وثائقي

نقابي أمريكي يؤكد وساطته لدى حكومة بلاده بطلب من الحبيب عاشور لدعم تونس اقتصاديا وعسكريا

في طور لافت من أشغالها المتعلقة بمحاكمة قيادة الاتحاد سنة 1978، استمعت محكمة أمن الدولة يوم 30 سبتمبر 1978 الى شهادتي نقابيين دوليين قال أحدهما انه جاء مرة الى تونس ليبلغ الوزير الاول مواقفة الحكومة الامريكية على دعم تونس اثر طلب من الحبيب عاشور.

نتحدث هنا عن الرفيقين أوتو كرستن الأمين العام للكنفدرالية العالمية للنقابات الحرة -سيزل-(تسمى اليوم الاتحاد العالمي للنقابات) وارفينق بروان ممثل النقابات الامريكية في أوروبا ومنطقة شمال افريقيا.
هذان الرجلان نقابيان من الزمن القديم، ساهما في النهوض بالعمل النقابي المحلي والعالمي بعد الكبوة التي فرضت عليه نتيجة الحرب العالمية الثانية، الأول ألماني من اتحاد " دي قي بي" والثاني من اتحاد " أي اف ال- سي أي أو " الأمريكي.

نقابيان دوليان يشهدان لفائدة الاتحاد والحبيب عاشور
هما صديقان للاتحاد العام التونسي للشغل ولأبرز قياداته التاريخية الزعماء فرحات حشاد والحبيب عاشور واحمد التليلي. لم يتأخرا يوما عن دعم التجربة النقابية التونسية الناشئة لا سيما بعيد اغتيال الزعيم الخالد فرحات حشاد ولم يتأخرا في التدخل لدى حكومتيهما من اجل الوقوف الى جانب الحكومة التونسية قصد فض بعض الإشكالات وتحصيل بعض المساعدات.
جاءا الى تونس مرارا وتكرارا وخاصة أثناء مثول القيادة أمام محكمة أمن الدولة خريف سنة 1978 وتابعا مختلف أطوارها كمراقبين وخاصة كشاهدين. 
عرضا في البداية شهادتيهما على حاكم التحقيق. وقد تولى المحاميان الأستاذان أحمد شطورو والبشير خنتوش نقلها الى العربية كما اقترحا على المحكمة سماعهما مباشرة بما انهما كانا حاضرين في القاعة. ففعلت بعد موافقة ممثل النيابة العمومية.

في الصورتين أعلاه، يظهر الرفيق ارفينق براون في الاولى بصدد القاء خطاب له في احد مؤتمرات الاتحاد أواسط الخمسينات وفي الثانية في زيارة الى مقر الاتحاد حيث احتفى به عدد كبير من العمال والنقابيين.

شهادة النقابي الأمريكي ارفينق براون
ـ الرئيس: هل يحسنان لغة البلاد.
ـ الدفاع: يتكلمان الفرنسية.
ـ الرئيس: لابد من مترجم وعلى النيابة احضاره.
ـ ممثل النيابة: طيب
الرئيس: لنستمع الان الى السيد ارفينق براون (حضر مترجم اقسم اليمين القانونية امام المحكمة وتولى الترجمة).
ـ الرئيس: حالتك المدنية؟
ـ براون: براون ارفينق ممثل النقابات الامريكية في اوروبا مع الاقامة بباريس.
ـ الرئيس: كم عمرك؟
ـ براون: 66 سنة
ـ الرئيس: اين تسكن؟
ـ براون: 20 نهج بيار كوبرتان. باريس فرنسا
ـ الرئيس: اقسم بان تقول الحق ولا شيء غير الحق.
ـ براون: يرفع يده اليمني ويقسم.
ـ الرئيس: المحكمة تطلب منك متى جئت الى تونس ولماذا ومن دعاك؟
ـ براون: اتيت عشية يوم الاربعاء لحضور القضية كملاحظ وكنت قبل المجيء طلبت من السيد الهادي نويرة الاذن بالحضور فقال لي انه لا يرى مانعا في ذلك؟
ـ الرئيس: وماهي الغاية من حضورك؟

جئت تونس بدعوة من عاشور للتحادث معه ومع الوزير الاول
ـ براون: اولا كملاحظ في هذه القضية والان كشاهد وقد قدمت لكم الوثيقة التي هي بين ايديكم هذا هو غرض حضوري.
ـ الرئيس: بين ماي وسبتمبر 1977 جئت إلى تونس لماذا جئت ومن دعاك؟
ـ براون: جئت عدة مرات الى تونس باستدعاء من الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل للتحدث معه ومع الوزير الاول حول عدة مواضيع.
ـ الرئيس: وضح لنا من دعاك الى تونس؟
ـ براون: الحبيب عاشور هو الذي دعاني
ـ الرئيس: لماذا؟
ـ براون: لمناقشة بعض المشاكل النقابية
ـ الرئيس: هل حدثك عن ذهابه الى ليبيا؟
ـ براون: لا
ـ الرئيس: بماذا تعلقت المناقشة بينكما؟
ـ براون: طلب مني الحبيب عاشور الحضور للتناقش معه ومع الوزير الاول في بعض المشاكل النقابية بوصفي صديق قديم لتونس ونقابي مجرب.
ـ الرئيس: هل تذكر لنا شيئا من هذه المناقشات؟
ـ براون: مع احتراماتي لكم اعتذر لكم عن عدم ذكر ما دار من مناقشات بيني وبين الوزير الاول والامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل 
ـ الرئيس: وبينك وبين الحبيب عاشور؟

