دور المثقفين العرب في اذكاء جذوة المقاومة والصمود في وجه صلف وهمجية العدوان الصهيوني على غزة
الشعب نيوز/ المهدي الدالي:
ان خير ما ابدا به هذه المداخلة الموجزة هو ما جاء على لسلن الشاعر المصري حلمي سالم الذي عاش حصار بيروت في صيف 1982 ( العدوان بدا في 4 جوان حزيران 1982 وانتهى بتصفية وجود المقاومة الفلسطينية على ارض لبنان وتهجيرها نحو تونس والجزائر وليبيا وما عقب ذلك من جرائم لعل ابرزها ما حدث بمخيمي صبرة وشتيلا )...
يقول حلمي سالم في كتابه" الثقافة تحت الحصار": ( لم يستطع المثقفون الصامدون داخل حصار بيروت ان يبعدوا عن حلقهم طعم ثلاث مرارات استشعروها واشتد احساسهم بعلقمها كلما اشتد هول الهول وخراب الخراب ...كلما استبان بجلاء يوما اثر يوم وقوفهم ووقوف المقاتلين وحدهم في مواجهة الجحيم بلا سند ومعين:
-المرارة الاولى: كان منبعها صمت وعجز الدول العربية عن نصرة المقاتلين العرب الذين يواجهون عدو العرب الواحد
-المرارة الثانية : كان منبعها صمت وعجز الشعوب العربية عن الانتفاض والهبوب لنجدة او لدفع الانظمة العربية لنجدة الشعب الفلسطيني واللبناني من براثن الابادة الصهيونية
-المرارة الثالثة : كان منبعها صمت وعجز المثقفين العرب عن فعل اي تحرك ايجابي مؤثر يساهم بدرجة او بأخرى في رفع السكين عن الرقبة او في اشعار المحاصرين على الاقل بان هناك من بين العرب من يتضامن معهم في محنتهم الدامية...واذا كان بإمكان المثقفين المحاصرين ان يجدوا التفسيرات العديدة لصمت وعجز الدول العربية عن الفعل الحقيقي بما يجعل موقف هذه الدول متسقا مع طبيعة الانظمة فيها( رجعية عميلة ومطبعة ) فان المرارتين الاخريين ( موقف الشعوب العربية وموقف المثقفين العرب كانتا اشد ايلاما واقسى وطاة على المثقفين في داخل الحصار.
المثقفون داخل الحصار:هؤلاء كانوا في قلب المعركة بل ان الكثير منهم قد لبس البزة العسكرية وساهم في المعارك ومنهم من استشهد وهو يغطي بشاعة العدوان ووحشيته مثل الشهيدة نعم فارس التي كانت تحاور المقاتلين بجبهات القتال ...ويكفي ان نذكر اسماء مثل محمود درويش والدكتور حسين مروة وادونيس وعبد القادر ياسين وسعدي يوسف...الخ...اضف الى ذلك دخول معين بسيسو الى حصار بيروت... وعندما قتل خليل حاوي نفسه تذكر قراؤه ابياته القديمة...عندما ماتت الارض في عصر الجليد.. مات فينا كل عرق...يبست اعضاؤنا لحما قديدا...عبثا كنا نصد الريح والليل الحزينا...ونداري رعشة مقطوعة الانفاس فينا...رعشة الموت الاكيد...في خلايا العظم في سر الخلايا...في لهاث الشمس في صحو المرايا...في الخمرة في ما ترشح الجدران...في ماء الصديد...رعشة الموت الاكيد...وقالوا : لقد كان خليل حاوي يرهص مبكرا عندما قال هذه الكلمات في ديوانه (نهر الرماد ) بعصر الجليد العربي...وكان يصوغ حزنه من الصمت الجليدي العربي اثر اجتياح الكيان الصهيوني لأرض وطنه ولعله لو عاش ما نعيش من احداث لكان اطلق الرصاص على دماغه مائة مرة...
المثقفون خارج الحصار: لا اقول انهم لم يتحركوا بما استطاعوا ولكن اليكم قصيد معين بسيسو والراي رايكم في ما نحن فيه من هوان وعجز...عموا صباحا ايها الكتاب...لعلكم بخير ايها الكتاب؟ لعل اقلامكم بخير ايها الكتاب ؟ لعل نقادكم بخير ايها الكتاب ؟ لعلكم قد اكتشفتم صيغة جديدة لشعركم ايها الكتاب ؟ لعلكم تسمعون نشرة الاخبار ؟ لعل اطفالكم لا يخافون مثلما يخاف اطفالنا ...حين يسمعون نشرة الاخبار ؟ الخ...شخصيا اشعر بعجزي المخجل عندما اتذكر من ذهبوا الى فلسطين على الاقدام واكتفي على كثرتهم بذكر المرحوم الازهر الشريطي وليس الشرايطي ( شهيد الوطن والوطنية ) واتمنى على الاقل ان اساهم بما يفيد من هم تحت حصار غزة الشهيدة...لا ان ابيع اوهاما من بعيد...علينا بتقديم المفيد ولنترك شحذ الهمم الى مثقفي الداخل فهم قدموا ويقدمون المعجزات فضلا عن مساهمتهم المباشرة في المعركة.
مهدي الدالي ( طائر الفينيق ).
دار الثقافة ابن منظور بقفصة يوم الجمعة 20 اكتوبر 2023 .