دولي

غضب شعب الجبّارين مشروع وعلى المقاومة فهمه وتفهمه، لكن محاولة الايقاع بين المقاومة وحاضنتها الشعبيّة خيانة للحق الفلسطيني

الشعب نيوز / خليفة شوشان - عندما ينتصب المستعرب الصهيوني "ادوارد حاييم كوهين حلاله" المعروف باسم "إيدي كوهين" وصديق فضائيات التطبيع الناعم والوقح الخليجيّة محرّضا يدعو أهالي غزّة إلى الانتفاضة ضد المقاومة الفلسطينيّة التي مرغت أنوف قادته في رمال غزّة - بقطع النظر عن نسبة المنشور الأخير له، فقد سبق له أن تحدث في الاتجاه نفسه منذ انطلاقة طوفان الأقصى محرضا أهالي غزة على التمرد على المقاومة - وعندما تتحول قنوات التطبيع الخليجية إلى منصات لنقل مسيرات الغضب والإحباط لبعض الفلسطينيين، المعذورين إنسانيا، والمطحونين تحت آلة الموت الصهيونيّة والتآمر الدوليّة والخذلان العربيّة والذين يملكون وحدهم الحقّ الحصري في تقييم المقاومة وتحديد أشكالها وضبط تكتيكاتها السياسيّة.

وتستغلّ اللحظة لتوجيه الرأي العام الفلسطيني والعربي والدولي وتحويله الى خنجر في خصر المقاومة من خلال التركيز وتضخيم بعض الشعارات الطاعنة في المقاومة والصمت على الشعارات المنددة بالحصار والتجويع والابادة الجماعية التي يمارسها العدو الصهيوني، متغافلة عن حقيقة أن الذين علت أصواتهم غضبا واحباطا من الأهالي هم أنفسهم من تحملوا بجوعهم وعطشهم وبردهم وتشردهم ودمهم المراق ولحمهم المفروم العدوان الفاشي الصهيوني لأكثر من سنة ونصف ولم يخذلوا أبناءهم المقاومين ومثلوا حاضنتهم وسندهم، مجسدين أعلى عناوين التعالي على أوجاعهم وهم الذين يعيشون في ظروف قاهرة تحت الحصار والتجويع والتطهير العرقي التي لم يشهدها أي شعب على وجه الأرض على امتداد أكثر من قرن من الزمن.

بل لعلّ هذه القنوات الوظيفية المجندة لخدمة الدول التي ترسم خطوطها التحريريّة هي نفسها من مهدت لهذه الدعاية القذرة والسمجة رغبة في تفجير الوضع الداخلي الفلسطيني منذ أسبوعين حين ركّزت حملاتها التشكيكيّة منذ استئناف العدوان، وسعت قصارى جهدها إلى تحميل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة "حماس" المسؤولية عن عودة العدوان ووزر جرائم الاحتلال والمآسي الإنسانية التي سبّبتها وتسببها في حقّ البشر والشجر والبنية التّحتية. 

ما حدث خلال الساعات الأخيرة في غزّة ومع كل التفهّم للعفويّة التي عبرت من خلالها جماهير الشعب الفلسطينيّة لا يمكن فهمه دون الانتباه إلى رائحة التوظيف القذرة البعدية أو القبلية في جزء منه وتنزيهه من تدخل الاصابع الاستخباراتية للعدوّ المرتبك الذي استنزف كل أوراقه العسكريّة ويسعى كل جهده لاستثمار أي حدث وتوظيفه في سعيه إلى تركيع المقاومة الصامدة رغم كل الخسائر والمآسي الإنسانية والكلفة غير المسبوقة التي طالت أهالي غزّة.

كل ما تقدّم يستدعي من المؤمنين بخيار المقاومة الفلسطينية باعتبارها أنبل ظاهرة في تاريخنا العربي المعاصر والسبيل الوحيد المتبقي لاسترجاع الحقّ المغتصب الانتباه وعدم الانجرار وراء الدعاية المضلّلة الصهيونية المدعومة من "الإخوة الأعداء" الذين كشفوا أكثر وجوههم الخيانية قذارة وهم يستعجلون طيّ صفحة المقاومة الفلسطينية والدخول في عصر التسيّد الصهيوني على المنطقة وتوقيع صفقة القرن، صفقة الاستسلام للعدو والتسليم له. يقيني الذي لا يطاله الشكّ أن الغاية من هذا السيناريو المفضوح الذي استغلّ ردّة فعل طبيعية ومشروعة واضحة وهي خلط الأوراق لضرب العلاقة بين المقاومة وحاضنتها الشعبية في مقتل، استنساخا للسيناريو الذي سعوا إلى تمريره في لبنان ضدّ المقاومة، بعد أن نجحوا في ضرب ومحاصرة كل حواضن المقاومة الإقليمية في ساحات الإسناد العربية والاقليمبة، وتكفّلت إدارة ترامب بالعمل على إسكات جبهة الإسناد الأخيرة اليمنيّة. الانتباه لهاذا المخطط بات جزء من ثقافة الصمود ودعم المقاومة والتصدي لثقافة الهزيمة، وما علينا سوى كشفه وفضحه حتى لا نكون شركاء في أكبر الطعنات التي توجه إلى المقاومة وعلى رأسها حركة "حماس" بعد أن تكفلت جامعة الموت السريري العربيّة في قمتها الأخيرة بوضع اللمسات الأخيرة لمقايضة المقاومة بين الاستسلام وتسليم السلاح أو الابادة الجماعية والتهجير.

في الأخير كلمة لا بدّ من قولها بكلّ وضوح لبعض من التبست عليهم الساحات ونخرت في وعيه دودة الطائفية حماس غير الإخوان وجناحها العسكري المشتبك ميدانيا صحبة رفاقهم من الفصائل الفلسطينية حسم علاقته بهذا التنظيم في وثيقته السياسية التي أصدرها سنة 2018 واختار الشهيد يحيى السنوار والانحياز لمحور المقاومة واعلان حماس الداخل جزء من المقاومة الوطنية الفلسطينيّة وجزء من حركة التحرر الوطني ضدّ الاحتلال الصهيوني قدمت خلال مسيرتها النضالية آلاف الشهداء يتقدمهم القادة المؤسسون، بعض الشعارات المرفوعة التي تتهم حركة حماس "بالايرانيّة والشيعيّة" لا تترك لنا مجالا للشكّ في أنّها فصّلت على مقاس المزاج الخياني العربي والاقليمي وطبخت على نار طائفيّة حارقة نرى شراراتها تلتهم سوريا ولبنان واليمن وتخنق بسموم دخانها كلّ نفس وطني مقاوم. فلا تحمّلوا المقاومة الفلسطينية وحركة "حماس" وزر خطايا الإخوان وخياناتهم.