2024 عام ضرب الحريات النقابية والتضييق على النقابيين والتنكيل بهم
الشعب نيوز / صبري الزغيدي - مثلت سنة 2024 سنة ارتفاع منسوب انتهاك الحريات النقابية والتضييق على النقابيين والتنكيل بهم سواء بالسجن والايقافات أو الملاحقات العدلية أو الإيقاف من العمل والطرد، وتتراوح هذه الانتهاكات بين القطاعات الثلاثة، القطاع العام والوظيفة العمومية والقطاع الخاص، وفي كل مناسبة تتخذ صيغا واشكالا حسب المؤسسة أو القطاع أو درجة الانتماء الهيكلي للمسؤول النقابي المعني.
ودون شك أن هذه الانتهاكات مهما كان مأتاها، السلطات أو الاعراف، هي متجاوزة لكافة القوانين المحلية وعلى رأسها الدستور فضلا عن معايير العمل الدولية المتعلقة بالاتفاقيات والمعاهدات التي صادقت عليها تونس، لتبقى هناك تحديات تتعلق بتطبيق تلك الحقوق على مستوى الواقع.
* المعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس
معلوم ان بلادنا صادقت على عدد من المعاهدات الدولية المتعلقة بالحريات النقابية ، ومنها اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 (1948) - حرية تكوين النقابات وحمايتها، والتي تنص على حق العمال وأرباب العمل في تكوين النقابات والانضمام إليها بحرية، وحمايتهم من التدخل في شؤون النقابات. مضمونها حماية الحريات النقابية وتفادي أي تدخل حكومي أو تمييزي ضد النقابيين، وقد صادقت عليها تونس في جوان 1957، الى جانب اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 98 (1949) المتعلقة بحق النقابيين في التفاوض الجماعي ومضمونها يلزم الدول الموقعة بتوفير آليات فعالة لضمان الحق في التفاوض الجماعي وحماية النقابيين من الإجراءات الانتقامية، وقد صادقت عليها تونس في ماي 1957.
إلى ذلك، صادفت تونس سنة 2007 على اتفاقية منظمة العمل الدولية عدد 135 المتعلقة بتوفير الحماية والتسهيلات لممثلي العمال في المؤسسات والتي تهدف إلى ضمان حماية و توفير التسهيلات اللازمة لممثلي العمال في المؤسسات بما يمكنهم من أداء مهامهم النقابية بحرية و دون التعرض لأي تمييز أو مضايقات، الى جانب الاتفاقية عدد 144 وهي اتفاقية المشاورات الثلاثية لتعزيز تطبيق معايير العمل الدولية والتي تهدف إلى تعزيز الحوار الثلاثي بين الحكومات و أصحاب العمل و العمال لضمان تطبيق معايير العمل الدولية وتطويرها وصادقت عليها تونس في فيفري 2014، علاوة على الاتفاقية عدد (151) الخاصة بحماية حق التنظيم النقابي وإجراءات تحديد شروط الاستخدام في الخدمة العامة، والتي تضمن حماية حق التنظيم النقابي للعاملين في الخدمة العامة مع وضع إجراءات لتعزيز الحوار الاجتماعي و تحسين شروط العمل بما يكفل حرية المفاوضة الجماعية ويمنع أي تدخل أو تمييز يخص الحقوق النقابية، وصادقت عليها تونس في فيفري 2014.
* الايقافات والتتبعات الجزائية
للاسف، تورطت سلطة 25 جويلية إلى جانب العشرات من أصحاب العمل في دائرة من الانتهاكات والتجاوزات وضرب الحرية النقابية التي تكفلها التشريعات الوطنية والمعاهدات الدولية، ودخلت في نفق مظلم من التتبعات الجزائية والايقافات والاعتقالات والطرد من العمل التي طالت النقابيين إلى جانب إنهاء التفرغ النقابي ومنع ممارسة العمل النقابي بأماكن العمل واتخاذ إجراءات تأديبية والتضييق على الحريات النقابية وهرسلة القيادات النقابية وتشويههم.
وفي استعراضنا لتفاصيل الانتهاكات التي تعرض لها النقابيون، يمكن أن ننطلق مع الأخ الصنكي الاسودي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين الذي مازال إلى اليوم موقوف في السجن بتهم كيدية وملفقة، ثم مع 73 مسؤول نقابي من جهة صفاقس من ضمنهم اعضاء بالمكتب التنفيذي الجهوي وعلى رأسهم الكاتب العام الاخ يوسف العوادني وتتراوح أشكال هذا الانتهاك بين الايقافات الوقتية أوفتح التتبعات الجزائية والعدلية بتهم كيدية.
