دولي

لايستقيم أيّ عقد اجتماعي لا ينبني على الحرص على تحقيق العدالة الاجتماعية

الشعب نيوز/ المحرّر- ألقى الأخ نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل كلمة يوم 12 جوان 2024 وذلك في إطار  الجلسة العامّة  للدورة 112 لمؤتمر العمل الدولي - جينيف 2024 ،  تمركزت حول ثلاثة محاور رئيسية دوليا ووطنيا وإقليميا وجاء فيها:

1/ الحاجة إلى عقد اجتماعي دولي أكثر من ضرورة

أودّ في البداية أن أهنّئ السيد "ألكساي بوزو Alexei BUZU" على انتخابه رئيسا للدورة 112 لمؤتمر العمل الدولي متمنّيا لأعمالنا النجاح.

لقد جاء تقرير السيد المدير العام لهذه الدورة بعنوان: "من أجل عقد اجتماعي جديد" معبّرا عن هذه الرغبة في إعادة الاعتبار لمفهوم العقد الاجتماعي، وإعادة صياغته وفق التغييرات الطارئة على عالم العمل، وما نجم عنها من اختلالات كبرى خلال العقود الماضية وذلك على المستويين الوطني والدولي.

لقد أفضت سياسات الحوار الاجتماعي منذ فترة إلى إبرام عقود اجتماعية وإلى مناخ من الاستقرار وتطوير وسائل الانتاج وتوفير مناخ مناسب للتقدّم العلمي والتكنولوجي وتحسين مستوى العيش والخدمات لملايين البشر وانتزاع عديد الحقوق لصالح العمّال وفي مقدّمتها الحقّ النقابي والحقّ في المفاوضة الجماعية.

غير أنّ ما تحقق من رخاء اجتماعي وتقدّم علمي وازدهار اقتصادي لم يخضع لمبادئ العدالة والمساواة. بل تمّ توظيف ما تحقّق لتكديس الثروة بيدِ دول وأفراد قلائل وتوسيع الهوة بين الدول الفقيرة والدول الصناعية المتقدّمة على جميع الأصعدة. ولا أُبالغ حين أقول اليوم أنّنا نبتعد كلّ يوم أكثر عن تحقيق العدالة والأمن والسلام للجميع وهو واقع يعبّر عن نفسه من خلال تفاقم النزاعات والعنف والحروب والتعامل مع قضايا العدل والحقّ في العالم بسياسة المكيالين والمعايير المزدوجة.

     إنّنا بحاجة إلى عقود اجتماعية بين الدولة والمجتمع من ناحية وبين مختلف الشركاء الاجتماعيين من ناحية أخرى لتحقيق العدالة والمساواة وضمان الحريات داخل كلّ بلد.

ولكنّنا بحاجة ملحّة أيضا إلى عقد اجتماعي دولي من أجل توزيع عادل للثروة.. عقد اجتماعي دولي ملزم لكل الدول، يقلّص الفوارق بين الشمال والجنوب ويخلّص البشرية من مخالب الفقر والتخلّف ومن مظاهر العنصرية والاستبداد.

2/ الاتحاد لن يقبل باستمرار انتهاك الحق النقابي في تونس

إنّ إبرام العقود والمواثيق سواء على المستوى الوطني أو الدولي يتطلّب حوارا صادقا ومتكافئا بين الأطراف المعنيّة دون املاءات أو ممارسة أيّ شكل من الإقصاء أو الضغوط. وفي هذا المجال، وإذ نثمن التفاعل الإيجابي للجنة الخبراء مع تقرير الاتحاد حول الانتهاكات في تونس وإدراج الحكومة التونسية ضمن قائمة الانتهاكات للحقّ النقابي ونشكر كلّ النقابات والاتحادات العمالية التي ساندتنا ونستنكر استمرارها في سياسة الإنكار والهروب إلى الأمام، فإنني أريد أن أُلفت نظر هذا المؤتمر في دورته 112 إلى الاجراءات التعسفية  التي اتّخذتها الحكومة التونسية في السنوات الأخيرة والتي تتنافى ومبادئ الحقوق النقابية والحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية كما وردت بمعايير العمل الدولية. فلقد تكرّرت الانتهاكات واستهداف استقلالية العمل النقابي ومصداقية الحوار الاجتماعي وضرب المفاوضة الجماعية وأضرّت كثيرا بحقوق العمال ومكاسبهم.

وقد تجلّى ذلك في سلسلة الاعتقالات والمحاكمات التي استهدفت النقابيين وفي عدم الالتزام بتطبيق الاتفاقيات المبرمة وفي رفضها للحوار والمفاوضة مع النقابات.

وعلى هذا الأساس من واجب الحكومة التونسية استئناف الحوار فورا مع الاتحاد العام التونسي للشغل ووقف الانتهاكات والتضييقات والمحاكمات فلم يعد ممكنا السكوت عنها، حماية لاستقرار تونس وتقدّمها وتحقيقا لتضحيات شعبها وعمالها في مجال الديمقراطية والحريات عموما، والحقوق والحريات النقابية بالخصوص.

3/ على منظّمة العمل الدولية الاعتراف بدولة فلسطين وإنهاء حرب الإبادة ضدّ الشعب الفلسطيني

إنّ ما يتعرض إليه الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية ومن تدمير ممنهج لكلّ مظاهر الحياة الإنسانية يقيم الدليل على أنّنا مازلنا بعيدين عن العدالة والسلام والأمن.. ولولا هذا الظلم الذي تحميه الدول الغربية العظمى ولولا اعتمادها لسياسة المكيالين وتجاهلها لقرارات الأمم المتحدة بشأن الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ومعاناته تحت الاحتلال، لما كان لمأساة الشعب الفلسطيني أن تتفاقم وتستمرّ وما كان لهذه الدماء أن تسال وهذا الدمار أن يحصل.

وأمام تواصل المذبحة بغزّة والضفة الغربية، ندعو المدير العام لمنظّمة العمل الدولية ومجلس إدارتها إلى إرسال لجنة تحقيق حول انعكاسات هذه الحرب على الشعب الفلسطيني وعلى أطراف الانتاج بغزّة وبالضفة الغربية، والضغط لوقف الحرب فورا وانسحاب قوّات الاحتلال الصهيوني منها والاعتراف بدولة فلسطين كاملة الحقوق بالأمم المتحدة والتحرّك العملي من أجل تكريس حقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته الوطنية المستقلّة وعاصمتها القدس الشريف.