طلب مني الوزير الاول التدخل لدى الحكومة الامريكية لمساعدة تونس
ـ براون: انا لم ات لهذا الغرض، طلبتم مني سبب مجيئي فأجبت اني اتيت كملاحظ ولتقديم شهادة مكتوبة جاء فيها ان الحبيب عاشور طلب مني هو والوزير الاول ان اتدخل لدى الحكومة الامريكية لتزيد هذه الاخيرة دعمها الاقتصادي والعسكري لتونس وكان الحبيب عاشور طلب مني ذلك من قبل.
ـ الرئيس: كان بإمكان الحكومة التونسية ان تفعل هذا بنفسها ودون النقابات؟
ـ براون: يجب توجيه هذا السؤال الى الحكومة التونسية التي طلبت مني بنفسها ان ادعم طلبها الذي قدمته الى الحكومة الامريكية وهذا ما فعلته.
ـ الرئيس: هل طلب منك الحبيب عاشور اعانة في مجال الأسلحة؟
ـ براون: لمن؟ للنقابة؟
ـ الرئيس: هل حدثك في هذا؟

الوزير الاول كلف الحبيب عاشور بان يطلب مني التدخل وأنا وافقت
ـ براون: قال لي الحبيب عاشور بان الوزير الاول هو الذي كلفه بان يطلب مني التدخل لدى الحكومة الامريكية لدعم مطالب الحكومة التونسية.
ـ الرئيس: سؤالنا في غير هذا الموضوع، فهل طلب منك الحبيب عاشور التدخل لإمداد تونس بالسلاح او لاستعمال السلاح بتونس ضد دولة اخرى وهل حدثك عن جبهة الصمود والوحدة التونسية الليبية واتصاله بالقذافي؟
ـ براون: يجب ان يلقى هذا السؤال على الحبيب عاشور الذي كان مكلفا من طرف الوزير الاول.

٭ وهنا تدخل المحامون لابداء معارضتهم للترجمة التي قالوا عنها أنّها غير سليمة.
ـ براون: لقد فهمت السؤال اريد التأكيد بانه يجب احضار السيد الحبيب عاشور.
ـ الرئيس كيف تقول ان الحبيب عاشور هو الذي طلب منك التدخل لفائدة الحكومة التونسية في الوقت الذي كان من اللازم ان يقدم لك هذا الطلب الوزير الاول.
٭ ويتدخل هنا المحامون مرة ثانية ليعارضوا طريقة الترجمة ويعرض الاستاذ الهيلة فكرة تكليف العميد فتحي زهير بالقيام بالترجمة فتوافق المحكمة على ذلك ويؤدي الاستاذ فتحي زهير اليمين القانونية ثم يتواصل سماع السيد ارفينق براون.
ـ الرئيس: اذن اعيد ما هو موجب زيارتك لتونس؟
ـ براون: جئت للتشاور مع الحبيب عاشور في مسائل نقابية والتقيت ايضا بالوزير الاول والتحدث معه في نفس الموضوع.
ـ الرئيس: من الذي دعاك لهذه الزيارة؟
ـ براون: السيد الحبيب عاشور الامين العام للاتحاد.
ـ الرئيس: ماذا دار بينكما؟

يجب احضار عاشور ونويرة لاكشف لكم فحوى حديثنا الثلاثي
ـ براون: قلت انني تناقشت معه حول مشاكل نقابية واريد ان اكرر مرة اخر انني جئت اليوم لتقديم شهادتي لا غير وإذا اردتم ان احدثكم عما دار بيني وبين الحبيب عاشور والوزير الاول فانه يجب احضار كل منهما بهذه الجلسة.

في الصورتين أعلاه، يظهر ارفينق براون وقد استقبل على مدرج الطائرة من طرف عدد من القياديين التونسيين منهم على يمين القارئ الحبيب طليبة وصالح القلعاوي وفي الثانية يتلقى الشكر من الزعيم الحبيب عاشور بعد القاء كلمته في مؤتمر الاتحاد لسنة 1973 ويظهر على يمين القارئ المنصف بلحاج عمر وزير الوظيفة العمومية آنذاك وفي اقصى اليسارمحمد الناصر وزير الشؤون الاجتماعية أنذاك.

وهنا تدخل ممثل النيابة لإلقاء بعض الاسئلة على الشاهد.
ـ النيابة: نحن نعرف قيمتك ونرحب بك في تونس ونعرف مواقفك بالنسبة للإضراب العام، فهل تحدثت مع الحبيب عاشور حول الاضراب العام وشرعيته عندما التقيت به في بروكسل؟
ـ براون: لا اريد الخوض فيما قلته للسيد عاشور الا إذا كان حاضرا وانا لم احضر لهذا الغرض وانما لغاية واحدة وهي الادلاء بشهادة حول الروح الوطنية للحبيب عاشور وحبه لبلاده خاصة عندما طلب مني التدخل لفائدة تونس.

ممثل النيابة يسأل عن التحالف الموجود بين ليبيا والاتحاد؟
ـ النيابة: سألتك المحكمة هل كنت على علم بالتحالف الموجود بين الاتحاد وليبيا وأجبت بالنفي، افلا تعتبر ان هذا التحالف عمل سياسي؟
ـ براون: لم آت هنا للإجابة على هذه الاسئلة وانما للإدلاء بشهادة تبرز موقف السيد الحبيب عاشور من الناحية الوطنية عندما طلب مني التدخل لفائدة تونس وليس لفائدة فئات اخرى.
ـ الرئيس: هل طلب منك الحبيب عاشور التدخل لدى الحكومة الامريكية القائمة ام لدى حكومة او منظمة أخرى؟
ـ براون: لدى الحكومة الامريكية القائمة.
٭ الى هنا اقترحت النيابة العمومية الاكتفاء بهذا الاستجواب فوجهت المحكمة تشكراتها للشاهد الذي رد عليها بالمثل وعاد إلى مكانه بالقاعة.