ويتواصل فيلم الانتهاكات وهذه المرة في وزارة الشؤون الثقافية، حيث طال ضرب الحق النقابي نقابيات ونقابيين واعضاء نقابات اساسية وذلك بالعزل من العمل بسبب نشاط نقابي أو دعوات لكشف ملفات فساد ويتقدم هذه المجموعة الأخ الناصر بن عمارة الكاتب العام للنقابة الأساسية بالوزارة وعضو الجامعة العامة للثقافة المعزول من العمل والملاحق قضائيا، ليتواصل هذا التنكيل برغيف خبز النقابيين في الوزارة إلى اليوم.
وفي فيفري الفارط، اقدمت السلطات القضائية التونسية على إيقاف الأمين العام المساعد الأخ الطاهر المزي والتحقيق معه حول موضوع التفرغ النقابي ثم إطلاق سراحه بعد 24 ساعة ومنعه من السفر، وفي 10 مارس 2024 قررت وزارة التربية اتخاذ إجراءات إدارية تأديبية ضد الكاتب العام للفرع الجامعي للتعليم الأساسي بصفاقس ودائما على خلفية النشاط النقابي قبل أن يتم الغاء تلك القرارات اثر تضامن نقابي جهوي ووطني واسع.
في الاثناء، ووسط تواصل هذه الانتهاك، تقرر السلطات في 19 افريل الفارط إطلاق سراح النقابي بشركة الطرقات السيارة الأخ أنيس الكعبي بعد إيقافه 14 شهرا بسبب نشاطه النقابي، كما قررت إعادة تكييف التهم ورفض الصفة الجنائية، أما في 27 ماي عمدت إدارة مركز النداء دينامو rc بسليانة على طرد مجموعة من العمال بسبب تنظيمهم لاحتجاجات على تأخير صرف اجورهم، كما اقدمت السلطات في نفس اليوم على إيقاف النقابي بسيدي بوزيد الأخ عبد القادر منصور اثر تدوينة على الفايسبوك حول زيارة رئيس الدولة إلى الجهة.
في السياق ذاته، كان الأخ عبد الحميد الشريف الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بباجة معرضا بدوره للملاحقة القضائية ولعقوبة سجنية بتهمة باطلة وملفقة، الى جانب النقابي الأخ بسام بن تركية كاتب عام نقابة اساسية واعضاء المكتب النقابي لشركة الفراسات والبستنة بجهة قبلي الذين كانوا عرضة لفتح تتبع جزائي اثر قيامهم بتحرك احتجاجي سلمي للمطالبة بحل عدد من المشاكل المهنية والاجتماعية العالقة، علاوة على اعضاء المكتب النقابي لسواق القطار بصفاقس الذين تعرضوا لفتح بحث قضائي بسبب نشاطهم النقابي.
هذا وعمدت السلطات إلى فتح تتبع جزائي ضد الأخ جبران بوراوي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بتونس، وإنهاء التفرغ النقابي ونقلة تعسفية والابعاد عن مكان تحمل المسؤولية النقابية ضد كل من الاخوين عمار الزين الكاتب العام للجامعة العامة للفلاحة وعبد الله القمودي الكاتب العام للجامعة العامة للتخطيط والمالية، واخر هذه الانتهاكات ما تعرض له الأخ جمال الشريف الكاتب العام للاتحاد المحلي بالسبيخة وعدد من عاملات مصنع النسيج بمنطقة المتبسطة باعتقال الأخ جمال وايقاف العاملات عن العمل بتهمة الصد عن العمل وهي التهمة الباطلة والتي أصر عليها صاحب العمل في عداوة واضحة للاتحاد العام التونسي للشغل وللعمل النقابي.
وحتى لا ننسى ولاتلهينا الاحداث، وجب ان نتوقف على المظلمة التي تعرض لها الراحل عبد السلام العطوي الكاتب العام للشؤون الدينية هو ورفاقه من عزل عن العمل وسرقة رغيف الخبز بسبب بسالتهم في الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية لاعوان القطاع…ليموت الأخ عبد السلام العطوي قهرا وكمدا.
تابعوا اخباركم و صوركم عبر الروابط التالية :
إيكس : https://x.com/echaabnewstn