هل يصنع التوتر في الشرق الاوسط روزفلت جديد؟
الشعب نيوز / صبري الرابحي - لم يكن الصراع ليأخذ شكله الحالي لولا تهوّر الكيان الصهيوني في ما يراه إقتصاصاً من إيران ومن حركة حماس بعملية قصّ جناحها السياسي الوازن والذي يمثّل ركناً أساسياً لتوازن الرعب الذي أخذ في التشكّل خلال الفترة الأخيرة.
إغتيال إسماعيل هنية في طهران بالذات فضلاً عن كونه إعتداء سافر على السيادة الإيرانية فإنه كان بلا شكّ تقويض ممنهج للخطّ السياسي لحركة حماس عبر رئيس مكتبها السياسي المغدور.
يوماً بعد يوم يتأكد بما لا يدع مجالاً للشكّ أن الصراع يتوسّع في إتجاهات لا يمكن تحديدها، بل أنه شكّل فرصة تاريخية للاعبين جدد أصبح تأثيرهم مفصلياً في مزيد توسّع الصراع.
* دخول روسيا على خطّ التوتر
كشفت الساعات القليلة الماضية عن وصول سيرغي شوغو الأمين العام لمجلس الأمن القومي الروسي إلى طهران في زيارة تحمل في طياتها تفاصيل مهمة حول دخول روسيا لواجهة الأحداث في الشرق الأوسط.
هذه الزيارة كان عنوانها الأبرز هو تدارس الردّ الإيراني ودعمه لوجستياً وعسكرياً، حيث لا يخفى على أحد ان التقارب الروسي الإيراني يحمل في طياته حضوراً مهماً لتحالفات جديدة فرضتها المرحلة.
إيران في إدارتها للصراع تضغط بتحالفاتها الاستراتيجية وإمتداداتها في المنطقة في كل من اليمن والعراق سوريا ولبنان، أما روسيا فتحاول فكّ العزلة المفروضة عليها من طرف من يدعون إلى أخلقة حربها على أوكرانيا ويغضّون الطرف عن عربدة الكيان الصهيوني في فلسطين والمنطقة برمتها.
* الموقف الأمريكي من تصاعد التوتر
كان الهجوم الأخير على قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار غربي العراق فرصة ذهبية ليتقاطع هاجس الأمن القومي للولايات المتحدة و الكيان الصهيوني.
هذا الهجوم الذي تنسبه الولايات المتحدة لتنظيمات تابعة لإيران في العراق كان فرصة لوزيري الخارجية الأمريكي والصهيوني ليؤكدا في معرض تناولهما للظرف الحرج على أنهما في خندق واحد يستدعي تعاونهما مؤكدين على تلازم المساعي لتأمين مصالحهم في المنطقة مما يرونه تهديداً للأمن القومي المشترك.
هذا الخبر يكشف أيضاً عدم تبني الولايات المتحدة الأمريكية لخطاب التهدئة أو حتى إحياء مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة والتي يمكنها تخفيف التوتر.
هنا يمكن القول إذن أنها تدفع نحو الصدام والمواجهة التي لا تحجب الجانب المصلحي في هذا الموقف.
* تأثير التوتر: التاريخ يعيد نفسه
في علاقة بالتوتر القائم في الشرق الاوسط وفي علاقة بإرتفاع أسعار النفط وحالة الركود التي يعيشها الاقتصاد الأمريكي عقب يوم الإثنين الفارط الذي أطلق عليه خبراء الأسواق المالية إسم الاثنين الأسود، يعود إلى الأذهان الخميس الأسود الذي كان المحرك الأبرز لدخول الولايات المتحدة للحرب العالمية الثانية وإستثمارها لنتائجها لتبني سيطرتها على العالم.
الرئيس فرانكلين روزفلت كان ولا يزال بطل الاقلاع الاقتصادي في التاريخ الليبرالي للولايات المتحدة الأمريكية عقب أزمة سنة 1929، لكن أدائه في البيت الأبيض بداية من منتصف الثلاثينات كان يحمل في طياته الوجه الجديد لإمارة الحرب الأمريكية.
حالة الركود الاقتصادي في عهد رئيسها الثالث والثلاثين شجّعت الولايات المتحدة الأمريكية على الاستثمار في الحرب من حيث صناعة وتصدير الأسلحة وتأجيج النزاعات وكانت النتيجة هي إنهاك إقتصاديات الدول والخروج بمشروع مارشال فيما بعد الذي إستطاعت من خلاله بناء إقتصاد عالمي أو لنقل نظام عالمي جديد إحتفظت لنفسها بوضع ملامحه وتصوراتها في ما نتج عنه الباكس أمريكانا.
* فرانكلين روزفلت جديد في الأفق
الحديث عن سياسات روزفلت يجرنا للمقارنة مع مجريات الأحداث اليوم، حيث تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية الاستثمار ككل مرة في الصراعات متعددة المحاور على مجالات بعيدة عنها وتستطيع أكثر من ذلك التكفل بالتسليح وإدارة الصراع من وراء حلف الناتو وحلفائها التاريخيين.
اليوم ومع الحديث عن "ساعة القيامة" تبدو المرحلة ملائمة لخطاب الاقلاع الاقتصادي من أنقاض الحرب على غزة ومثيلاتها إن وجدت في مربع الصراع.فالولايات المتحدة الأمريكية تداوم ككل مرة على خطاب معادٍ لإيران وتنظيمات المقاومة في دول المحور والتي لم يعد يخفى دعم روسيا لها.لتستطيع من خلال هذه المواجهة المرتقبة إستنزاف العملاق الروسي وحصره في المجالات الآمنة التي تمتدّ لها هيمنتها العسكرية.
منطقياً قد تستعجل الحديث عن أمن إسرائيل وأهميته لكنها ستدفع حتماً نحو المواجهة لتصبح رائدة إعادة الإعمار ودفع إقتصادها الوطني بأي شكل من الأشكال حتى لو كان على حساب الشعوب والإنسانية كما تفعل في كل مرة.
فهل سيكون روزفلت الجديد من معسكر الديمقراطيين تماماً كالنسخة الأصلية منه، أم سيكون جمهورياً يكشف خطابه الشعبوي عن تطرّف غير مسبوق كما يفعل دونالد ترامب في أصعب اللحظات التاريخية التي نعيشها اليوم.