من بين الممضين أدونيس والشرفي والحداد : رسالة حول فلسطين من مثقفي العرب الى مثقفي الغرب
الشعب نيوز / ناجح مبارك - في ظل المواجهات الدموية والعدوان ا.لـ.صـ.هـ.يـ.و.نـ.ي الغاشم على الاراضي الفلسطينية بين غـ.ز.ة والضفة الغربية وتوالي القتل الممنهج للابرياء توجه عدد من مثقفي العرب من بلدان المغرب العربي وسوريا ولبنان والعراق ومنهم من يعيش ببلاد المهجر برسالة تكشف ضرورة عدم الانحياز الا للعقل والمنطق والقيم الانسانية.
ومن بين الممضين عليها من تونس عبد المجيد الشرفي ومحمد الحداد ومنصف الوهايبي ومن سوريا أدونيس ومن لبنان مارسال خليفة وبلغ عدد المثقفين الممضين 87 مثقف من روائين وباحثين وفنانين تشكيليين وهذا نصها :
" بمناسبة المواجهات التي تجري بين المقاومة الفلسطينية و قوى الإحتلال ا.لـ.صـ.هـ.يـ.و.نـ.ي في قطاع غـ.ز.ة و محيطه ، وفي مناسبات أخرى من المواجهة سابقة ، كنا ننتظر - نحن المثقفين العرب - من مفكري بلدان الغرب و أديانها و فنانيها أن يقابلوا نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه الوطنية المشروعة و العائدة بالنصرة و التأييد ، أسوة بما تفعله قطاعات إجتماعية حية من شعوب بلدان الغرب من خلال تظاهراتها المناصرة للحقوق الفلسطينية ، و المنددة بممارسات القمع و القتل و الإستيطان و الحصار و تغيير المعالم التاريخية و الدينية لفلسطين ، التي يقوم بها ا.لـ.كـ.يـ.ا.ن ا.لـ.صـ.هـ.يـ.و.نـ.ي في الأراضي الفلسطينية المحتلة ،بل و أسوة - أيضا- بالمواقف المبدئية المشرفة التي يفصح عنها قسم من المثقفين و المبدعين و الأكاديميين في أوروبا و أمريكا بشجاعة أدبية عالية .
لقد كنا ننتظر ذلك من مثقفي الغرب لأنا نرى فيهم الفئة الحية المؤتمنة ، في مجتمعاتها ، على حماية المبادئ و القيم الكبرى التي صنعت الحضارة الإنسانية الحديثة و المعاصرة ، و لأننا نتقاسم و هؤلاء المثقفين الإيمان بالمبادئ و القيم الإنسانية عينها كالحرية و العدالة و المساواة و حقوق الإنسان و حماية الكرامة الإنسانية و نبذ التعصب و العنصرية و نبذ الحرب و الدفاع عن السلم و رفض الإحتلال و الإعتراف بحق الشعوب في إسترداد أراضيها المحتلة و في تقرير المصير و الإستقلال الوطني ... إلخ ..
و لا يشعر المثقفون العرب بوجود فجوة هائلة بينما تميل الثقافة في الغرب إلى الإفصاح عنه من رؤى و تصورات و مواقف تتمسك بمرجعية تلك المبادئ ، نظريا، و ما تترجمه مواقف القسم الأعظم من المثقفين في الوقت عينه من ميل إلى مناصرة الجلاد المُعتدي على حساب حقوق الضحية المُعتدَى عليه و المُحتلًّة أرضه ، أو من الصمت على جرائمه المتكررة ...
فهم يشعرون في الآن نفسه بالفجوة الهائلة بين مبدئية مواقف مثقفي الغرب في شأن قضايا أخرى في العالم نشاطرهم الموقف في ماهو عادل منها و بين لواذهم بالصمت و التجاهل حين يتعلق الأمر بقضية فلسطين و حقوق شعبها في أرضه ، الحقوق التي إعترفت بها قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة و ما أغنانا عن القول إن الفجوتين هاذين تترجمان مشكلا ثقافيا قائما على قاعدة سياسة " إزدواجية المعايير" ، الأمر الذي نستقبحه لأنه يمس في الصميم ن رسالة الثقافة و المثقفين .
إذا كانت السياسات الرسمية الغربية المماثلة لـ.لـ.كـ.يـ.ا.ن ا.لـ.صـ.هـ.يـ.و.نـ.ي ، و المتسترة على جرائمها ، تبغي تزوير نضال الشعب الفلسطيني و حركته الوطنية من طريق تقديمه بوصفه " إرهابا" ، فينبغي أن لاينساق قسم من مثقفي الغرب إلى لوك هذه المزعمة الكاذبة لأن لهؤلاء الذي يروجونها من السياستين مصالح من وراء ذلك لاصلة لها بمصالح شعوبهم و لا بمصالح مثقفيهم ، ناهيك بأن إتهام المقاومة ووصفها ب"الإرهاب" إنتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي الذي يقر بحق الشعوب في تحرير أراضيها المحتلة بالوسائل كافة ، بما فيها المسلحة ، إن مثل هذا الخلط المتعمد بين المقاومة و الإرهاب لن يكون من شأنه سوى تسويغ الإحتلال و تسفيه كل مقاومة مشروعة في التاريخ الحديث و تزوير مضمونها الوطني ، فهل يوجد في بيئات المثقفين في الغرب ، من هو مستعد فكريا و نفسيا و أخلاقيا لأن يصف المقاومات الوطنية في أوروبا للنازية و النازين بأنها حركات إرهابية ؟
نتوجه إلى نظرائنا من المثقفين و المبدعين في الغرب بالدعوة إلى حوار مشترك حول القيم و المبادئ المشتركة المومأ إليها في هذه الرسالة و حول موقع قضية فلسطين منها و حقوق شعبها في أن يتمتع بنواتج تلك المبادئ بدون إقصاء أو حيف من نوع ذلك الذي تفعله سياسات حكومات بلدان الغرب ، و يسوغه صمت المثقفين عنها .
و نحن على ثقة بأن الضمير الثقافي خليق بأن يصحح الرؤى الخاطئة و الهفوات التي يقع فيها كثير من أهل الرأي و الإبداع في الغرب و أولها تلك التي نسجت طويلا حول فلسطين و حقوق شعبها و حول حركة التحرر الوطني الفلسطينية من أجل أن يستقيم الموقف الثقافي من هذه القضية على قاعدة مرجعية المبادئ الكبرى الإنسانية بصدق و شفافية بعيدا عن كل نفاق أو خداع أو غزدواج في المكاييل ، و هذا ما تهدف إليه هذه الرسالة التي يحرص موقعوها على وجوب إبطال هذا الميز في تطبيق أحكام تلك المبادئ على الشعوب و الأمم"