آخر ساعة

الصحفي محمد بن رجب في ذمة الله وهذه آراؤه في السياسيين

الشعب نيوز / كاظم بن عمار/ تحيين - غيّب الموت مساء اليوم الاحد 17 سبتمبر 2023 الصحفي محمد بن رجب بعد صراع مع المرض .

الفقيد أصيل مدينة قليبية و قد أنهى مسيرته في جريدة الصباح بالقسم الثقافي و كان عضوا في عديد لجان تنظيم مهرجانات و جوائز فنية تونسية اهمها جائزة كومار الذهبي للرواية.

بالمناسبة، ننشرله جزء هاما من حديث صحفي مطول اجراه معه زميلنا محمد الهادي الوسلاتي ونشره على ثلاث حلقات في غضون شهر ديسمبر 2022. ولئن كانت آراؤه ومواقفه وكتاباته في الشان الثقافي معروفة لدى الجميع، فان الزميل محمد الهادي الوسلاتي استدراجه للحديث في كل ما هو سياسي فأدلى بمواقفه لشيء واحد اسمه «التاريخ».صوصا كبيرة.

 بعد 14 جانفي 2011 وجدناك ناقدا وكاتبا في مجال السياسة... وفي بعض الأحيان متهكما على السياسيين وخاصة اليساريين. فيما لم نعرف لك قبل الثورة كتابات في المجال السياسي. هل من توضيح؟

- الحقيقة أنني لست بعيدا عن مجال الكتابة في السياسة فمنذ كنت طالبا اهتممت بالسياسة ولما اشتغلت مراسلا لجريدة المدينة السعودية كنت سياسيا بامتياز رغم تركيزي على الثقافة لكن ليس من حق المراسل الصحفي أن يكون كاتبا ثقافيا وإن كان ذلك من مشمولاته وهو أمر محمود فيه. ولما أصبحت كاتب افتتاحيات في جريدة «الصباح» كتبت مئات المقالات في السياسة مع التركيز على الشؤون العربية وخاصة القضية الفلسطينية.

صحيح أنني لم أكتب في عهد بورقيبة في السياسة. ولم أكن معروفا بكتابة الافتتاحيات في عهد بن علي لأن القراء في تونس لا يهتمون كثيرا بالافتتاحيات في الجرائد. وقد تفلت منهم مقالات مهمة وأسماء جيدة في الكتابات السياسية. ولما تمّ انتدابي مديرا للإعلام في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم كنت كاتبا سياسيا بالضرورة وأمشي على صراط متعب جدا. نعم لست كاتبا مختصّا في السياسة لكني لست طارئا عليها ولم أكن متطفلا.

وبعد الثورة أحسست بضرورة أن ألعب دورا وطنيا بكتاباتي التي برزت فيها السياسة وبدأت أكتب منذ نهايات فترة بن علي وإلى اليوم فيمكن أن أتحدث عن أكثر من ألف مقال بعضها في شكل بحوث ودراسات حول بورقيبة وبن علي والنهضة واليسار. وفيها انتقدت اليساريين بشدة لما تركوا الجبهة تتحالف مع الباجي في ما سُمّي آنذاك بالاتحاد من أجل تونس الذي تلاعب به الباجي لمدة قصيرة ثم ألقى به بعيدا عنه لأنه اختار النهضة وتحالف معها لسنوات ليس من أجل تونس بل ليفتح الطريق لابنه المدلل ليكون رئيسا للبلاد.

فالباجي تصور أن الشعب التونسي زمن الثورة هو نفسه الذي كان يقبل بانتخابات تحت شعار لا إمساك ولا تشطيب، أي أن المواطن مطالب بالذهاب إلى صندوق الانتخابات لكن عليه أن لا يشطب أي اسم ويقبل بالقائمات التي يعرضها الحزب الحاكم كما هي.

إن أمر أغلب اليساريين منذ بداية الثورة حيّرني وأغضبني كثيرا فركزت عليهم وأبرزت أنهم لا يتعلمون الدروس من تاريخهم الطويل فقد ظهر الحزب الشيوعي التونسي مثلا في نفس الفترة التي ظهر فيها الحزب الدستوري بقيادة عبد العزيز الثعالبي وهذا دليل على عراقة اليساريين وتعلق التونسيين بالروح التقدمية منذ بدايات القرن العشرين. ولا ننسى أن التونسيين عرفوا النقابات العمالية مبكرا فلا يمكن أن ننسى أبدا حركة محمد علي الحامي والطاهر الحداد المساند له بقوة في العشرينات. ولا ننسى أن الاتحاد العام التونسي للشغل برز بحضوره الكبير منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بقيادة الزعيم الشهيد فرحات حشاد وبدعم كبير من الشيخ الفاضل ابن عاشور.

كلّ ذلك يجب أن لا يُنسى، إنما يجب أن ننسى تخبّطات اليساريين التونسيين ولا أقصد كل اليسار، فأنا أحب الكثير من اليساريين وأعرف الكثير منهم منذ كنّا طلبةً في الجامعة في بداية السبعينات. ولي صداقات قوية مع البعض منهم ومن المؤكد أن فيهم الآن من سيقرأ هذا الحوار ويتذكرني جيدا. لكن هذا لا يعني أن لا أعلن أنهم كانوا يخطئون في مساراتهم ولا يتعلمون من تجاربهم. فالثورة كانت فرصتهم التاريخية لكنهم أهدروها بأشكال مختلفة. وإن تركيزهم على القيادة التاريخية دون نقد صريح وبليغ معها جعلهم يخسرون الوقت والجهد والمال في ما لا يعني.

إلى حدّ الآن لا أحس بأن اليساريين على الطريق الذي نتمناه لهم ولليسار عموما باستثناء بعض الأسماء من «الوطد» وبالمناسبة أترحم على روح الشهيد شكري بلعيد الذي أعطى دفعا كبيرا للثورة برؤيته الثاقبة لذلك تفطن إليه الأعداء مبكرا فاغتالوه إذ كان خطرا عليهم وكان بمقدوره أن يعلي من شأن كامل جبهة اليسار

وللعلم فإني لم أنتقد اليساريين فقط بل كنت ضد الباجي ونداء تونس الذي تسبب في الأذى الكبير للشعب من خلال ضرب ثورته وإفسادها والارتباط بقوى الظلامية والفساد وعبرت عن الرفض الصريح للنهضة التي أبرزت أنها لم تكن معارضة للسلطة إنما كانت تبحث عن الكرسي. وما إن جلست حتى توضح أنها لا تختلف عن المفسدين الذين أطاحت بهم الثورة.

  لك الخاتمة كما تشتهي وأعوّل على رحابة صدرك...

- لا أريد أن أضيف شيئا آخر... أشكر جريدة الشعب على إتاحة هذه الفرصة لي لأتحدث إلى قرائها على امتداد 3 حلقات في سابقة قد تكون الأولى من نوعها وأختم بالقول بأني مريض وأتمنى من الله أن يشفيني ويعافيني.