياسي والسقوط القيمي؟؟
بقلم خليفة شوشان
الحقيقة التي يعلمها الجميع أننا وصلنا القاع والانحطاط القيمي منذ سنوات ونداءات "اخلقة" الصراع السياسي لم تكن سوى الاعتراف الخجول بهذه الحقيقة.. فمنذ أن أطلقت حركة النهضة الاخوانية ألسنة ميليشياتها الالكترونيّة بعد الثورة وقبل انتخابات المجلس التأسيسي لنهش أعراض معارضيها في عملية اعدام رمزي لم تبلغها تونس بهذا الشكل الجماعي الشامل في اعتى سنوات الدكتاتوريّة (كان النظام يحتكر هذه المهام القذرة ويديرها من خلال أدواته واجهزته ومنصاته الاعلاميّة "الاعلان والحدث نموذجا")..
ولم تستثن هذه الميليشيات التي تدار من مقرّ مونبليزير وترصد لها امكانيات مالية وتقنية ضخمة أحدا. وقد كان تركيز محاكم التفتيش الاخوانية على القضايا الاخلاقوية والايمانية تشويها وتكفيرا. الأمر تطوّر مع المافيوزي نبيل القروي صاحب مقولة "لاش عاملها انا القناة ماني باش نحكم في والديهم الكلب" ليتجاوز الصفحات الفايسبوكية إلى تركيز قناة تلفزيّة تتكفل بذلك بشهادته، قبل أن تصل الأمور إلى قمّة الاحترافيّة مع يوسف الشاهد وعصابته بتخصيص مكتب كامل بطواقم وخبرات قضائية واعلامية ودعائية في البحيرة للابتزاز والتشهير وصناعة الملفات.
اليوم نشهد تحوّلا خطيرا في مستنقع الانحطاط القيمي بدأنا معه نحفر في القاع في اتجاه الحضيض والانهيار الشامل، وللاسف تسخّر فيه بعض أدوات الدولة الامنية والقضائية والاستخباراتيّة من خلال تسريب تقارير أمنيّة ومحاضر بحث قضائية على صفحات عصابات المدونين المنتشرة وفي مقدمتهم اليوم المناصرين لرئيس الجمهوريّة وأمام صمته ولربما تواطؤه وهو الذي طالما طرح نفسه بديلا أخلاقيا وقيميا للبؤس السياسي الذي أغرق البلاد!! بشاعة عمليّة السحل الجماعي والرجم الذي تعرضت اليه احدى القاضيات المعزولات على صفحات "الحقير بن عرفة" لا يمكن أن تبررها كل تجاوزاتها - إن صحت- وجرائمها - ان ثبتت - وهي في ساديتها ووحشيتها تفوق التمثيل بجثث ألدّ الأعداء في الحروب فكيف بمن تحتفظ بقرينة البراءة وبحق الطعن في كلّ ما نسب إليها؟
بشاعة اجراميّة وكرنفال شواء جماعي قد يفقد عملية الاعفاء مهما كانت مسوغاتها أي غطاء أخلاقي خاصة اذا ثبت تورط أجهزة مقربة من رئيس الجمهورية في التسريب.. بقي لا بدّ من التأكيد بذات القدر من الصرامة أن الجهة التي دفعت بالقاضية ".." بالأمس إلى تصدّر المشهد الاعلامي وأصرّت على ذلك رغم علمها المسبق بحساسيّة ملفها ورغم رفض "رئيس جمعية القضاة" التي تشابكت القاضية معه وكالت له الشتائم تقديمها شهادتها كما يظهر من خلال شريط الجلسة العامة، لا يقلّ اجراما ووضاعة وسقوطا أخلاقيا عن اجرام "الحقير" الذي نشر "التقرير الفضيحة" ومن يقف وراءه، لأنّ هذه الجهات خيّرت التضحية بها وقودا لمعركتها لعلمها علم اليقين أنّ ردود فعل النخب والشارع التونسي في مثل هذه "القضايا الحساسة" غير متسامحة وهي في كلّ الحالات ستتعاطف مع الضحيّة. الخلاصة أنّنا نسير نحو ما دون القاع بل إلى ما دون الحضيض في معركة توظف فيها اقذر الأسلحة وتداس القيم، تحت ذلك الشعار الليبرالي الوضيع "الغاية تبرّر الوسيلة".
ومهما كان المنتصر في هذه المعركة/المهزلة فإن الهزيمة الأخلاقيّة ستحاصره، والانحطاط القيمي الذي سيخلفه غبار المعارك سيسمّم حياة جيل كامل من التونسيين، وستكون اولى مهماته خوض معركة ازالة ٱثار العبث السياسي والسقوط القيمي المتواصل منذ أكثر من عشر سنوات، بعد تصفية التركة الثقيلة من التشوهات والمسوخ السياسية التي ستخلفها..