أنس جابر... كتابة متواصلة للتاريخ
تواصل النجمة التونسية أنس جابر كتابة التاريخ بعد بلوغها الثلاثاء نصف نهائي بطولة ويمبلدون ثالثة البطولات الأربع الكبرى في التنس.
"العشر الأوليات هي فقط البداية". كانت تلك كلمات لاعبة التنس التونسية أُنس جابر حينما تسلّلت إلى المركز الثامن من التصنيف العالمي للاعبات المحترفات، قبل أن تكرّ السبحة وتحتل الوصافة كأول عربية وإفريقية في مسعاها إلى الصدارة، وتكتب التاريخ في ويمبلدون بكونها أول العرب الواصلين إلى نصف نهائي بطولة كبرى.
لا يحيد تركيز التونسية البالغة 27 عاماً عن مسارها الذي رسمته بانضباط وبارتباط وثيق ببلدها تونس الذي تفتخر بتمثيله.
لقيت التونسية إشادات عدة بإنجازاتها من قبل لاعبين كبار في كرة المضرب على غرار السويسري روجيه فيدرر والبريطاني أندي موراي والأميركية المصنّفة أولى عالمياً سابقاً بيلي جين كينغ.
ورغم تألقها أمام لاعبات من الصنف الأول وبلوغها ترتيباً متقدماً وثقتها الكبيرة التي تلازمها، ظلت اللاعبة وفيّة إلى مكان نشأتها.
ففي حوار سابق مع وكالة فرانس برس في تونس قبل انطلاق الألعاب الأولمبية في طوكيو الصيف الماضي، أكدت "دائما ما أقول لا شيء صعباً، يجب العمل والتعويل على الذات والإيمان بالقدرات".
ولفتت "أتحمل مسؤولية توقعات المتابعين لي، ليس فقط من تونس ولكن العرب وأفريقيا كذلك. هذا فخر لي بأن أشرّفهم".
وفي مبادرة منها قامت خلال شهر جويلية الفائت، ببيع مضربيها في المزاد العلني لشراء معدات طبية ومساعدة المستشفيات في بلادها التي شهدت موجة "تسونامي" من وباء كوفيد-19.
يعرف عنها جرأة وصرامة في اللعب ولا تتردّد في أن تتوقف عن اللعب في المباراة لتطلب من أحد المشجعين التزام الصمت لتتمكن من التركيز.
"ملكة الدروب شوت"
كانت بداية أنس في محافظة سوسة الساحلية شرق البلاد في ملاعب على ملك فنادق في المنطقة السياحية، ثم انتقلت إلى ملعب "نادي حمّام سوسة" في ذات المحافظة.
حينها اكتشف مدربها نبيل مليكة موهبة فريدة بشخصية "تحاول أن تكون المتميزة" على بقية رفاقها من البنات والأولاد كذلك.
بدأت تشد الأنظار نحوها خلال بطولة أستراليا المفتوحة في عام 2020 (78 عالمياً) وكانت أوّل لاعبة عربية تترشّح لأول مرة لربع النهائي في دورة غراند سلام.
وفي جوان 2021 (24 عالمياً)، فازت بدورة برمنغهام لتكون تبعاً لذلك أوّل لاعبة مغاربية تحقق هذا الإنجاز.
شيئا فشيئا حصدت التونسية المتحدرة من مدينة قصر هلال الساحلية "تجربة وثقة والعديد من اللاعبات أصبحت تخشين مواجهتي" في تقديرها.
وُلدت أنس أو "وزيرة السعادة" كما يلقّبها التونسيون في مدينة قصر هلال في 28 أوت 1994، في عائلة تتكون من شابين وفتاتين هي أصغرهم.
وانطلقت في لعب كرة المضرب منذ الصغر في مدينة حمّام سوسة. بدأت خطواتها الأولى بمركز النهوض بلعبة كرة المضرب في المدرسة مع مدربها آنذاك نبيل مليكة.
انتقلت جابر في سن الثانية عشرة إلى العاصمة تونس للتدرّب في المعهد الرياضي بالمنزه لتبدأ مشواراً جديدا في حياتها.
يبلغ طولها 1.67 م وترتكز في لعبها على يدها اليمنى. هي متزوجة من معدّها البدني ولاعب المبارزة بالسيف السابق كريم كمّون منذ عام 2015.
يُعرف عن أنس أن لديها أسلوب لعب خاص في طريقة التعامل مع منافساتها خلال المباراة وتبحث عن تقديم العروض الجميلة "هي تكره اللعب بنسق واحد، تبحث دائما على خلق الفرجة بتنويع اللعب بتسديدات تفاجئ بها الخصم، وخصوصا منها عبر الكرات الساقطة"، حسب مليكة الذي يؤكد انها "فعلا ملكة الدروب شوت منذ زمن".